في ساعة مبكرة من صباح يوم الثلاثاء 18 تموز/يوليو، ذكرت صحيفة (فايننشال تايمز) أن مستشاراًفي سوق النفط قد قال لعملائه بأنه من المرجح أن تقوم المملكة العربية السعودية بخفض صادراتها بمقدار مليون برميل يومياً في المستقبل القريب.وقد إلتقطت وكالة (بلومبرغ) الإخبارية هذه المقالة وأضافت أن "المملكة العربية السعودية تفكر في تخفيضات أعمق على صادراتها النفطية".
وعلى الفور، قفزت أسعار عقود النفط الخام الآجلة بنسبة 2٪ بعد صدور هذا التقرير، على الرغم من أن المعلومات التي إستند عليها التقرير قد جائت من مصدر ثانوي واحد، وانه لم يتم التحقق من صحة هذه المعلومات من قبل أي شخص يحمل صفة رسمية في المملكة العربية السعودية أو من أي شخصية في منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك.
ويبدو أن العديد من المحللين يعتقدون أن هذا التقرير هو المسؤول عن الحركة السعرية الصاعدة التي شهدها سوق النفط بالأمس. ما نراه هنا ليس إشارة على الخطط المستقبلية لإنتاج وتصدير النفط في المملكة العربية السعودية، بل هو إشارة على أن أسواق النفط قد أصبحت متقلبة وأنها تبحث عن أي سبب للحركة. إن التنبوء بإتجاهات أسواق السلع، ولا سيما على المدى القصير، يصبح عملية صعبة للغاية، خصوصاً عندما يشعر المتداولون والمستثمرون بالقلق.
كذلك، يمكن للمنتجين الرئيسيين أن يؤثروا على أسعار النفط بطرق غير واضحة للعيان، وحتى بدون رفع أو خفض الإنتاج والصادرات. فعلى سبيل المثال، قامت المملكةالعربية السعودية بتعديل كميات الصادرات بشكل طفيف، وهو ما قديكون له تأثير كبير على بيانات إستهلاك وتخزين النفط في الولاياتالمتحدة.في الآونة الأخيرة، وبحسب أرقام فصل الصيف، تقوم المملكة العربية السعودية بتصدير حوالي مليون برميل من النفط يوميا إلى الولايات المتحدة،وفي حزيران/يونيو انخفض هذا الرقم إلى ما دون حاجز المليون برميل، ومن المتوقع أن يتراجع بشكل أكبر خلال شهر تموز/يوليو. إلا أن هذا لا يعني أن صادرات المملكة العربية السعودية النفطية قد إنخفضت بشكل كبير، لأنه وفي ذات الوقت، إرتفعت الصادرات النفطية السعودية المتجهة إلى اليابان.
تمتلك شركة أرامكو منشأة ضخمة لتخزين النفط الخام في اليابان، وقد قامت مؤخراً بتوسيعها. ومن المرجح أنه وفي ذات الوقت الذي تتسبب صادرات السعودية في ارتفاع مخزونات النفط الخام في اليابان، فإن تراجع الصادرات إلى الولايات المتحدة سيظهر على شكل إنحدار في أرقام مخزونات النفط الخام الأسبوعية التي تصدرها إدارة معلومات الطاقة في البلاد.
إن انخفاض صادرات النفط السعودية إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى إستنتاجات الحكومة الأمريكية حول مبيعات النفط بالإعتماد على البيانات الرسمية الأمريكية للمخزونات وإحتياطي النفط الاستراتيجي، هي أمور ستساعد على تضخيم الإنخفاض في مخزونات النفط الخام والتراجع في مخزونات البنزين التي تواجهها الولاياتالمتحدة عادة خلال موسم ذروة القيادة وإستهلاك البنزين، الذي يشهده فصل الصيف. ومع إستمرار إنخفاض أسعار البنزين في جميع أنحاء الولايات المتحدة، سيستمر إرتفاعالطلب، لذلك تتوقع الأسواق أن تشهد البيانات الأسبوعية الرسمية، تسجيل إنخفاض فيمخزونات النفط الخام في البلاد، هذا الأسبوع، وخلال الأسابيع المقبلة.
في أسواق النفط، فإن التغيرات الصغيرة والبيانات قصيرة الأجل ليست دائما كما تبدو للوهلة الأولى. يبدو أن المستثمرين منقسمون إلى ثلاثة أقسام: هنالك ثلث يتوقع إرتفاع الأسعار، وهنالك ثلث أخر يتوقع إنخفاض الأسعار، ويتوقع الثلث الأخير أن تبقى الأسواق تتأرجح في أوساط الأربعينيات من الدولارات. إن المستثمرين يشعرون بالقلق، وهذا السوق، بالإضافة إلى أي أخبار عنه، يجب أن تتم مراقبته عن كثب.