من فلورنس تان وتشن آي تشو ورانيا الجمل
سنغافورة/بكين/دبي (رويترز) - تتجه السعودية لزيادة حصتها السوقية في الصين هذا العام للمرة الأولى منذ 2012، مع ارتفاع الطلب من شركات تكرير صينية جديدة مما يدفع بالمملكة مجددا إلى الدخول في منافسة مع روسيا على صدارة موردي أكبر مشتر للنفط في العالم.
تفوقت روسيا على السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، لتتصدر موردي الخام إلى الصين في العامين الأخيرين في الوقت الذي رفعت فيه شركات التكرير الخاصة وخط أنابيب جديد الطلب على النفط الروسي.
ويقول محللون إن طلب المصافي الجديدة التي ستبدأ العمل في 2019 قد يعزز واردات الصين من النفط السعودي بما بين 300 و700 ألف برميل يوميا، مما سيدفع أكبر منتج في أوبك إلى الصدارة مجددا.
وقالت أرامكو السعودية الأسبوع الماضي إنها ستوقع خمسة اتفاقات لتوريد الخام ستصل بإجمالي عقودها للعام 2019 مع المشترين الصينيين إلى 1.67 مليون برميل يوميا.
وقالت باولا رودريجيز-ماسيو المحللة لدى ريستاد إنرجي "في ضوء اتفاقات توريد النفط الخام المبرمة في الآونة الأخيرة واحتمال زيادة طاقة المصافي، فإن السعوديين قد يتفوقون على الروس ويستردون عرش أكبر مصدر للخام إلى الصين".
وعززت السعودية حضورها بالفعل هذا العام. فقد استوردت الصين 1.04 مليون برميل يوميا من الخام السعودي في الأشهر العشرة الأولى من 2018 وفقا لما تظهره البيانات الجمركية الصينية. ويعادل هذا 11.5 بالمئة من إجمالي واردات الصين، ارتفاعا من 11 بالمئة في 2017 وفقا لما تظهره حسابات رويترز.
ويقول محللون من ريستاد إنرجي ورفينيتيف إن الحصة السوقية للسعودية في الصين قد تقفز إلى قرابة 17 بالمئة في العام القادم، إذا طلب المشترون كامل الكميات المتعاقد عليها، في حين قد يتباطأ نمو إمدادات النفط الروسي إلى الصين.
وتظهر بيانات الجمارك أن الصين استوردت 1.39 مليون برميل يوميا من النفط الروسي بين يناير كانون الثاني وأكتوبر تشرين الأول من العام الجاري، بما يشكل نحو 15 بالمئة من إجمالي الواردات. وبلغت حصة روسيا السوقية 14 بالمئة عند 1.2 مليون برميل يوميا في 2017.
وقال مارك تاي المحلل لدى رفينيتيف "نتوقع أن تظل واردات الصين من النفط الروسي عند معدل مماثل في 2019 إذ أن حصة كبيرة من تلك البراميل الروسية يجري استيراده عبر خط أنابيب".
عملاء جدد
تأتي أكبر دفعة للصادرات السعودية إلى الصين من عقود وقعتها مع مصاف جديدة تبدأ العمل في العامين الحالي والقادم، مملوكة لشركات أخرى بخلاف شركتي النفط الحكوميتين العملاقتين سينوبك وبتروتشاينا.
تشمل العقود 130 ألف برميل يوميا إلى داليان هنغلي بتروكيميكال وما يصل إلى 170 ألف برميل يوميا إلى تشيجيانغ بتروكيميكال، ولدى كل من الشركتين مصفاة بطاقة 400 ألف برميل يوميا.
واتفقت أرامكو السعودية على زيادة الإمدادات لسينوكيم، والتي ستجري معالجتها بمصفاتيها في تشيوانتشو وهونغرن.
وأبقت سينوبك وبتروتشاينا وسنوك على كمياتها من النفط المستورد من السعودية بعقود محددة المدة للعام القادم دون تغيير.
وتتوقع اس.آي.ايه إنرجي للاستشارات في بكين زيادة واردات الخام السعودي بمقدار 300 ألف برميل يوميا فقط في 2019، مما سيزيد الحصة السوقية للملكة إلى 13.7 بالمئة، لكنها ستبقى خلف روسيا.
وقال المحلل سينغ ييك تي "نتوقع انخفاض الطلب على الخام السعودي من هنغلي ورونغشينغ إذ من المستبعد أن تشغلا مصفاتيهما بأقصى طاقة في 2019".
وتشيجيانغ بتروكيمكال مملوكة بحصة أغلبية لرونغشينغ هولدنجز.
لكن مصدرا مطلعا على خطط صادرات أرامكو قال إن هناك إقبالا كبيرا من شركات التكرير المستقلة، وإن الشركة بحاجة لمزيد من الجرأة في استراتيجيتها التسويقية.
وقالت مصادر بالقطاع إن شركة النفط الوطنية أرامكو تحركت بشكل أسرع لإبرام أحدث صفقاتها مقارنة مع ما اعتادت عليه في السابق.
وقال مصدر مطلع إن أول اتفاق لأرامكو مع هنغلي كان لتوريد 20 مليون برميل من النفط، نحو 55 ألف برميل يوميا، في 2018.
وقال "هنغلي نفذت صفقة 2018 بشكل جيد، مما ساعد في بناء الثقة".
ومصفاة هنغلي مُصممة لمعالجة النفط السعودي، مزيج من الخام العربي المتوسط والخام العربي الثقيل، بنسبة 90 بالمئة في حين يشكل خام مارليم البرازيلي النسبة الباقية البالغة عشرة بالمئة.
وقالت مصادر بالقطاع إن المصفاة التابعة لرونغشينغ مماثلة لمصفاة هنغلي.
وطلبت المصادر عدم الكشف عن هويتها.
وتمد أرامكو مصفاة تابعة لبتروتشاينا في إقليم يونان بجنوب غرب الصين بنحو أربعة ملايين برميل من الخام شهريا عبر خط أنابيب من ميانمار بين يوليو تموز ونوفمبر تشرين الثاني وفقا لما تظهره بيانات أيكون، لكن مصادر تقول إن المحادثات مع السعودية لشراء حصة في المصفاة توقفت.
وقال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لأرامكو يوم الاثنين إن الشركة ستسعى لزيادة حصتها السوقية في الصين وإنها مازالت تتطلع إلى اتفاقات مصاف تكرير هناك على الرغم من القيود المحتمل أن تفرضها أوبك على الإنتاج في العام القادم.
قد تخفض صادرات النفط لأمريكا
ستورد أرامكو السعودية ما يصل إلى 70 بالمئة من احتياجات النفط لمشروع مصفاة مشترك تبلغ طاقته 300 ألف برميل يوميا في ماليزيا مع بتروناس. وبين الصين وماليزيا وحدهما، سيتعين على السعودية زيادة الصادرات إلى آسيا أكثر من 500 ألف برميل يوميا في العام القادم.
يأتي هذا في الوقت الذي تبحث فيه منظمة أوبك تخفيضات للإنتاج تصل إلى 1.4 مليون برميل يوميا العام القادم لرفع أسعار النفط.
وقالت المحللة رودريجيز-ماسيو إنه بين موازنة الإمدادات العالمية وزيادة الحصة السوقية في آسيا، فإن أرامكو قد تقرر "التخلي عن حصة سوقية في أسواق أخرى مثل الولايات المتحدة" حيث سيكون من الصعب على السعوديين الاحتفاظ بحصة سوقية على أي حال في ظل زيادة الإنتاج المحلي.
وقال المصدر المطلع على خطط تصدير أرامكو إن شحنات النفط السعودي إلى الولايات المتحدة زادت في الآونة الأخيرة إلى أكثر من مليون برميل يوميا، لكن الإنتاج الأمريكي يرتفع أيضا.
وقال المصدر "هناك حاجة لخفض المخزونات في الولايات المتحدة"، مضيفا أن أرامكو ستحول على الأرجح إمدادات نفط من الولايات المتحدة إلى آسيا لتلبية تنامي الطلب هناك.
وقال مسؤول تنفيذي صيني بقطاع النفط "الصين هي مكان نمو الطلب. السعوديون حاذقون للغاية بسعيهم لاقتناص هذه السوق".
(إعداد معتز محمد للنشرة العربية - تحرير أحمد إلهامي)