تتأهب الأسواق عزيزي القارئ للبيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي اليوم، حيث أن الاقتصاد افتقر للبيانات خلال الأيام الاولى من الأسبوع، بيد أن غياب البيانات لم يترك الأسواق دون تأثيرات جانبية حيث شهدت الأسواق خليطا من مشاعر القلق والأمل وسط الأنباء التي تواردت طوال الأيام القليلة الماضية.
ومتحدثين عن البيانات الصادرة اليوم نبدأها في المؤشر الأسبوعي الصادر عن وزارة العمل الأمريكية والتي تتمثل في طلبات الإعانة للأسبوع المنتهي في الخامس من كانون الأول والتي من المتوقع أن تتراجع بوتيرة خفيفة لتصل إلى 455 ألف طلب مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 457 ألف طلب، أما بالنسبة لطلبات الإعانة الأمريكية المستمرة للأسبوع المنتهي في الثامن والعشرين من تشرين الثاني، فمن المتوقع أن تتراجع أيضا لتصل إلى 5450 ألف طلب مقارنة بالقراءة السابقة والتي بلغت 5465 ألف طلب.
وهنا نشير عزيزي القارئ إلى خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبل يومين في واشنطن والذي صرح من خلاله على ضرورة التركيز على قطاع العمالة الأكثر تعثرا بين القطاعات الأمريكية، مشيرا إلى أن القطاع لا يزال يعاني بالرغم من تراجع معدل البطالة خلال تشرين الثاني، إذ بيّن بأن معدل البطالة لا يزال ضمن المستويات الأعلى له منذ 26 عام.
حيث أكد أوباما بأنه سيقوم بتمديد برنامج تمويل القروض المتعثرة TARP حتى تشرين الأول القادم، إذ يرى أوباما في هذا تعزيز للبنوك والشركات المالية الضخمة من ناحية، ودعم النمو على مستوى الاقتصاد ككل من ناحية أخرى، إضافة إلى تخصيص مبلغ 600 مليون دولار للقطاع الصحي ليشمل إنشاء وتوسيع مشاريع جديدة، مما سيشكل دعما للوظائف في ذلك القطاع، وعلى صعيد آخر سترفع تلك المشاريع من مستوى تغطية المرضى ليصل إلى أكثر من 500 ألف مريض.
وهذا ما أعاد التفاؤل نوعا ما إلى المستثمرين، إلا أن البعض يرى بأن تمديد مثل تلك البرامج يعد مؤشرا ولو كان غير واضحا بأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بحاجة إلى تلك الخطط أو البرامج التحفيزية لدعم النمو وضمان سير الاقتصاد على خطى التعافي التدريجي بالرغم من دلائل التعافي التي ظهرت في مختلف القطاعات الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومنتقلين إلى الجزء الأهم في البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي اليوم والذي يكمن في تقرير الميزان التجاري الأمريكي عن شهر تشرين الأول والذي من المتوقع ان يظهر توسع العجز بشكل طفيف ليصل إلى 36.8 مليار دولار مقارنة بالعجز السابق الذي بلغ 36.5 مليار دولار، إضافة إلى التوقعات التي تشير إلى أن العجز في ميزانية الخزينة الأمريكية ستتوسع خلال تشرين الثاني لتصل إلى 131.6 مليار دولار مقارنة بالعجز السابق الذي بلغ 125.2 مليار دولار.
وهذا ما نشر الرعب في الأسواق خلال اليومين الماضيين، حيث أن شركة موديز الضخمة للتصنيفات الائتمانية أعلنت بأن اقتصاد كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا مهدد بتخفيض تقييمهما الائتماني وسط توسع العجز في ميزانية كل من الدولتين.
مشيرين أيضا أن التوسع في عجز الميزانية الأمريكية إضافة إلى قرار تمديد برنامج تمويل القروض المتعثرة يشكلان ضغوطا أخرى على الدولار الأمريكي والذي بات وضعه مبهم أمام العملات الرئيسية خاصة اليورو، حيث فقد الدولار الكثير من زخمة أمام العملات، ليصل خلال الفترة الماضية إلى أدنى مستوى له منذ خمسة عشر شهرا تقريبا.
ومتحدثين بإيجاز عن الاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي، ألا وهو الاقتصاد الكندي، فقد أظهر هو الآخر الكثير من بوادر التعافي التدريجي، ولكن تبقى التأثيرات التي تسيطر على الاقتصاد الأمريكي تعتبر تأثيرات أيضا على الاقتصاد الكندي، ومن التوقع أن يظهر مؤشر تجارة البضائع الدولية والصادر عن الاقتصاد الكندي اليوم ارتفاعا خلال تشرين الأول ليصل إلى -0.7 مليار دولار كندي مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت -0.9 مليار دولار كندي.
ونشير أيضا أن البنك المركزي الكندي قرر منذ يومين تثبيت أسعار الفائدة دون تغيير عن نسبة 0.25%، حيث من المحتمل أن يشكل هذا القرار دعما إلى الاقتصاد وسط معدلات الإقراض المنخفضة، وأشار البنك المركزي أن معدلات الفائدة ستبقى كذلك حتى حزيران 2010.
وأخيرا عزيز القارئ نشير إلى أن مشاعر المستثمرين تبقى مختلطة وسط تقلب البيانات، إلا أن خطاب وإجراءات الرئيس أوباما اعتبرت بمثابة تهدئة للأسواق وعامل أمل تجاه تطلعات الاقتصاد الأمريكي، وهذا ما ظهر في المؤشرات الأمريكية في تعاملاتها الآجلة، حيث مؤشر داو جونز الصناعي في تعاملاته الآجلة 28.00 نقطة ليصل إلى مستويات 10358.00، صعد مؤشر S&P 500 في تعاملاته الآجلة أيضا 4.50 نقطة ليصل إلى مستويات 1099.75 وأخيرا ارتفع مؤشر نازداك المجمع في تعاملاته الآجلة 5.75 ليصل إلى مستويات 1798.25، تم تحديث هذا البيانات في تمام الساعة 05:58 بتوقيت نيويورك.