واصل اليورو تألّقه في الأسبوع السابق عقب بداية سيّئة للعام 2014، إذ امتنع البنك المركزي الأوروبي عن اعتماد سياسة فضفاضة أكثر. إنّ الساسة في منطقة اليورو يخشون من أنّه في حال لم يشهد النمو انتعاشًا في القريب العاجل، من المحتمل أن يبرز عصرًا من الإنكماش كذلك السائد في اليابان، بما انّ توقعات الشركات والمستهلكين لضغوطات الأسعار تضمحلّ.
بالنسبة الى اجتماع أحاطت به توقعات كثيرة وطال انتظاره، كان اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي لشهر فبراير مملاً. كرّرالرئيس ماريو دراغي الخطاب نفسه في مؤتمره الصحفي: لا يزال نمو الإئتمان والتضخّم متدنّيان؛ لا تزال معدّلات البطالة مرتفعة للغاية ولا سيّما في الدول المحيطة؛ وبأنّ النمو سيعود أدراجه على الأرجح في وقت قصير.
قرار البنك المركزي الأوروبي بعدم اتّخاذ أي خطوات جديدة بعد أسوأ قراءة شهدها مؤشر أسعار المستهلك في فترة ما بعد أزمة العام 2008 (+0.7% على أساس سنوي في يناير) فاجأ البعض، إذ كانت التخمينات تشير الى إمكانية إقرار تخفيض في معدّلات الفائدة الى 0.10% من 0.25%. علاوة على ذلك، رجّحت العديد من التوقعات اتّخاذ تدابير سياسة جديدة من أجل جعل السياسة فضفاضة أكثر ممّا هي عليه حاليًا.
ولكن قبل يوم الجمعة، كان البنك المركزي الأوروبي غير مدرك لشرعية برنامجه الخاصّ بالمقايضات النقدية المطلقة، ولشبكة الأمان المالية لمنطقة اليورو. كان هذه الخطوة الأولى من "القيام بكلّ ما يلزم" للمساعدة في تهدئة التوترات في أسواق السندات في يوليو 2012. بالنسبة الى برنامج غير محدود بطبيعته، برزت تساؤلات أنّه، من الناحية النظرية، في حال تمّ تفعيل برنامج المقايضات النقدية المطلقة في أي وقت، هل يمكنه توليد عدم الإستقرار في المنطقة؟ المخاوف ليست غير مبنيّة على أساس: في حال اوقف البنك المركزي الأوروبي حماية عمليات شراء سنداته، لتضاعفت السيولة المفرطة في منطقة اليورو (السيولة المفرطة كانت 143 مليار يورو في الأسبوع المنتهي في 5 فبراير؛ ناهزت حماية السندات 175 مليار يورو).
المخاوف المحيطة بألمانيا تتمثّل بإمكانية دفع إطلاق رؤوس الأموال الزائدة التضخّم الى الإرتفاع؛ وتعتبر أي سياسة تنتهك المادّة 88 من القانون الأساسي الألماني غير مقبولة. لقد أطاحت المحكمة التنشريعية الألمانية بآمال شراء سندات غير محمية في أوروبا؛ أو بتعبير آخر، لن يكون هنالك تيسير كمّي أوروبي. تتمثّل إحدى الركائز الأساسية لتوقعاتنا بإرتفاع اليورو خلال الأشهر القليلة الماضية وفي العام 2014 بإمتناع البنك المركزي الأوروبي عن توفير المزيد من السيولة للنظام المصرفي، أي من المستبعد بروز توسّع ملحوظ في الميزانية العمومية.
بدون أدنى شكّ، إنّ إلقاء نظرة على معدّلات EONIA (معدّلات الإقراض ما بين المصارف/ معدّلات إقراض اليورو لليلة واحدة) يظهر هبوط تكاليف رؤوس الأموال وبأنّ مراجعة نوعية الأصول (وهو اختبار التحمّل الذي أجراه المركزي الأوروبي عندما لعب دور مراقب النظام المصرفي في منطقة اليورو بداية العام) قد تكون في صدد التأثير على الثقة. برز الإرتفاع الأخيرة لمعدّلات EONIA في 31 ديسمبر 2013 (0.446%). منذ ذلك الحين، أخذت تلك المعدّلات بالتراجع: فقد وصلت الى 0.131% يوم الجمعة مع تواجد متوسّط العشرين يوم عند 0.205%.
وفي أسبوع يفتقر الى البيانات المرتقبة- من المتوقع صدور قراءات الناتج المحلي الإجمالي للفصل الرابع من العام 2014 عن ألمانيا ومنطقة اليورو ككلّ- نعتقد أن مقاربة التريّث والترقّب التي ينتهجها البنك المركزي الأوروبي ستبقى سائدة في المستقبل. في حال كانت خيارات البنك المركزي الأوروبي محدودة عقب صدور حكم المحكمة التشريعية الألمانية، من المحتمل كشف النقاب عن برنامج إقراض تمويلي شبيه بذلك الذي يطبّقه بنك انجلترا. تيتح هذه التطوّرات اعتماد آفاق إيجابية لليورو خلال الأيّام القادمة. EUR/USD الرسم البياني " title="EUR/USD الرسم البياني " width="680" height="322">