investing.com - إن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تبذل جهودا ضخمة لمحاولة فهم واستيعاب صناعة العملات الرقمية الناشئة من أجل سن القوانين اللازمة وحماية جمهور المستثمرين من التعرض لعمليات احتيال وسرقة، وهو جهد يشكر للهيئة، إلا أن الهيئة فشلت في التعامل مع الجانب الأساسي في العملات الرقمية وأنظمة التشفير.
في حالة بناؤها بشكل صحيح، فإن أنظمة التشفير لا تتضمن أشخاصا أو كيانات ولا تمثل شكلا من أشكال الملكية، وبالتالي فليس لديهم نظير في العالم المالي التقليدي ولا يمكن أن يخضعوا للنظام المالي بشكله الحالي.
وبدلا من كونهم مطالبة على عقار معين مثل أسهم الشركات، فإن العملات الرقمية هي شكل من أشكال الإثبات ودليل على صحة تنفيذ مجموعة محددة من الوظائف الحسابية، ويتم تنفيذ هذه الوظائف من قبل شبكة معينة دون تدخل أفراد. وبمعنى آخر فإن عملة رقمية مثل البيتكوين ليس لها تواجد فعلي.
وكون الأصول الرقمية ليست ملكية، لأنها لا تحدد بموجب القانون بل بالرياضيات، يظرح مشاكل عديدة حينما يتعلق الأمر بكيفية تقنينها.
وهنا وقعت هيئة الأوراق المالية والبورصات في خطأ نتيجة مفهومها غير السليم عن الأصول الرقمية، ففي بيانها الصادر في 16 نوفمبر الجاري، أوضحت الهيئة أن أي كيان يوفر سوق يجمع ما بين مشترين وبائعين للأوراق المالية بغض النظر عن التكنولوجيا المطبقة يجب أن يمتثل لتعريف البورصة بموجب قوانين الأوراق المالية الفيدرالية.
ويشير مصطلح "كيان" إلى شخص اعتباري، وضربت الهيئة مثال وهو شركة "إيثر دلتا" التي تقوم بتنفيذ عقود ذكية للتحقق من صحة رسائل الطلب، تأكيد شروط وأحكام الطلبات، تنفيذ الأوامر المقترنة، وتوجيه دفتر الأستاذ الموزع ليتم تحديثه وفقا لعمليات التداول. ولا تقتصر "إيثر دلتا" فقط على تنفيذ العقود الذكية، فللشركة خدمات مختلفة مثل واجهة مستخدم صفحة الويب للتفاعل مع العقد الذكي.
وتستطيع الهيئة تقنين الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة، ولكنها لن تتمكن من تقنين العقود الذكية، لأن من يقوم بتنفيذها فعليا ليست الشركة ولا أي فرد.
ويزداد الوضع سوءا بالنسبة لاعتبار العملات الرقمية أوراق مالية، فالأوراق المالية وفقا لتعريف الهيئة عقد استثماري، أي اتفاق بين شخصين اعتباريين وينشئ التزامات قابلة للتنفيذ بموجب القانون.
ولهذا لكي ينطبق التعريف على أي منتج يجب أن يكون العقد بين كيانات قانونية وأن يكون العقد قابلا للتنفيذ بموجب القانون وليس الرياضيات. ولقد فشلت الرموز المشفرة القائمة بواسطة عقود ذكية في الامتثال لهذه المعايير ولذا لا يمكن وصفهم أو تقنينهم كأوراق مالية.
إن قوانين الملكية والقوانين المالية تعتمد على إنفاذ من قبل الحكومات، ونظرا لأن قدرات الحكومات محدودة فلا يوجد نظام عالمي حقيقي للتقنين مناسب لعالم الإنترنت العابر للقارات، وهنا يأتي دور العملات الرقمية التي تتغلب على هذه العوائق من خلال عدم كونها نتاجا لقانون ولا تقتصر على ولاية قضائية بعينها.