من ديفيكا كريشنا كومار
نيويورك (رويترز) - تراقب أسواق النفط العالمية بقلق اجتماع أوبك القادم لاستيضاح وضع الإمدادات في المستقبل مع انقشاع الغبار بعد اضطراب شامل في أسواق الخام على مدى الأسابيع القليلة الماضية.
وحتى الآن، لا تتوافر رؤية واضحة بشأن ما إذا كان الإنتاج سينخفض أم سيظل مستقرا، وتلك الضبابية تثير خطر مزيد من التقلبات بعد عمليات بيع كبيرة تسببت في انخفاض النفط أكثر من 30 بالمئة في فترة تزيد قليلا على شهر.
وتتوقع أطراف السوق بوجه عام أن تخفض أوبك الإنتاج في اجتماعها المقرر في السادس من ديسمبر كانون الأول نحو 1.4 مليون برميل يوميا، لكن هناك ما يكفي من الضبابية كي يتوخى المتعاملون الحذر.
فالمضاربون، الذين راهنوا يوما على أن النفط سيبلغ 100 دولار للبرميل، يتحركون حاليا في الاتجاه المعاكس ويعززون المراكز المدينة في النفط لأعلى مستوى في أكثر من عام. وتظهر سوق الخيارات حاليا عددا قياسيا من المراكز المفتوحة المراهنة على انخفاض الخام الأمريكي إلى ما بين 45 دولارا و50 دولارا للبرميل بنهاية 2019، وإن كانت الرهانات على الارتفاع تزيد هي الأخرى.
وقال جريج شاريناو مدير المحفظة لدى بيمكو، التي تدير بشكل مشترك أصول سلع أولية تزيد قيمتها على 15 مليار دولار "الحصول على قدر من الوضوح بشأن نية السعوديين وأوبك... سيكون له أثر كبير في مساعدة السوق على الأداء بشكل أفضل".
وأضاف أنه إذا لم تخفض أوبك الإنتاج، فإن الأسعار قد تتراجع إلى 40 دولارا للبرميل.
والإشارات متباينة من منظمة البلدان المصدرة للبترول والسعودية، أكبر منتج فيها. وأبلغ مسؤولون مطلعون على الخطط السعودية رويترز أنهم يتوقعون أن تخفض المملكة الإنتاج، لكن مصدرا بالقطاع قال أيضا إن إنتاج النفط السعودي تجاوز 11 مليون برميل يوميا للمرة الأولى في نوفمبر تشرين الثاني.
ومداولات المنظمة تزداد تعقيدا بتنامي تأثير روسيا، التي ارتفع إنتاجها إلى أعلى مستوى لما بعد الحقبة السوفيتية، وبتأثير الولايات المتحدة، التي تنتج حاليا عند مستوى قياسي يبلغ 11.7 مليون برميل يوميا. والمسؤولون التنفيذيون والحكوميون بقطاع النفط الروسي متشككون في الحاجة لخفض الإنتاج.
في غضون ذلك، تسبب القرار الأمريكي بإعادة فرض عقوبات على إيران، ومنح إعفاءات فقط إلى كبار مستوردي النفط من طهران، في دفع السوق لحالة من الاضطراب.
وراهنت صناديق تركز على العوامل الكلية وتقدم المشورة بشأن تداول السلع الأولية على ارتفاع جديد قبيل تجديد العقوبات الأمريكية على إيران، لتصبح في وضع صعب بعد الإعلان عن الإعفاءات وارتفاع الإنتاج الأمريكي بوتيرة أسرع من المتوقع. وتقول مصادر بالسوق إن بنوك وول ستريت الراغبة في حماية نفسها من الانكشاف على بيع الخيارات إلى منتجي النفط تسببت في زيادة عمليات البيع تلك.
وزادت التقلبات المفترضة، وهي مقياس للطلب على الخيارات، مع بلوغ مستوى التقلب المفترض للخام الأمريكي أعلى مستوى منذ فبراير شباط 2016 الأسبوع الماضي.
وأضرت تقلبات الأسعار بشدة بالصناديق. ومن بين المراهنين البارزين على ارتفاع النفط، خسر صندوق أندوراند كابيتال كوموديتيز 4.1 بالمئة في شهر حتى 16 نوفمبر تشرين الثاني، مما يجعله منخفضا 15.7 بالمئة في سنة وفقا لبيانات اتش.اس.بي.سي.
وعقود الخيارات المفتوحة المراهنة على انخفاض أسعار الخام الأمريكي إلى ما بين 40 دولارا و45 دولارا للبرميل بنهاية 2019 عند مستويات قياسية، لكن الرهانات على ارتفاع النفط الأمريكي إلى 80 دولارا للبرميل مرتفعة أيضا، إذ يرى البعض أن عمليات البيع مضت أبعد وأسرع مما ينبغي.
وقال شون رينولدز مدير المحفظة لدى صندوق فان إيك جلوبال هارد آسيتس في نيويورك "بقدر ما كان التراجع حادا، أعتقد أن السوق مستعدة لعودة قوية".
وفي الأسابيع الأخيرة، خفضت أوبك ووكالة الطاقة الدولية توقعاتهما للطلب بسبب تدهور الأوضاع في الاقتصادات النامية. ويشير المنحنى المستقبلي للعقود الآجلة لخام برنت - مؤشر السوق الرئيسي لتوقعات العرض والطلب - حاليا إلى تخمة محتملة حتى منتصف 2019.
وتضع أداة مراقبة أوبك التابعة لمجموعة سي.ام.إي، والتي تستخدم نشاط سوق الخيارات لتوقع قرار أوبك الأرجح، احتمالا نسبته 70 بالمئة لخفض صغير لإنتاج أوبك واحتمالا نسبته 30 بالمئة لخفض محدود للإنتاج أو عدم خفضه على الإطلاق.
ترجع هذه الضبابية لعوامل من بينها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي زاد قراره بعدم معاقبة السعوديين على مقتل الصحفي جمال خاشقجي من احتمال أن تكون المملكة أقل ميلا لمعارضة ترامب عبر خفض الإنتاج بشكل كبير.
وقال محللون لدى كابيتال إيكونوميكس في مذكرة "دعم الرئيس ترامب الضمني لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أعقاب اغتيال خاشقجي يبدو أنه أمده بورقة ضغط مهمة على القيادة السعودية".
(إعداد معتز محمد للنشرة العربية - تحرير أحمد إلهامي)