المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 6/3/2019
قام وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، بكل ما يمكنه القيام به لمساعدة النفط على تحقيق أفضل رالي (صعود بعد انخفاض) منذ سنوات، وتراوح ما قام به الفالح من مقابلات في أوقات مناسبة جدًا لتحريك السوق، وخطابات تتناقلها وسائل الإعلام، وانتهاءًا بخطة تخفيض الإنتاج التي تنتهجها السعودية مع دول الأوبك+. بيد أن الاقتصاد الصيني غير المستقر ربما يبدد هذا العمل الشاق الذي قام به الفالح.
عندما أعلن الفالح في ديسمبر عن عزم تحالف الأوبك+، المكون من 25، على تخفيض الإنتاج اليومي 1.2 مليون برميل يوميًا، وقف في وجهه منافسان رئيسيان، هما: عمليات الحفر والتنقيب عن النفط الصخري الأمريكي، التي نجم عنها استخراج كميات نفط تزيد على ما يحتاجه العالم، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي بدا عليه الخوف من ارتفاع أسعار ضخ البنزين، وكان مهتمًا بالأسعار أكثر من اهتمامه بأرباح شركات الطاقة الأمريكية أو الشركات القومية النفطية الأجنبية والدول المشرفة عليها.
وتمكن وزير الطاقة السعودي حتى الآن من احتواء أعداء الصعود هؤلاء، والمحافظة على الارتفاع بنسبة 25% الذي حققه النفط منذ بداية العام.
وكرر الفالح كلامه حول الإنتاج المرتفع والضرر الذي يلحقه بالصناعة، وأقنع بعض شركات النفط الصخري من تقييد الإنتاج بعض الشيء، ومنع إنتاج النفط الأمريكي من الوصول لمستويات قياسية.
كما اتسم رده على ترامب بالكياسة والقوة في الوقت نفسه، فقال ترامب إن الأوبك عليها ألا ترفع السعر بخفض الإنتاج مجددًا، كما فعلت في صيف 2018، وأخبر السوق أن منتجي النفط في الأوبك يتحكمون في توازن العرض-الطلب.
عدو غير متوقع للأوبك: الصين
ولكن لاح عدو جديد لخطط الأوبك في الأفق لم يكن بإمكان الفالح مساومته، وهو: الاقتصاد الصيني المتراجع، والأزمات التي تستمر تواجهه في طريق التوصل لاتفاق تجاري مع الولايات المتحدة.
تستمر الاختلافات قائمة بين أكبر اقتصادين في العالم، وتلقي تلك الاختلافات بظلالها على النفط، وعلى أصول المخاطرة كافة، مما يترك الرياض، وتحالف الأوبك+ في عجز عن فعل أي حركة للحفاظ على رالي النفط، غير الاعتماد على تعميق تخفيضات الإنتاج.
واختصرت شركة الأبحاث في نيويورك، Energy Intelligence، الموقف اختصارًا دقيقًا بقولها في مذكرة هذا الأسبوع:
"على الأوبك الكفاح ضد العوامل الكبيرة خارج نطاق سلطة التحكم، والتي يمكن أن تزعزع أفضل الخطط التي وضعتها المنظمة.
فاستطاعت الأوبك ولـ 60 عام أن تتولى إدارة سوق النفط، وتقدر على تضييق السوق، وقالت الوكالة إن الأوبك باستطاعتها تحويل ما يحدث لعقود برنت وغرب تكساس الوسيط من التأجيل إلى التسليم المؤجل، وتخبر الأسواق بقدرة خطة تخفيض الإنتاج على سحب الإمدادات من البراميل المخزنة على الشواطئ، وفي المركبات العائمة في أنحاء العالم.
ويعد التأجيل أحد ديناميكيات السوق، وفيها يكون صفقات أقرب شهور التسليم متداولة بتخفيض بالنسبة لأقرب شهر يليها، مما يسجل خسارة بالنسبة للمستثمر الذي يتحول من عقود أقرب شهور التسليم للعقود الآجلة باقتراب استحقاق الشهر. بينما التسليم المؤجل هو العكس من التأجيل، فيعمل على إضافة عائد على الانتقالات.
