Investing.com - تواجه أوروبا أزمة طاقة غير مسبوقة تدفع الاقتصاد نحو الركود وتطرح أسئلة جادة حول طموحات المنطقة بشأن تغير المناخ.
وقد ركزت قناة سي إن بي سي في تقرير لها على كيفية قيام روسيا، بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، بضغط إمدادات الغاز إلى أوروبا وما يعنيه هذا في المستقبل.
روسيا تخفض الإمدادات
خفضت روسيا بشكل كبير تدفقات الغاز الطبيعي إلى أوروبا منذ أن فرضت الدول الغربية عقوبات صارمة على الكرملين في أعقاب غزوها غير المبرر لأوكرانيا في 24 فبراير.
وتنفي موسكو أنها تستخدم الغاز كسلاح لكن الأوروبيين يشكون من أن شركة غازبروم الروسية لم تعد مزودًا موثوقًا به. ويمثل انخفاض إمدادات الغاز من روسيا مشكلة لدول الاتحاد الأوروبي نظرًا لأنها اعتادت على استيراد حوالي 40٪ من مخزونها من الغاز من البلاد.
وتؤكد البيانات الواردة من نورد ستريم، المشغل المسؤول عن خط الغاز نورد ستريم 1 الذي يربط روسيا بألمانيا، وجود كميات أقل من الغاز المتجه إلى الغرب.
ففي الأسبوع الماضي وحده، تم تخفيض الإمدادات عبر نورد ستريم 1 إلى 20٪ من 40٪ ومع إشارة جازبروم إلى مشكلات الصيانة
وقال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إن العذر التقني لشركة جازبروم "مهزلة". وكانت الإمدادات قد توقفت لفترة وجيزة قبل الخفض الأخير، مع استكمال أعمال الصيانة بين 11 يوليو و21 يوليو.
ووفقًا للمفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، فإن 12 دولة عضو تعاني بالفعل من انخفاض تدفقات الغاز، كما تم قطع عدد قليل من الدول الأخرى تمامًا.
ويقول كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي إن روسيا "تبتز" أوروبا و "تسلح" إمداداتها من الغاز. ونفت موسكو مرارا هذه الاتهامات.
كما صرح قدري سيمسون، مفوض الطاقة في أوروبا، لشبكة سي إن بي سي الأسبوع الماضي أنه: "علينا أن نكون مستعدين، فقد يكون هناك اضطراب كامل في المستقبل القريب، ويعني هذا أننا بحاجة إلى وضع خطة".
ويشعر القادة الأوروبيون بالقلق إزاء الإغلاق الكامل للإمدادات، خاصة لأن العديد من الصناعات تستخدم السلعة كمادة خام في عملية التصنيع الخاصة بهم.
وفي هذا السياق، كانت هناك جهود للبحث عن موردين بديلين ومصادر مختلفة للطاقة. ومع ذلك، يعد هذا الانتقال مهمة صعبة يستحيل إجراؤها في إطار زمني قصير.
وطلبت المفوضية من دول الاتحاد الأوروبي أن يكون لها حد أدنى للتخزين يصل إلى 80٪ بحلول نوفمبر. وتجاوزت مستويات تعبئة الغاز 56٪ بقليل، في يونيو، وفقًا للمؤسسة نفسها.
ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي
ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي بشكل كبير في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا وحتى قبل ذلك عندما بدأت روسيا في تشديد التدفقات.
وهناك ضغوط أسعار متجددة في كل مرة تقوم فيها روسيا بتخفيض إمداداتها إلى أوروبا بالنظر إلى مدى أهمية السلعة للعديد من القطاعات ونظراً لعدم وجود بدائل للوقود الأحفوري الروسي.
وقد أشار سالومون فيدلر، الخبير الاقتصادي لدى شركة بيرنبيرج، إلى أن أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا "باهظة الثمن بشكل كبير" الآن مقارنة بمتوسط سعر 2015-2019.
أما في العام العادي، فقد يستخدم الاتحاد الأوروبي حوالي 4.3 مليار ميجا وات في الساعة من الغاز الطبيعي. وبالتالي، إذا ارتفعت الأسعار بمقدار 100 يورو لكل ميجا وات ساعة لمدة عام واحد واضطر الاتحاد الأوروبي إلى دفع هذه الأسعار بدلاً من الاستفادة من بعض العقود طويلة الأجل ذات السعر الثابت، فستزيد التكاليف بنحو 430 مليار يورو (437 مليار دولار) - أي ما يعادل 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي لعام 2021.
ثم تتدفق الأسعار المرتفعة بشكل طبيعي إلى فواتير الطاقة للشركات والأفراد عبر الكتلة.
وقال محللون لدى مجموعة أوراسيا الاستشارية في مذكرة بحثية يوم الثلاثاء إنه "ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي القياسية الأوروبية في منشأة تحويل الملكية الهولندية (TTF) بنسبة 15٪ لتصل إلى ما يقرب من 200 يورو لكل ميجا وات / ساعة مع عطاءات المرافق للحصول على إمدادات بديلة، مما أثار مخاوف من أن المستهلكين والصناعة سيواجهون صعوبة في دفع فواتير الطاقة الخاصة بهم وذلك سيسبب ركود شتوي".
عاجل: الدولار الأمريكي يتراجع بقوة.. وسط ترنح الاقتصاد والبيانات السلبية
تحطم توقعات النمو
مع انخفاض الإمدادات وارتفاع الأسعار، تهز أزمة الغاز الآفاق الاقتصادية في أوروبا.
حيث أظهرت أحدث قراءة للنمو في منطقة اليورو، الصادرة يوم الجمعة، أن الناتج المحلي الإجمالي بلغ 0.7٪ في الربع الثاني - أعلى من توقعات السوق. لكن المزيد والمزيد من الاقتصاديين يسعون إلى الركود في عام 2023.
وقالت المفوضية الأوروبية في وقت سابق من هذا الشهر إن الاقتصاد سينمو بنسبة 2.7٪ هذا العام و1.5٪ العام المقبل. ومع ذلك، قالت المؤسسة أيضًا إن الإغلاق الكامل لإمدادات الغاز من روسيا قد يؤدي إلى ركود في وقت لاحق في عام 2022.
وصرح فيدلر قائلاً: "تؤدي أسعار الغاز المرتفعة إلى زيادة تكاليف الشركات وتقليص ميزانيات المستهلكين، مما يجعلهم أقل إنفاقًا على السلع والخدمات الأخرى. ونتيجة لذلك، نتوقع أن تقع منطقة اليورو في حالة ركود هذا الخريف في ظل ارتفاع معدلات التضخم "