من لوك بيكر
القدس (رويترز) - في مناظرة تلفزيونية نادرة قبل الانتخابات الاسرائيلية التي تشهد منافسة شديدة يوم 17 مارس آذار انخرط زعماء ثمانية أحزاب عبر الطيف السياسي في نقاش جدلي صاخب للسياسة الاسرائيلية.
وجرى تناول القضايا الاجتماعية والاقتصاد باستفاضة لكن لم يكن هناك تعليق او رؤية جديدة تذكر بشأن الصراع مع الفلسطينيين والجهود لحل الازمة على اساس قيام دولتين وهي القضية التي يتطلع كثير من دول العالم الى المنطقة لحلها على مدى أغلب السنوات الثلاثين الماضية.
وذكرت كلمة "السلام" خمس مرات منها ثلاث مرات للمرشح العربي الوحيد المشارك في المناظرة في حين أعلن نفتالي بينيت زعيم حزب بيتنا اليهودي القومي المتشدد إنه لن يدع الفلسطينيين تقوم لهم دولة على الاطلاق.
وكان محور النقاش مفهوما جزئيا. فأكثر ما يشغل الناخبين الاسرائيليين هو أسعار المنازل وتكلفة المعيشة. لكن هذا التركيز يبين إلى أي مدى تبدو الآفاق قاتمة الآن بخصوص أي تقدم في حل ما قد يكون أصعب صراع في العالم.
وقال ريؤفين هازان استاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط "القضية الفلسطينية بقدر ما هي حاسمة لا تعتبر متعلقة بوجود (اسرائيل).. وهو الحال مع ايران."
وأضاف "ولا تعتبر قابلة لادارتها على مدى السنوات الثلاث القادمة.. وهو ما يبدو عليه الاقتصاد."
وبدلا من ذلك اصبحت الانتخابات سباقا بين حصانين وقضيتين مع تأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يسعى للفوز بفترة رابعة على التهديد من ايران والجماعات الاسلامية في المنطقة وانتقاد المعارضة المنتمية ليسار الوسط لما تعتبره فشله بشأن السياسة الاجتماعية والاقتصادية.
وأظهرت أحدث استطلاعات للرأي والتي نشرت نتائجها يوم الثلاثاء تقدم يسار الوسط متوقعة حصوله على 24 او 25 مقعدا في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا مقابل 21 مقعدا لحزب ليكود الذي ينتمي له نتنياهو.
وتظهر استطلاعات أخرى سباقا أصعب مع توقع حصول كل من الحزبين الرئيسيين على 23 أو 24 مقعدا. وكما كان الحال دائما على مدى تاريخ اسرائيل الممتد 67 عاما لن يحصل حزب على اغلبية مما يجعل المفاوضات لتشكيل ائتلاف امرا حيويا.
ويمكن أن يبقى نتنياهو رئيسا للوزراء حتى اذا لم يفز حزبه في الانتخابات بالنظر الى خبرته في توليف الشراكات ووجود احزاب أكثر في اليمين يمكنه تشكيل ائتلاف منها.
وسيكون على حزب الاتحاد الصهيوني المنتمي ليسار الوسط أن يضم لمعسكره حزبا أو اثنين من الاحزاب المتشددة وحركة يش عتيد الوسطية وحزب كولانو الذي انشق على ليكود كي يمكنه تشكيل ائتلاف فعال وهو احتمال قائم لكنه ضئيل.
*لا وقت للسلام
واذا عاد نتنياهو ستكون الفرص محدودة لاستئناف محادثات السلام التي انهارت آخر مرة في ابريل نيسان 2014 ليس لمجرد أن المحللين يعتقدون أن نتنياهو لا يريد المحادثات لكن لأن الفلسطينيين الذين يعانون من انقسامات داخلية لا يعتبرون شركاء مستعدين أيضا.
وأكثر من ذلك فمن المرجح أن يكون بينيت زعيم حزب البيت اليهودي البالغ من العمر 42 عاما والذي يدافع عن ضم أغلب الضفة الغربية المحتلة هو أقوى شخصية إلى جانب نتنياهو في أي حكومة يمينية جديدة.
ومن المتوقع أن يحصل حزب بينيت على 13 مقعدا وهو نفسه مرشح ليكون وزيرا للدفاع اذا فاز نتنياهو مجددا وهو موقع يتيح اشرافا مباشرا على القضايا الفلسطينية.
وتمثل المستوطنات عامل تعقيد آخر. ورغم المعارضة الأمريكية والأوروبية يواصل نتنياهو توسيع بناء المنازل اليهودية في الضفة الغربية والقدس الشرقية ومن المستبعد تغيير تلك السياسة.
ويعتبر كل من بينيت ووزير الخارجية المنتهية ولايته افيجدور ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا القومي المتطرف مؤيدين متحمسين للتوسع الاستيطاني وسيتمسكان بهذا الخط بشدة في أي حكومة مستقبلية لنتنياهو.
وإذا تولى يسار الوسط السلطة قد تكون فرص استئناف محادثات السلام أفضل وخاصة مع زيادة البيت الأبيض الضغط في الشهور الثمانية عشر الأخيرة من رئاسة باراك أوباما لكن الأولوية ستكون لتحقيق وعودهم الاقتصادية والاجتماعية.
وبخصوص المستوطنات يتبنى يسار الوسط خطا لا يختلف كثيرا عن خط ليكود قائلا انه سيواصل البناء في الكتل الاستيطانية القائمة وهي سياسة تتحدى الولايات المتحدة واوروبا ناهيك عن الفلسطينيين.
ويعتقد جلعاد شير وهو مفاوض سلام اسرائيلي سابق بوجود حاجة لدعم اقليمي بأن تضم الولايات المتحدة واوروبا وروسيا والأمم المتحدة كلا من مصر والسعودية والأردن ودول الخليج الى جهود صياغة حل.
وحتى في ذلك الحين فهو يفضل خطوات صغيرة مؤقتة وليس اتباع نهج "انفجار كبير" لتحقيق حل قيام دولتين لاسرائيل وفلسطين جنبا الى جنب وهو ما يعترف بأنه ما زال أمرا بعيد المنال حاليا.
ونتيجة لذلك فمن المستبعد أن تشهد السنوات القادمة أي تقدم في حل الصراع إلا إذا حدث تحول مثير في الأحداث. وبدلا من ذلك ستكون التصرفات الأحادية هي كلمة السر فتركز اسرائيل على مشاغلها الداخلية والاقليمية ويسعى الفلسطينيون الى تقديم اسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية.