Investing.com - تسببت العملة الرقمية "بتكوين" في إثارة جدل واسع في الأوساط المالية والاقتصادية على المستوى العالمي، حيث إن التقلبات والاضطرابات التي تشهدها بين كل حين وآخر قللت من قيمتها كوسيلة دفع يمكن الاعتماد عليها.
قال بعض المحللين أنه من الممكن التعامل مع "بتكوين" على أنها مخزنا للقيمة، حتى إذا لم يهتم البعض بشرائها، إلا أن التقلبات المستمرة في سوق هذه العملة نحو الصعود لأرقام قياسية أحيانًا والهبوط فجأة جدير بالمتابعة والمراقبة، فبحسب تقرير نشرته "وول ستريت جورنال" فإن الاضطرابات الشديدة لـ "بتكوين" يمكن من خلالها التكهن بتقلبات محتملة في أصول مالية أخرى.
استطاعت تكنولوجيا "بلوك شين" – التي يتم من خلالها تداول العملات الرقمية- لفت أنظار العديد من القطاعات حول العالم بداية من القطاعات المالية والمصرفية وحتى الزراعية والصناعية.
ظهرت العملات الرقمية لأول مرة في عام 2009، وأقبل بعض المستثمرين عليها باعتبارها تكنولوجيا جديدة في بداياتها خاصة الأشخاص المتشائمين الذين كانوا يخشون انهيار العملات بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، وارتفع سعر العملة الرقمية بشكل معتدل حتى وصلت إلى 700 دلار في نهاية عام 2016.
وخلال العام الماضي قفزت اسعار "بتكوين" والعملات الرقمية الأخرى قفزات سريعة، حيث بلغت قيمتها ألف دولار ثم ألفين ثم خمسة آلاف ثم عشرة آلاف، حتى اقتربت من جاجز الـ 20 ألف دولار في نهاية العام الماضي، الأمر الذي جعل الكثرين يصابون بالهوس بـ "بتكوين" مما جعل المحللون يشبهونها بالفقاعات الشهيرة مثل "دوت كوم" و"توليب".
وفي بداية العام الحالي ظهرت الكثير من السلبيات للعملة "بتكوين" والعملات الرقمية بوجه عام، حيث تبين أن هناك بعض الأشخاص يستخدمونها في أعمال منافية للقانون مثل التهرب الضريبي وغسيل الأموال، إلا إنها وبالرغم من كل ذلك ما زال الإقبال عليها مستمر.
وعن الأسباب التي أدت إلى حدوث هذه التقلبات بسوق العملات الرقمية، أشار البعض إلى أن هناك عوامل اقتصادية وأخرى جيوسياسية، فعند تولي الرئيس "دونالد ترامب" الرئاسة الأمريكية، اعتقد المستثمرون والمديرون التنفيذيون حدوث تغيرات داعمة لنمو الاقتصاد الأمريكي، مثل تقليل الضغوط التنظيمية وزيادة الإنفاق على البنية التحتية والخفض الضريبي.
تحسنت التوقعات عن النمو الاقتصادي الأمريكي والعالمي بشكل كبير، وقام مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع معدل الفائدة أربع مرات منذ لك الحين وحتى نهاية العام الماضي، إلا أن عدم اليقين حيال السياسات النقدية العالمية واحتمالات رفع الفائدة دفع الدفع إلى الاتجاه نحو العملات الرقمية كنوع من المقامرة، ففي حالة استمرار سياسات التيسير الكمي وتوسع الأحوال المالية فإن أصولا كالأسهم والعملات الرقمية ستشهد انتعاشًا كبيرًا.
ويعتقد بعض المحللون أن بتكوين كان ملاذ آمن ضد التذبذب في الأصول المالية، من الممكن التعويل عليه في أوقات النمو الاقتصادي القوية، والتي من شأنها زيادة معدل التضخم وزيادة وتيرة الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالتبعية.
وبالرغم من ارتفاع قيمة "بتكوين" مرة أخرى وشعور المستثمرين بالتفاءل، إلا أن البعض مازال يشعر بالقلق من حكومة "ترامب" وسياستها التجارية مثل خفض قيمة الدولار لتدعيم الصادرات، وبالتالي يبحث البعض عن مخزن للقيمة، الأمر الذي دفعها إلى "بتكوين" والعملات الرقمية بشكل عام.
وبعد إنتهاء الإنتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 اهتزت الثقة في المؤسسات المالية الأمريكية، وهذا يعد سبب لآخر لدعم العملات الرقمية، كما أن الشكوك مازال تحيط بالسياسة النقدية للمجلس الفيدرالي تحت رئاسة " جيروم باول" لذا اتجه المستثمرون إلى العملات الرقمية كنوع من التحوط والحذر.
وتزيد معدلات عدم اليقين في الأسواق العالمية في ظل القرارات التجارية التي تتخذها حكومة "ترامب" كالقرار الأخير الذي أقره ترامب بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم الأمريكية.