تلقت أسواق النفط خبراً كبيراً إلى حد ما هذا الأسبوع، وذلك عندما أعلنت كل من السعودية وروسيا عن دعمهما لتمديد الاتفاق التاريخي لتخفيض إنتاج النفط والساري حالياً، والذي يجمع الدول المنطوية تحت منظمة الدول المصدرةللنفط (أوبك) مع عدد من الدول غير الأعضاء من أكبر منتجي النفط في العالم. فلقد اعلن وزيرا النفط في البلدين رسمياً انهما يدعمان تمديد الاتفاق الحالي لمدة تسعةأشهر إضافية، تنتهي مع نهاية شهر آذار/مارس من العام القادم 2018. وكان وزير النفط الروسي (الكسندر نوفاك)، قد قال في وقت سابق أن بلاده لم تتخذ قراراً نهائياً بشأن ما إذا كان من الضروري تمديد إتفاق خفض الإنتاج إلى ما بعد شهر حزيران/يونيو من العام الحالي، مما يعكس إختلافاً جذرياً في موقف روسيا في الآونة الأخيرة، حيث انها كانت قد أعلنت عن رأي مخالف لتمديد الاتفاق الشهر الماضي.
والان، يبدو أن هنالك توافق في الأراء بين أكبر إثنين من منتجي النفط الذين تضمنهم إتفاق خفض الإنتاج الأولي، ويأتي ذلك قبل عشرة أيام فقط من الاجتماع العادي لمنظمة أوبك والمقرر في (فيينا) يوم 25 من الشهر الحالي. ولذلك، فإن تمديد خفض الإنتاج يبدو مضموناً عملياً.
ولكن هنالك عدد من الأسئلة المتبقية:
- هل يمكن أن تقنع السعودية وروسيا بقية الدول الأعضاء في منظمة (أوبك) والدول غير الأعضاء في المنظمة بالموافقة على تمديد التخفيضات لمدة تسعة أشهر بدلا من ستة أشهر؟
يتوقع أن توافق معظم دول (أوبك) على تمديد إتفاق تخفيض الإنتاج حتى نهاية الربع الأول من عام 2018. وعلى سبيل المثال، فإن العراق، الذي أعلن صراحة عن رغبته في الحصول على إعفاء من الاتفاق عندما تم إقراره العام الماضي، أعلن قبل أيام، وبتاريخ 11 آيار/مايو أنه سيدعم تمديد إتفاق خفض الإنتاج لمدة ستة أشهر إضافية. قد يكون من الصعب إقناع العراق بالتمديد على مدى ثلاثة أشهر إضافية لما أعلن عن رغبته به، ولكن في النهاية، من المرجح أن يوافق.
كذلك، من المتوقع ان تدعم ايران فكرة تمديد الإتفاق، وهي التي عارضت إتفاق خفض إنتاج (أوبك) فى تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، حتى تحصل على اعفاء خاص. وكانت صادرات النفط الإيرانية قد إنخفضت بالفعل خلال شهر نيسان/أبريل، ومن المتوقع أن تنخفض أكثر في آيار/مايو.
ومما يبعث على الدهشة أن دولة كازاخستان، وهي الدولة غير العضو في منظمة (أوبك) قد برزت كالمعارضالأكبر لتمديد إتفاق خفض الإنتاج لمدة تسعة أشهر، قائلة إنها تؤيد تمديد التخفيضات من حيث المبدأ ولكنها "لن تكون قادرة على الانضمام إلى هذا الاتفاق (الموسع) بشكل آلي وبوجود ذات الشروط". ويرجع ذلك إلى عمليات توسيع حقل (كاشاجان) النفطي. وعلى أية حال، فإن كازاخستان ليست من الدول الكبرى في إنتاج النفط، وحجم إنتاجها ليس كبيراً بما يكفي لعرقلة تمديد الإتفاق.
