من رودي سعيد
قرب نهر الفرات (شمال سوريا) (رويترز) - تعهد مقاتلون سوريون تدعمهم الولايات المتحدة ويشنون هجوما كبيرا على تنظيم الدولة الإسلامية بقطع آخر طريق يربط التنظيم بالعالم الخارجي وحصلوا على دعم حيوي -وإن كان ضمنيا- من تركيا.
ويستهدف الهجوم حول مدينة منبج السورية الذي يجري بدعم ضربات جوية للتحالف وبمشاركة وحدة من القوات الخاصة الأمريكية عزل آخر قطاع يخضع للتنظيم بطول 80 كيلومترا على الحدود مع تركيا من خلال السيطرة على أراض في شمال العراق غرب نهر الفرات.
وفي حال نجاح الهجوم سيحقق ذلك أحد أهم أهداف واشنطن وسيمثل أحد أكبر الخسائر للتنظيم الذي أعلن الخلافة في الأراضي التي سيطر عليها بالعراق وسوريا قبل عامين.
وجاء في بيان باسم قوات سوريا الديمقراطية والمجلس العسكري لمنبج تلاه عدنان أبو أمجد قائد المجلس العسكري إن الحملة ستستمر حتى تحرير آخر "شبر" من أرض منبج وريفها.
وقال "يا أبناء منبج الأبية. إن قواتنا قادمة لتحريركم من براثن جلادي داعش الإرهابي."
وتقود واشنطن حملة ضربات جوية ضد التنظيم منذ عامين في سوريا والعراق. وتبحث الولايات المتحدة عن حلفاء جديرين بالثقة على الأرض في سوريا التي تعارض رئيسها بشار الأسد في حرب أهلية تخوضها عدة أطراف.
وتضم قوات سوريا الديمقراطية التي تشكلت العام الماضي وحدات حماية الشعب الكردية وما تصفه واشنطن بعدد متنام من القوات العربية التي تم إقناعها بالانضمام. واجتاحت القوات قرى في غرب الفرات منذ بدء الهجوم يوم الثلاثاء.
يأتي الهجوم بعد شروع الجيش العراقي في هجوم منفصل على مدينة الفلوجة.
وأوقفت القوات العراقية تقدمها في الفلوجة لليوم الثالث على التوالي بعد وصولها للمشارف الجنوبية للمدينة يوم الاثنين. وشاهد فريق لرويترز في قرية الصقلاوية قرب الفلوجة مقاتلين عراقيين شيعة يسيطرون على خنادق وأنفاق انتزعت من تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي حملات أخرى يتقدم الأكراد العراقيون في قرى قرب مدينة الموصل وخاضت القوات الحكومية السورية التي تتلقى دعما روسيا قتالا ضد التنظيم في مناطق أخرى في سوريا.
*دعم تركي
تأمل واشنطن أن يكون القتال قرب منبج نقطة تحول في الصراع لعزل آخر نقطة اتصال للتنظيم بالعالم الخارجي. ويستغل المتشددون الحدود منذ سنوات لتلقي الإمدادات والمقاتلين كما جرى استغلالها مؤخرا في إرسال مقاتلين لشن هجمات في أوروبا.
وقال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر "نعلم بوجود تآمر خارجي من مدينة منبج...ضد أوروبا وتركيا وكل أصدقائنا وحلفائنا والولايات المتحدة أيضا."
ووصف كارتر قوات سوريا الديمقراطية "بأنها قوات قوية تقوم بكل الأشياء التي يمكن أن نقوم بها دائما مع قوات محلية متحمسة وقادرة لمحاربة داعش."
والهدف النهائي لواشنطن هو إخراج تنظيم الدولة الإسلامية من معاقله الرئيسية في الرقة بشرق سوريا والموصل في شمال العراق والقضاء على نفوذه بالمنطقتين.
وسيطر الأكراد المتحالفون مع واشنطن على قطاع كبير من شمال شرق سوريا قرب الحدود التركية لكن تقدمهم غرب الفرات لإغلاق الحدود واجه معارضة قوية من تركيا التي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية عدوا لها.
لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عبر ضمنا عن دعمه للتقدم الأخير وقال إنه جرى إبلاغه بأن معظم القوات المشاركة في العملية من العرب وليس الأكراد.
وقالت مصادر عسكرية تركية إن تركيا قصفت مواقع تنظيم الدولة الإسلامية عبر الحدود مع مدينة اعزاز مما أسفر عن مقتل خمسة من المقاتلين. وتقول منظمة أطباء بلا حدود إن مئة ألف شخص ما زالوا محاصرين قرب اعزاز ويواجهون الخطر مع اقتراب خطوط القتال.
وتوقع مصدر كردي طلب عدم ذكر اسمه في تصريح لرويترز من بيروت إن يصل المقاتلون السوريون إلى منبج الخاضعة لسيطرة التنظيم خلال أيام بعدما اقتربوا إلى عشرة كيلومترات من المدينة.
وقال المصدر إن من المبكر التكهن بكيفية سير معركة منبج لكنه أوضح أن دفاعات التنظيم على الضفة الغربية لنهر الفرات انهارت في بداية الحملة.
وقال ناصر الحاج منصور مستشار قوات سوريا الديمقراطية لرويترز إن التنظيم لا يزال صامدا. وأضاف أن التقدم يحدث بوتيرة جيدة بشكل عام مع الأخذ في الاعتبار أن التنظيم لا يزال يمتلك القدرة على القتال.
*وقف تقدم الفلوجة
وفي العراق أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الهجوم على الفلوجة قبل 11 يوما ليحيد عن إستراتيجية واشنطن التي ترغب من العراقيين أن يركزوا على الموصل معقل التنظيم.
والفلوجة التي خاضت فيها القوات الأمريكية أكبر معاركها في غزو العراق بين عامي 2001 و2003 معقل رئيسي للمسلحين السنة وكانت أول مدينة عراقية يرفع عليها تنظيم الدولة الإسلامية رايته في 2014 قبل اجتياحه لشمال وغرب البلاد.
وتبعد المدينة عن بغداد نحو ساعة بالسيارة وتتيح استعادتها للحكومة السيطرة على المراكز السكنية الرئيسية في وادي نهر الفرات الخصب غربي العاصمة للمرة الأولى منذ أكثر من عامين.
وجدد العبادي دعواته يوم الخميس للسياسيين العراقيين المنقسمين بالتوحد خلف الجيش في معركة الفلوجة. وأعلن العبادي يوم الأربعاء وقف الهجوم على الفلوجة بسبب مخاوف على سلامة المدنيين.
ورغم فرار معظم سكان الفلوجة إلا أن الأمم المتحدة عبرت عن قلقها العميق بشأن مصير عشرات الآلاف من المدنيين الذين لا يزالون محاصرين وبينهم مئات الأسر التي تحتجزها الدولة الإسلامية دروعا بشرية في وسط المدينة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن 4380 شخصا فروا من الفلوجة حتى الآن خلال الهجوم وإنه يبحث عن أماكن لإيوائهم مشيرا إلى أن الهجوم شرد نحو عشرة آلاف شخص.
(إعداد معاذ عبد العزيز للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)