ظلت أسعار البيتكوين منخفضة بثبات منذ أزمة الائتمان التي أصابت العملات الرقمية في يونيو بدلاً من الصعود إلى مستويات مرتفعة.
كان الرمز الرقمي الأكثر تداولاً بشكل فعال حول العالم يحوم قرب 21 – 24 ألف دولار في الأسابيع الستة الماضية، وهو ملاذ يتوافر فيه الهدوء النسبي بعد دوامة العامين الماضيين.
بالنسبة للداعمين، ربما كانت هناك حاجة إلى فاصل بعد انخفاض قيمة البيتكوين بنسبة تصل إلى 70% منذ نوفمبر.
أشارت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إلى أن ذكرى مايو ويونيو، عندما أدى انهيار عملة تيرا ونظيرتها لونا، إلى هبوط الأسعار وإفلاس شركات مثل "ثري أروز كابيتال" و "فويجرز ديجيتال" و "سيليسيوس"، ما زالت حديثة.
ساعدت الأشهر التسعة الماضية على تسوية بعض الادعاءات المتفائلة التي تم التصريح بها نيابة عن البيتكوين، فهي ليست تحوطاً ضد التضخم أو ذهباً رقمياً أو بديلاً لأسهم التكنولوجيا الأمريكية التي تمتعت أيضا بأرباح ضخمة بعد الوباء.
في الأشهر الستة الماضية، انخفض مؤشر ناسداك 4%، بينما انخفضت البيتكوين بنسبة كبيرة بلغت 46%، بحسب شركة "ريفينيتيف".
لكن كما أشار جيف دورمان، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة إدارة الأصول "أركا"، فإن "بيتكوين عالقة".
في فترة الستة أسابيع نفسها، انتعشت الأسهم مثلما انتعشت الرموز الرقمية مثل "إيثر" و "يوني سواب" و "ايه ايه في إي" و "ماتيك"، إذ يبحث المستثمرون عن بوادر تدعو إلى التفاؤل، لكن الأمر لم يكن مشابهاً مع البيتكوين.
قال دورمان إن "البيتكوين" فقدت وصفها بشكل كامل، فهي ليست أداة تحوط ضد التضخم ولا تتصرف بشكل دفاعي وليست غير مرتبطة، ونتيجة لذلك، مع عدم وجود وصف لها، تم تداول بيتكوين باعتبارها "معامل بيتا لناسداك" وستستمر في كونها كذلك حتى تجد لنفسها وصفاً جديداً".
إذاً ما الوصف الذي يجب التركيز عليه؟
بدأت العملة الرقمية كأداة مقاومة للرقابة لتجاوز اللوائح التنظيمية، مع العلم أنه لم يتم اختراقها بعد، لكنها أيضاً لم تعثر على أي جدوى حقيقية.
كان ساتوشي ناكاموتو، وهو الاسم المستعار لمطورها، يتصورها باعتبارها "نظام نقدي إلكتروني على أساس نظير إلى نظير"، لكن هذا الحلم بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى.
نعم، أصبحت البيتكوين عملة قانونية لأول مرة في العام الماضي عندما اعتمدت السلفادور العملة الرقمية، لكنها ليست منتشرة على نطاق واسع، كما أنه ما زالت هناك حواجز تكنولوجية كبيرة مثل قابلية التوسع.
حتى الرئيس التنفيذي لبورصة العملات الرقمية "إف تي إكس"، سام بنكمان فرايد، يقول "إن بيتكوين ليس لها مستقبل كنظام مدفوعات".
قال ستيفن ديل، مبرمج حاسوب وناقد صريح للعملات الرقمية: "إذا ظل سعر بيتكوين مستقرا ًبالنسبة إلى سلة السلع، فعندئذ يمكن أن تكون وسيلة للتبادل، وذلك على أساس نظري بحت"، مع التحذير من أنه حتى فترة 6 أشهر لن تكون كافية للتأكد من هذا.
لكن المفارقة في عملة بيتكوين هي أنها إذا كانت مستقرة بما يكفي لاستخدامها كوسيلة للتبادل، فهي استثمار سيئ لأن قيمتها لا ترتفع.
تشير تطورات السوق إلى أن البيتكوين ما زال يُنظر إليها باعتبارها أصل مضارب.
الأسبوع الماضي فقط، أطلقت "بلاك روك"، وهي أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، صندوقاً خاصاً بعملة بيتكوين، مستشهدة "بالاهتمام الكبير" من العملاء رغم حقيقة أن الأصول الرقمية سجلت انخفاضاً حاداً منذ أن بلغت ذروتها في نوفمبر 2021.
كانت الانهيارات السابقة سبباً في تسجيل ارتفاعات ضخمة بعد بضعة أعوام، وهي حقيقة تدعو إلى التكهن بأن هذا الهدوء قد يتيح الوقت للاستعداد لجولة صعودية أخرى.
قال بيتر هابرماشير، الرئيس التنفيذي لشركة "أرو كابيتال"، إن "مديري الأصول الكبار يتعرضون الآن لمزيد من الضغط لتوفير العملات الرقمية لعملائهم، خصوصا أن الأسعار سهل تحملها. كما أن المستثمرين المتمرسين يدركون أنك تشتريها بعد انهيار هائل".
وأضاف: "نحن لا ننظر إلى بيتكوين كنقد رقمي، بل إن العملات الورقية والعملات الرقمية المربوطة بأصول أخرى تعد وسيلة أفضل للدفع".
مع ذلك، فإن الأمر يتطلب مستثمراً شجاعاً للتعمق في الأمر الآن، خاصة أن العالم أصبح يتسم بالتضخم المرتفع وأسعار الفائدة المرتفعة وهو أفق جديد لصناعة التشفير.
قال دان إيفز، كبير محللي الأسهم في شركة "ويدبوش سيكورتيز": "إنها خلفية هشة للأصول الخطرة، إذ ستستمر على الأرجح صورة بنك الاحتياطي الفيدرالي والتضخم خلال بقية العام الحالي".