- هل ستقوم الدول المشاركة في الاتفاق من دول منظمة (أوبك) والدول غير الأعضاء فيها بإجراء تخفيضات إضافية؟
لقد كان هناك بعض الحديث عن أن الدول المشاركة فى إتفاق خفض الإنتاج ستقرر إجراء تخفيضات اكثر قسوة على معدلات إنتاجها اليومية عندما تجتمع منظمة (أوبك) في الـ 25 من الشهر الحالي في (فيينا). ومن غير المحتمل أن تسعى (أوبك) إلى الإضرار بتوافق الآراء الحالي الذي ساعد على رفع الأسعار خلال الأسبوع الماضي.فلقد ذكرت روسيا مؤخراً أن ما بين 3 و 5 دول إضافية من الدول المنتجة للنفط قد تنضم إلى الاتفاق الحالي لخفض الإنتاج. وحتى الان لم تعلن إلا دولة واحدة وهي (تركمانستان) عن رغبتها في الانضمام الى هذا الاتفاق. وإذا إرتفع عدد الدول المنطوية تحت مظلة إتفاق خفض الإنتاج، فإن ذلك بلا شك سيساعد المجموعة ككل على تحقيق أهدافها.
- كيف سيؤثر هذا على صناعة إنتاج النفط من الصخر الزيتي في الولايات المتحدة؟
من الطبيعي أن يساعد المزيد من الوقت تحت مظلة إتفاق خفض الإنتاج بين دول (أوبك) والدول المنتجة للنفط من خارج المنظمة على دعم قطاع إنتاج النفط من الصخر الزيتي في الولايات المتحدة الأمريكية. والأهم من ذلك،أن تمديد الإتفاق سيشجع أولئك الذين سيواصلون إقراض المال لشركات إنتاج النفط من الصخر الزيتي.
وفي المقابل، سيؤدي ارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية إلى ضغوطات هبوطية على أسعار النفط في الأسواق العالمية. ويظهر أحدث تقرير لإدارة الطاقة الأمريكية حول إنتاج النفط من الصخر الزيتي، أنه من المرجح ان يبقى نمو الإنتاج مستمراً خلال شهر حزيران/يونيو. ومع ذلك، هناك دلائل على أن نمو إنتاج النفط من الصخر الزيتي لن يستمر بنفس المعدل. فمن المتوقع أن ترتفع تكاليف الخدمات وتتسبب في تأكل أرباح إنتاج النفط من الصخر الزيتي. تختلف نقاط الربحية اختلافاً كبيراً بالنسبة للصخر الزيتي، حتى في نفس مجالات العمل، وهناك أسباب تدعو للشك في أن الربحية في بعض عمليات التكسير منخفضةبشكل غير معقول. سيواصل قطاع إنتاج النفط من الصخر الزيتي النمو، ولكن ربما ليس بنفس المعدلات التي شهدناها خلال الأشهر القليلة الماضية.
- كيف يمكن ان تؤثر الاضطرابات السياسية والاقتصادية في فنزويلا على تمديد إتفاق خفض الإنتاج؟
في الآونة الأخيرة، ومنذ بضعة أشهر فقط، كان معدل إنتاج النفط اليومي المُعلن في فنزويلا 1.9 مليون برميل يومياً. ولكن ومع إستمرار المشاكل في البلاد، تجد فنزويلا صعوبة في الحفاظ على معدلات الإنتاج. وإذا تفاقمت المشاكل لدرجة تؤثر فعلياً على الإنتاج في فنزويلا أو حتى توقفه تماماً، فإن ذلك قد يقللمن الحوافز الموجودة لدى بقية الدول المشاركة في إتفاق خفض الإنتاج، والتي تدفع هذه الدول إلى الإستمرار في إتفاق خفض الإنتاج الحالي لفترة جديدة. من ناحية أخرى، إذا استمر المشاركون في الاتفاق بالتقيد بالمستويات المخفضة للإنتاج التي وافقوا عليها، وفي ذات الوقت إذا إنخفض إنتاج فنزويلا بسبب عدم الاستقرار السياسي والإقتصادي في البلاد، فإن التأثير على المعروض في الأسواق العالمية من النفط سيكون مضاعفاً، وبالتالي سترتفع الأسعار وفقا لذلك الإنخفاض المزدوج.
على الرغم من الأحداث في فنزويلا، لا يبدو أن عدم استقرار البلاد قد تم أخذه بعين الإعتبار في تسعير المنتج في أسواق النفط العالمية. ولكن إذا استمرت هذه الاضطرابات في التفاقم، فإن السوق يجب أن يدرك أن الأسعار سترتفع.