investing.com - تقع فنزويلا في قلب أمريكا اللاتينية، وهي واحدة من أكثر الدول الغنية بالنفط في العالم، ويتنافس إنتاجها السنوي من براميل النفط في بلدان مثل المملكة العربية السعودية وكندا، حيث كان النفط مصدر دخلها الرئيسي خلال العقد الماضي.
ومنذ عام 2015، وقعت فنزويلا في فترة ركود إقتصادي تعد الأعنف من نوعها لأي دولة منذ بداية القرن 21، إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى 16.5%، تجاوز معدل التضخم 10 ملايين في المائة ليأثر سلبيا على قيمة عملة البوليفار مقابل الدولار، وبلغت البطالة أعلى مستوياتها على الإطلاق بنسبة 40%.
وأدى انخفاض قيمة العملة الرسمية لفنزويلا إلى عدم قدرة الدولة على تأمين عقود الاستيراد للحصول على البضائع المستوردة، مما أدى إلى نفاذ مخزون هذه البضائع التي تعد من الضروريات للمواطنين في حياتهم اليومية.
ومع استمرار هذه الطروف المعيشية المتدنية، بدأ المواطنين في البحث عن حلول بديلة وكان من ضمنها استخدام العملات الرقمية للمعاملات اليومية وتسهيل المعيشة داخل الدولة من خلال الاعتماد على عملات دولية لا يسيطر عليها البنوك. حتى الحكومة الفنزويلية نفسها لجأت إلى خيار العملات الرقمية، وأطلقت في أكتوبر 2018 عملة رقمية باسم "بترو" مدعومة بالنفط.
لم تلقى "بترو" ترحيبا من جانب المواطنين، لاعتقادهم أنها مجرد فرصة للحكومة للسيطرة على أموال الفقراء وجمع الأموال من مصادر من خارج الدولة. وبالفعل ثبتت نوايا الحكومة السيئة عندما ألزمت المواطنين الراغبين في الحصول على جواز سفر بدفع ثمنه بواسطة "البترو".
ومع ازدياد استخدام العملات الرقمية في المنطقة، وخاصة البيتكوين، ارتفعت أسعار هذه الأصول وهو وضع اقتصادي شائع عندما يكون الطلب أعلى من العرض بكثير في منطقة بعينها، وهو ما حدث في العديد من الدول مثل زيمبابوي على مدار العام الماضي.
وبطبيعة الحال أثرت هذه الظروف الإقتصادية على موقف المواطنين من الحكومة، وظهر خوان غايدو على الساحة مرشحا نفسه لرئاسة البلاد ومعتبرا نفسه الرئيس الشرعي لها، مما أدى إلى انقسام في المجتمعات المحلية والدولية حول من ينبغي أن يكون الحاكم الشرعي.
وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي يتوق إلى حل سلمي للنزاع الحالي على السلطة، إلا أن المؤشرات توضح وجود عناصر لبدء حرب أهلية، فهناك الفقراء الذين يتوقون لمستقبل أفضل ويدعمون غايدو، وعلى الجانب الآخر هناك من اعتادوا على نمط الحياة الحالي ويدعمون حكومة نيكولاس مادورو.
وتشترك العملات الرقمية في هذا الصراع، تمتلك الحكومة عملة "بترو" بسيطرتها على احتياطات الدولة من النفط، ويمتلك الفقراء العديد من العملات الرقمية الأخرى مثل البيتكوين. ويسعى كلا الطرفين إلى استغلال هذه الأصول في دفع ثمن الأسلحة والإمدادت الخاصة بالحرب الأهلية، وبالطبع يفتح الباب لتلقي أي من الطرفين مساعدات خارجية بسرية تامة ودون القدرة على تتبعها أو حظرها.