• استمرت أمس حالة العزوف عن المخاطرة في ظل عدم وجود عامل محفز واضح. وصحيح أن البيانات الاقتصادية الأوروبية لم تكن جيدة بأي حال من الأحوال: كانت أرقام التجارة في ألمانيا لشهر مايو مخيبة للآمال في ظل انخفاض كلا من الواردات والصادرات على أساس شهري، كما انخفض الإنتاج الصناعي في المملكة المتحدة بشكل غير متوقع في مايو. ولكن لا سمكن القول إن هذه الأرقام كافية لتفسير الانخفاض الكبير الذي شهدته جميع البورصات الأوروبية الرئيسية أمس.
وعلى النقيض من ذلك كانت البيانات الأمريكية طيبة نسبيًا، ولكن هذا لم يمنع من انخفاض الأسهم ومن انخفاض عوائد السندات وتوقعات سعر فائدة الأموال الفيدرالية. ويذكر أن مؤشر تفاؤل الأعمال الصغيرة لشهر يونيو الصادر عن الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة NFIB قد جاء مخيبًا للآمال إلى حد ما حيث انخفض إلى 95.0 من 96.6 بدلا من الارتفاع إلى 97.0 مثلما كما متوقعًا. ولكن مؤشر "خطة التوظيف" ارتفع إلى 12٪ من 10٪ وهو أعلى بكثير من متوسط 9٪، ولذلك فهذه تعد إشارة جيدة لسوق العمل. وشهد أمس أيضًا مزيدًا من الأنباء الطيبة بشأن الوظائف حيث كان من المتوقع أن يسجل استقصاء الوظائف الجديدة ومعدل دوران العمالة لشهر مايو انخفاضًا في الوظائف الجديدة ولكنه أظهر بدلا من ذلك ارتفاعا إلى 4.635 مليون بانخفاض قليل عن 4.657 مليون الذي بلغه في عام 2007 قبل الأزمة الاقتصادية (كان أقصى مستوى بلغته قراءة الاستقصاء هو 5.273 مليون في يناير 2001). وفي ظل قيام المزيد من الشركات بالتعيين للموظفين وتوفير المزيد من فرص العمل، فإن ذلك قد يعني ارتفاع الأجور وبالتالي قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بالتشديد في وقت أقرب مما هو متوقع. وعلاوة على ذلك، ارتفع ائتمان المستهلكين في الولايات المتحدة مرة أخرى في ظل ارتفاع قروض السيارات مما يظهر أن المستهلكين لديهم مزيدًا من الثقة للاقتراض والإنفاق.
ولكن توقعات الأموال الفيدرالية ليونيو 2017 قد انخفضت بواقع 5 نقاط كما انخفضت عائدات السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات بحوالي 6 نقاط. ومع ذلك، فإنه من الواضح أنه كان هناك شيئا آخر يؤثر أمس. ومرة أخرى فإن أسعار الفائدة قد بلغت ذروتها يوم صدور تقرير الوظائف غير الزراعية يوم الخميس الماضي، ومنذ ذلك الحين انخفضت العائدات. وفي حين عادت توقعات سعر فائدة الأموال الفدرالية الآن مرة أخرى تقريبا إلى ما كانت عليه قبل يوم تقرير الوظائف غير الزراعية، لا يمكننا حتى إلقاء اللوم على التوتر المتزايد في الشرق الأوسط حيث إن خام برنت قد عاد صباح اليوم إلى مستويات لم يشهدها منذ قبل نحو شهر.
• وفي ظل هذه الخلفية، كانت تحركات العملة منخفضة على نحو يدعو للدهشة. فقد افتتح الدولار الأمريكي هذا الصباح في أوروبا بدون تغيير يذكر أمام نظراؤه في مجموعة العشر. وقد ارتفع الدولار الأمريكي أمام الكرونة النرويجية بينما انخفض أمام أمام الدولار النيوزلندي والين الياباني والدولار الأسترالي. وربما يكون الدولار النيوزلندي يكتسب زخمًا في أعقاب قيام مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني برفع توقعاتها لنيوزلندا أمس، في حين أن زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني فإنه ينخفض عادة عندما تنخفض الأسهم. وقد يستفيد كلا من الدولار الأسترالي والدولار النيوزلندي من التضخم المنخفض نسبيًا في الصين (الذي بلغ 2.3% على أساس سنوي في يونيو بانخفاض عن 2.5٪ في مايو) مما سيمكن السلطات من مواصلة التحفيز بدون الخوف من تحول الاقتصاد إلى اقتصاد محموم.