يوم جديد يهل علينا عزيزي القارئ، وسط ترقب المستثمرين اليوم لبيانات ستصدر عن القطاع الأمريكي الذي بدأ أسوأ أزمة مالية منذ عقود -قطاع المنازل-، في سبيل الحصول على نظرة أوضح حول مستقبل الاقتصاد الأكبر في العالم، وحول مستقبل عجلة تعافيه وانتعاشه.
تلك البيانات الخاصة بقطاع المنازل الأمريكي ستصدر اليوم في تمام الساعة 12:30 بتوقيت غرينيتش وستتمثل في مؤشر مبيعات المنازل القائمة، حيث من المتوقع أن نشهد انخفاض تلك المبيعات في قراءة شهر تموز بنسبة 13.4% لتصل إلى 4.65 مليون وحدة سكنية بالمقارنة مع الانخفاض السابق والذي بلغ 5.1% أي 5.37 مليون وحدة سكنية والذي كان مسجلاً في شهر حزيران الماضي.
أما التقارير السابقة والصادرة عن قطاع المنازل الأمريكي والخاصة يشهر تموز فقد أكدت جميعها على أن القطاع لا زال يبحث عن استقراره اامفقود وسط ضعف الأوضاع الاقتصادية الأمريكية بالمجمل، أو لنكن أكثر دقة وسط تباطؤ عجلة التعافي والانتعاش ضمن الاقتصاد الأمريكي، حيث واجه القطاع تراجعاً حقيقياً عقب انتهاء مدة العمل ببرامج التحفيز الحكومية، وبالأخص إذا ما ذكرنا انتهاء مدة العمل ببرنامج "الإعفاء الضريبي" والذي أقرته الحكومة الأمريكية لدعم القطاع والذي كان يقضي بإعطاء تخفيضات ضريبية لمشتري المنازل لأول مرة، هذا إلى جانب العديد من العوامل الأخرى والتي أثرت بشكل مباشر على أداء قطاع المنازل الأمريكي لتقوده نحو ذلك الهبوط، حيث تمثلت تلك العوامل في ارتفاع معدلات البطالة، بالإضافة إلى تشديد شروط الائتمان، ناهيك عزيزي القارئ عن ارتفاع قيم حبس الرهونات العقارية، والعوامل الجوية السيئة والتي شهدناها مطلع العام الجاري، والتي عملت على الحد من مستويات الإنفاق في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الربع الأول من العام الجاري 2010.
ومن المنتظر أن نشهد صدور المزيد من البيانات والأخبار الاقتصادية والخاصة بقطاع المنازل الأمريكي خلال الأسبوع الحالي، حيث سيتم الإعلان يوم غد الأربعاء عن قراءة مبيعات المنازل الجديدة والخاصة بشهر تموز أيضاً، ومن المتوقع أن ترتفع تلك المبيعات بنسبة 3.0% لتصل إلى 340 ألف وحدة سكنية بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت ارتفاعاً بنسبة 23.6 بالمئة أي بواقع 330 ألف وحدة سكنية، إلا أن الأنظار تبقى معلقة بآخر أيام الأسبوع الحالي مع القراءة الثانية للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية والخاصة بالربع الثاني من العام الجاري 2010.
مبيعات المنازل القائمة أظهرت سابقاً بأن مشتري المنازل استفادوا من برنامج "الإعفاء الضريبي" والذي كان يقضي بإعطاء تخفيضات ضريبية لمشتري المنازل لأول مرة، حيث كان الهدف من البرنامج جذب مشتري المنازل لأول مرة لشراء تلك المنازل، والحق يقال، فالبرنامج أدى واجبه إلى حد كبير، نظراً لكون التحدي الأبرز الذي يقف أمام القطاع يتمثل في تشديد شروط الائتمان، هذا إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة، وسط ارتفاع قيم حبس الرهونات العقارية، وبالأخص خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، حيث وصلت إلى 15.0% أو أكثر من 350.0 ألف وحدة سكنية، وذلك بحسب شركة RealtyTrac Inc.
ومع ذلك فإن قطاع المنازل الأمريكي لا زال يسير في طريق التعافي والانتعاش، إلا أن أنشطته الاقتصادية أظهرت تراجعاً ملحوظاً خلال الأشهر القليلة الماضية، وذلك عقب انتهاء مدة العمل ببرامج التحفيز مباشرة، في حين يبقى الدعم المقدم من الحكومة الأمريكية إلى جانب البنك الفدرالي الأمريكي متمثلاً في الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية قرب الصفر، وبالتالي فإن قطاع المنازل الأمريكي بحاجة إلى المزيد من الوقت لتحقيق التعافي التام من تبعات أسوأ أزمة مالية تعم العالم منذ الحرب العالمية الثانية، ومن ثم مساعدة الاقتصاد الأمريكي في تسجيل معدلات نمو قوية خلال الفترة القادمة.
وصولاً إلى مؤشرات الأسهم الأمريكية وفي تعاملاتها الآجلة، فقد شهدنا انخفاضها قبيل افتتاح جلسة تداولات اليوم لتوسع من دائرة خسائرها المسجلة يوم أمس، وذلك بسبب تشاؤم المستثمرين والأوساط الاقتصادية الأمريكية حيال البيانات التي ستصدر اليوم عن الاقتصاد الأمريكي أو بالتحديد عن قطاع المنازل الأمريكي، والتي من المتقع أن تصدر بأدنى من التوقعات ليستمر المستثمرون في الابتعاد عن المخاطرة، ولكن من يدري، فقد يفاجئنا الاقتصاد الأمريكي بأرقام جيدة تكون عنوان تفاؤل المستثمرين اليوم.
وفي النهاية عزيزي القارئ فقد شهدنا اليوم تحرك مؤشرات الأسهم الأمريكية و في تعاملاتها الآجلة، حيث انخفضت قبيل انطلاق جرس بداية الجلسة الأمريكية بسبب التشاؤم الذي يعم الأوساط الاقتصادية في شتى أنحاء العالم حول ما آلت إليه الأمور في قطاع المنازل الأمريكي، حيث انخفض مؤشر الداو جونز الصناعي في تعاملاته الآجلة بنسبة 0.7 بالمئة لغاية اللحظة، ليصل إلى مستويات 10084 نقطة، بينما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في تعاملاته الآجلة بنسبة بلغت 0.8 بالمئة، ليتداول حالياً عند مستويات 1057.30 نقطة، أما مؤشر الناسداك 100 فقد انخفض هو الآخر في تعاملاته الآجلة بنسبة 0.8 بالمئة ليصل إلى مستويات 1795.75 نقطة، (تم تسجيل البيانات في تمام الساعة 10:15 بتوقيت لندن).
كما وسيصدر عن الاقتصاد الكندي اليوم قراءة مبيعات التجزئة عن شهر حزيران حيث تشير التوقعات إلى ارتفاع المبيعات بنسبة 0.4% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت انخفاضاً بنسبة 0.2% في حين تشير التوقعات أيضاً إلى أن قراءة مبيعات التجزئة عدا المواصلات عن حزيران ارتفعت بنسبة 0.1% بالمقارنة مع القراءة السابقة التي بلغت انخفاضاً بنسبة 0.1%، وعلى ما يبدو فإن معدلات الإنفاق تواصل التحسن في كندا، الأمر الذي يوضح تحسن مستويات الطلب بالتأكيد، مما سيشكل مزيداً من الدعم لعجلة التعافي والانتعاش في البلاد...