يعتمد عادة المستثمرين وأصحاب القرار إلى إيجاد أدوات عملية تُمكنهم من قياس أداء الشركات التي يستثمرون فيها أو الجهات التي يعملون على تطويرها. فاللغة العربية لا تفي بالغرض لتحديد مدى نجاح الخطط فكلمات مثل نجاح باهر وإنجاز عظيم ليست كافية لتحديد قيمة النجاح و الإنجاز. وتبقى غلبة اللغة الرياضية التي تُعطي الصورة بشكل أدق من أي لغة أخرى.
مسألة توليد الوظائف وإحلال المواطنين محل العمالة الأجنبية وتحسين متوسط رواتب العاملين والحد الأدنى من الأجور قضايا جوهرية لأي دولة وتعمد الدول للتخطيط والعمل لإنجاح وتحقيق هذه الأهداف.
فالبيانات الإحصائية التي تُصدرها الجهات الرسمية يمكن اعتبارها أشبه بالقوائم المالية التي تُصدرها الشركات المساهمة في نهاية كل ربع سنوي لتُمكن المهتمين من قياس أدائهم ورصد أوجه الإنجاز التي حصلت في نهاية الربع ومقارنتها مع الربع السابق والربع المماثل من العام الماضي.
فحسب البيانات الرسمية الصادرة من التأمينات الإجتماعية لعام 2015م فإن عدد الوظائف المستحدثة في السعودية في الربع الرابع مقارنة مع الربع الثالث من نفس العام بلغت 27 ألف وظيفة للسعوديين يقابلها استحداث 219 ألف وظيفة للعمالة الأجنبية.
وللدخول في تفاصيل هذه الإحصائيات فإن 219 ألف وظيفة التي تم استحداثها لغير السعودين كان نصيب فئة الراتب 1500 ريال منها 174 ألف وظيفة و 8 آلاف وظيفة تترواح رواتبهم من 5 آلاف كحد أدنى وحتى أكثر من عشرة آلاف ريال. أما السعوديين فإن الفئة التي تترواح رواتبهم بين 5 آلاف كحد أدنى وحتى أكثر من عشرة آلاف ريال بلغت 12،600 وظيفة من مجموع الوظائف المستحدثة لهذا الربع.
وإجمالا يظهر بشكل واضح أن عدد الوظائف المستحدثة لغير السعوديين رقم كبير جدا ولا يمكن مقارنته مع عدد الوظائف التي أٌتيحت للسعوديين وهذا يعكس نتائج خطط السعودية التي بدأت منذ عدة سنوات.
ولكن يبقى أن الإيجابي في نتائج الربع الرابع لوزارة العمل هو أن ما يقارب من نصف الوظائف المستحدثة للسعودين كانت وظائف نوعية وجيدة على اعتبار ان قيمة الراتب المعلن يُعبّر بشكل تقريبي عن نوعية الوظائف المستحدثة.
وستكون دراسة مثل هذه النتائج بشكل أفضل لو تمت مقارنتها مع نتائج الربع المماثل من العام الماضي لو توفرت للعموم بيانات الربع الرابع للعام 2014م على موقع التأمينات الإجتماعية التي اكتفت بعرض النتائج السنوية لعام 2014م.
ومع إعلان رؤية 2030م والطموحات العالية لتكاتف الجهات لتحقيق أهدافها، سيكون من المفيد إصدار بيانات رسمية من قبل وزارة العمل كل 3 أشهر على أقل تقدير توضح حركة التوظيف ونوعية الوظائف ومتوسط الرواتب وغيرها، على غرار التقارير الشهرية التي تصدرها الجهات الحكومية في أمريكا.
ومهمة توليد الوظائف النوعية للمواطنين السعوديين من قبل الجهات المحلية واستهداف الوظائف التي يحتلها نصف مليون أجنبي برواتب تترواح بين 5 آلاف كحد أدنى وتتجاوز عشرة آلاف ريال في السعودية والسعي لإصدار برامج توطين تستهدف هذه الفئة من الوظائف العليا مطلب للمرحلة القادمة لأن الخطط السابقة لتوطين الوظائف ركّزت على توطين الوظائف الدُنيا وهو ما نتج عنه توظيف 800 ألف سعودي برواتب 3 آلاف ريال.
وسيتم تحليل نتائج وزارة العمل للربع الأول لعام 2016م في مقال منفصل بإذن الله عند إصدار التقرير الرسمي لنتابع ونقيّم أداء وزارة العمل في سعيها لتحقيق أحد أهدافها في توطين الوظائف.