عاشت الأسواق في الأشهر الماضية على وقع التصريحات التفاؤلية من الإدارة الأمريكية والقائمين على المفاوضات التجارية مع الصين، وشكل هذا الأمر محفزاً لأسواق الأسهم الأمريكية التي سجلت قمم تاريخية، بالإضافة إلى المحفز الموسمي المتمثل في إصدار نتائج الشركات الأمريكية في شهر إبريل.
لم يكن لدي أدنى شك بأن تلك التصريحات لم تكن سوى واحدة من الأدوات المستخدمة لدفع أسواق الأسهم شمالاً؛ والسبب هو أننا لم نشهد أي تصريح مقترن بجدول أعمال واضح وأهداف واضحة يطالب بها الطرف الأمريكي، وهل ستكون جملة مطالباته موضع ترحيب من الجانب الصيني، بالإضافة إلى إلحاح الإدارة الأمريكية في الفترة الأخيرة على ضرورة خفض الفوائد على الدولار فوراً، مما جعلني أرى أن الإدارة الأمريكية تحضر لطوق النجاة الخاص بفشل المفاوضات التجارية، إلى أن حصل ما هو متوقع وأعلن الرئيس الأمريكي منذ أيام عن رفع الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع الصينية من 10% إلى 25% اعتباراً من يوم الجمعة، بما يدل على أن الأمور لم تكن تسير على ما يرام كما إدعت الإدارة الأمريكية طوال تلك الفترة.
الوتر الثاني الذي كانت تعزف عليه الإدارة الأمريكية نغمة التفاؤل هو مباحثات كوريا الشمالية الهادفة لنزع السلاح النووي، وجميعنا يعلم أن أسس هذه المباحثات لم تكن موجودة من الأساس حتى يُكتب لها النجاح، وأن الإعلان عنها جاء في توقيت يثير إشارات استفهام وخاصة لو أخذنا بعين الاعتبار طبيعة القيادة الكورية الشمالية وعدم إبداءها لأي رغبة أو تلميح مسبق وراء دوافعها للجلوس على طاولة الحوار، طبعاً كالعادة الأسواق تفاعلت بشكل إيجابي مع القمة الأولى، ولكن فشل قمة هانوي جعل جميع ما ذكرناه من شكوك يتحول إلى واقع من خلال إعلان كوريا الشمالية يوم الجمعة الفائت عن إطلاق صواريخ باليستية قصيرة المدى فوق بحر اليابان بعد صيام دام لحوالي عام.
من الطبيعي أن الأسواق لم يعجبها هذا الأمر وخاصة مع نقص السيولة الناجم عن العطلة الطويلة للسوق الياباني فافتتح زوج الدولار ين على فجوة سعرية نحو الأسفل من مستويات 111.08 عند إغلاق يوم الجمعة ليزور مناطق 110.28، وأيضاً أمس كان هناك فجوة أخرى عند التسوية على المخططات السعرية القصيرة (ساعة فما دون).
كما استهلت العقود الآجلة للداو جونز افتتاح السوق بـ 450 نقطة هبوط، وبدأ تدفق السيولة نحو المعادن وبدأت ملامح هذا التحرك منذ جلسة نهاية الأسبوع الماضي.
ما هي رؤيتنا بالنسبة للملاذ الآمن؟
أكدنا ولا نزال نؤكد على أن الين الياباني سيعاد تسعيره صعوداً مع نظرة إيجابية للمعادن الثمينة.
ما هي نطاقات العمل الممكنة؟
- المضاربة على المدى القصير نراها مجدية جداً، وذلك فيما لو تابعنا السلوك السعري خلال الشهر الفائت عندما كنا نؤكد على جدوى الدخول في مراكز شراء للذهب عند كل هبوط سببته بعض المحافظ التي لجأت للبيع بهدف تحريك الماء الراكد من وجهة نظري، وبالفعل بدأنا نلاحظ تدفقاً عكسياً للسيولة باتجاه الملاذات الآمنة.
- يضاف رصيد المضاربات القصيرة الأجل إلى إمكانية الاستحواذ على مراكز شراء الذهب على المدى المتوسط.