وذكرت الشركة أيضًا أن أداء النفط اليومي تحدده أسواق الأسهم:
"وتأخذ أسواق الأسهم أوامر من التقدم الذي يحرزه الطرفان الصيني والأمريكي في المحادثات التجارية."
وأضافت:
"فإذا حدث تدهورًا في الصورة الاقتصادية الأكبر، يمكن أن يترك هذا الأسواق عرضة لتراكم الإمدادات، وتراكم السلعة في المستودعات."
وتنبع المخاطر الاقتصادية تلك من تدهور المحادثات بين الصين والولايات المتحدة، وليس من المخاوف حول إقدام الأوبك على تخفيض الإنتاج مزيدًا من التخفيض اللازم للسوق، والخوف من التدهور هذا يمنع وصول خام غرب تكساس الوسيط لسعر 60 دولار للبرميل، ومن وصول برنت إلى سعر 70 دولار.
هل يهبط النمو الصيني لنسبة 2% على المدى الطويل؟
تنتشر أنباء الآن حول خطط صينية تهدف لتدعيم الوضع الاقتصادي مرة أخرى هذا العام، وتتوقع الصين نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 6% إلى 6.5%، وهي النسبة الأقل في ثلاثة عقود. ويمكن أن يهبط نمو الناتج المحلي الإجمالي لنسبة 2% خلال العقد القادم، وإذا وقع هذا سينتهي عصر الأداء الصيني المتفوق، كما يقول مارك ويليامز، رئيس تحليلات الاقتصاد الآسيوي في شركة الأبحاث الاستشارية Capital Economics.
وأخذ البعض مراكز طويلة على النفط، ويقولون إن تلك المخاوف مبالغ فيها. فقال محلل الطاقة، فيل فلين، من شركة السمسرة، Price Futures Group:
"احتسب الدببة في تسعيراتهم هلاك وقتامة حول الاقتصاد الصيني، وما احتسبوه حتى الآن يتجاوز حقيقة التباطؤ الصيني الحالي، ويقلل من قدرة الصين على الالتزام بتخفيض الضرائب، وفعل ما في وسعها لإبقاء الشعب الصيني في أعماله."
ويبدو أن استراتيجية الأوبك+ الآن هو تجنب أي تباطؤ في السوق، فلدينا الطرف السعودي يعمل على تخفيض الإنتاج تخفيضًا أكبر من الحصة المخصصة له، ويحث أطراف أخرى، وخاصة روسيا، على فعل المِثل. قال محللو مجموعة (NYSE:غولدمان ساكس) في مذكرة هذا الأسبوع، إن مجموعة المنتجين يجب أن يكون لديها ورقة في تقريرها تلعب على أساسها عندما تجتمع في أبريل لمراجعة التزامها بالتخفيضات.
النفط الصخري يرسم سحابة سوداء فوق الأوبك
تلتزم الأوبك+ بتجفيف السوق من فيضان الإمداد، ولكن يستمر الفالح وغيره من وزراء النفط لدول الأوبك+ في مواجهة تحديات من شركات مثل: (NYSE:شيفرون)، Exxon Mobil Corp (NYSE:وإكسون موبيل). وأعلنت تلك الشركات العملاقة يوم الثلاثاء عن خطط رفع إنتاج حقول النفط الصخري بمقدار يقارب مليون برميل يوميًا من منطقة حوض بيرميان، أهم أحواض الإنتاج في الولايات المتحدة.
وتدفعنا تلك التنبؤات لطرح سؤال حول حجم التخفيضات التي يجب على السعودية الوصول إليها لتتمكن من إعادة التوازن للسوق، عندما يهبط الطلب أسفل التوقعات.
وجاء تقرير من معهد البترول الأمريكي في وقت لاحق من يوم الاثنين الماضي، يقول بارتفاع المستودعات الأمريكية من النفط الخام بمقدار 7.3 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، ليفوق ذلك توقعات السوق والتي كانت مقدرة بـ 1.2 مليون برميل.
لو صحت تلك المعلومات، لن يكون هناك تأثير إيجابي لانخفاض الأسبوع الماضي البالغ 9 مليون برميل. ويصدر تقرير إدارة المعلومات في وقت لاحق، ليوضح بيانات العرض والطلب للأسبوع الماضي.