تشهد الأسواق الأمريكية حالة من التأهب للبيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي خلال الأسبوع القادم، وذلك على الرغم من قلّتها، حيث تتمركز البيانات الصادرة حول بيانات بغاية الأهمية تتمثل في الصناعة، الخدمات، والعمالة حيث ستسيطر هذه البيانات محتمعة على أذهان المستثمرين الأمر الذي يجعل من الأسبوع المقبل مقياسا جيدا للمستثمرين حول الوضع الاقتصادي بالنسبة للولايات المتحدة ووجهة الاقتصاد خلال الفترة القادمة.
مع العلم أن الاقتصاد الأمريكي تمكن من النمو خلال الربع الأول من هذا العام في القراءة التمهيدية التي صدرت عن تقرير الناتج المحلي الإجمالي خلال الأسبوع المنقضي، بنسبة 3.0% والتي وإن كانت بأدنى من القراءة المتقدمة خلال الربع نفسه أو حتى بأدنى من القراءة النهائية للربع الرابع من العام 2009 واللتان بلغتا 3.2% و 5.6% على التوالي، فيجب أن لا نغفل مسألة العقبات التي تقف أمام نمو الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود والمتمثلة في أوضاع التشديد الائتماني ومعدلات البطالة المرتفعة، هذا بالإضافة إلى مسألة انقضاء الخطط والبرامج التحفيزية التي أطلقتها الحكومة الأمريكية أو البنك الفدرالي، وهذا ما أشار إليه البنك الفدرالي مؤخرا، وهو أن الاقتصاد الأمريكي سينمو بوتيرة "تدريجية ومعتدلة" خلال الفترة المتبقية من هذا العام.
أما بالنسبة للبيانات الصادرة عن هذا الأسبوع فستكون البداية مع قطاع الصناعة الأمريكي، والذي برز بأداء مبهر خلال الأشهر القليلة الماضية، ليكمل توسعه الذي بدأه للمرة الأولى خلال آب للعام 2009 منذ فترة أزمة الركود التي وقع الاقتصاد الأمريكي ضحيتها، ولكن وسط العوائق التي تقف أمام الاقتصاد الأمريكي متمثلة في معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني، إضافة إلى انتهاء البرامج التحفيزية التي هدفت إلى تعزيز مستويات الإنفاق، يبقى هناك ضغطا على الاقتصاد ليتقدم بالشكل المنشود.
حيث سيصدر عن معهد التزويد التقرير الصناعي، وعلى غرار ما تحدثنا عنه أعلاه من المتوقع أن يتوسع مؤشر معهد التزويد الصناعي خلال أيار ولكن بأدنى من القراءة السابقة، في حين من المحتمل أن ترتفع الأسعار المدفوعة لمعهد التزويد الصناعي خلال أيار ايضا بأدنى من القراءة السابقة، واضعين بالاعتبار أن القطاع يبقى في حالة توسع، مشيرين إلى أن الكثير يعتقد بأن قطاع الصناعة سيكون الأول بين القطاعات في تحقيق التعافي التام من أسوأ ركود منذ الكساد العظيم.
أما فيما يخص قطاع الخدمات فسيصدر عنه مؤشر معهد التزويد الغير صناعي للخدمات فمن المتوقع أن يشير إلى توسع خلال أيار بأفضل من القراءة السابقة، حيث لا يمكننا أن نتجاهل التقدم الذي طرأ على الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة الماضية برغم العقبات التي تقف أمام الاقتصاد، مما يشير أن قطاع الصناعة والخدمات يتماسكون يدا بيد لتقديم الدعم للاقتصاد الأمريكي لتعزيز مستويات النمو.
وبالحديث عن قطاع المنازل الأمريكي والذي أشار البنك الفدرالي بخصوصه أنه قد يظهر بعضا من التباين خلال الفترة الماضية، حيث عدا عن العوائق التي تتمثل في معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني، فهناك قيم حبس الرهن العقاري التي وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ حوالي ربع قرن، ومع ذلك فإن القطاع يسعى جاهدا لتحقيق الاستقرار وتقليص الضغوطات التي تقع على عاتقه.
حيث من المتوقع أن يستقر مؤشر الإنفاق على البناء خلال نيسان عند القراءة الصفرية بعد ارتفاعه خلال آذار، في حين من المتوقع أن ترتفع مبيعات المنازل قيد الانتظار خلال نيسان على الصعيد الشهري مقارنة بالقراءة السابقة، وذلك وسط محاولات القطاع في تحقيق الاستقرار.
أما البيانات التي لا تقل أهمية عن السابق أو تكاد تكون أهم منها، وهي التي تعكس القطاع الأكثر نزيفا بين القطاعات، فمن المحتمل بداية أن يشير تقرير التغير في وظائف القطاع الخاص ADP إلى استمرارية في إضافة وظائف خلال أيار، مع العلم أن أهمية هذا التقرير تكمن في أنه يعطي مؤشر بسيط عما سيصدر بعده بيومين وهو التقرير المرتقب من المستثمرين – تقرير العمالة الأمريكي – ليس على مستوى الولايات المتحدة وحدها فحسب، وإنما على مستوى العالم.
حيث أن التركيز يتمحور حول تقرير العمالة المشهور الذي سيصدر يوم الجمعة القادم، والذي من المتوقع أن يشير بأن الاقتصاد الأمريكي تمكن من إضافة 500 الف وظيفة خلال أيار مقارنة بالإضافة السابقة التي بلغت 290 ألف وظيفة خلال شهر نيسان، وهذا على اثر التقدم الذي برز فيه الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة الماضية.
ولكن نسلط الضوء هنا على مسألة مهمة للغاية وهي أن معدلات البطالة التي لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن، والتي ارتفعت خلال نيسان إلى 9.9% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 9.7%، ولكن من المتوقع أن يتراجع خلال أيار ليصل إلى 9.8%، واضعين بعين الاعتبار أن البنك الفدرالي أشار في آخر محضر اجتماع لللجنة الفدرالية أن معدلات البطالة ستتراجع تدريجيا مع نهاية العام الحالي لتنحصر بين 9.1 – 9.5%، مقارنة بالتقرير السابق الذي أشار إلى ان معدل البطالة سينحصر بين 9.5 – 9.7%.