من المتوقع أن تظهر بيانات الإنتاج الصناعي والاستثمارات ومبيعات التجزئة المقرر إجراؤها في الصين انكماشًا شاملًا للمرة الأولى على الإطلاق، وهو دليل على مدى تأثير فيروس “كورونا” على الاقتصاد.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن الوباء ومحاولات إبطاء انتشاره أدى إلى شل الاقتصاد الصيني فجأة مما اضطر المستهلكين إلى خفض الإنفاق والبقاء في منازلهم خاصة بعد حبس ملايين الناس بعيدًا عن مكان عملهم.
وأدى ذلك إلى إعاقة النشاط عبر الاقتصاد حيث تراجعت مبيعات السيارات والمنازل وتوقف قطاعي التجارة والسفر.
وقال لارى هو كبير الاقتصاديين الصينيين في مجموعة “ماكارى” إن زخم النمو يتحسن بشكل واضح الشهر الحالي مقارنة بالشهرين الماضيين لكن الإجماع على نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4% في الربع الأول سيكون تحت الضغط بعد البيانات الجديدة.
وتحرك البنك المركزى الصيني، لأجل تخفيف حدة الضربة ومساعدة الاقتصاد حيث قدم للبنوك المزيد من الأموال للإقراض عن طريق خفض كمية النقد التي يجب أن يحتفظ بها.
ومن المتوقع أن يتقلص الناتج الصناعي بنسبة 3% مقارنة بمستويات العام السابق في الشهرين الأولين من العام وفقًا لمسح أجرته وكالة “بلومبرج” الأمريكية.
وكان المصنعون وبقية الاقتصاد يعملون في الغالب في الأسابيع الثلاثة الأولى من العام، ولكن حتى في شهر يناير لم يكن القطاع يبدو جيدًا بشكل خاص مع المقياس الرسمي الذي يتتبع المعنويات بين مديري المشتريات في الشركات الصناعية الذي سجل 50 نقطة الشهر الحالي وهو الخط الفاصل بين التوسع والانكماش.
وتشير البيانات البديلة الأخرى، بما في ذلك استهلاك الفحم والشحن واستخدام الكهرباء ومعدل عودة العمال المهاجرين إلى أن النشاط لا يزال أقل بكثير من المعتاد في هذا الوقت من العام.
وقال تشانغ شو، كبير الاقتصاديين في آسيا إن بيانات النشاط لشهر ديسمبر الماضي أظهرت علامات التحسن قبل أن يسيطر المرض، ولكن في الشهرين الأولين من العام قد تظهر أن الاقتصاد ينزلق في المياه المجهولة حيث إن تفشي الفيروس عرقل الأعمال.
وأظهر مسح الوكالة الأمريكية أن استثمار الأصول الثابتة خارج الأسر الريفية وهو مؤشر يراقب عن كثب نشاط البناء انخفض على الأرجح بنسبة 2% في الفترة من يناير إلى فبراير مقارنة بارتفاع 5.4% في عام 2019.
ونظراً للقيود المفروضة على البناء والنقص الكبير في العمال المهاجرين قامت الحكومات المحلية بإصدار سندات خاصة بقيمة 950 مليار يوان وهو ما يعادل 136 مليار دولار في الشهرين الأولين من العام وخصصت عائداتها للإنفاق على البنية التحتية.
وكان نمو مبيعات التجزئة ضعيفًا بالفعل حيث كان التوسع بنسبة 8% في عام 2019 أبطأ وتيرة منذ عام 1999، ومن المتوقع أن ينكمش بنسبة 4% بنهاية فبراير الماضي حيث أغلقت المتاجر وتعرضت أنظمة التوصيل للتوقف وحاول معظم المستهلكين تجنب زيارة الأماكن العامة خوفًا من الإصابة.
وكانت المطاعم والفنادق ومراكز التسوق من بين أول من شعروا بالأثر المدمر حيث تراجعت مبيعات السيارات وهي مكون رئيسي لتجارة التجزئة بنسبة 18.7% في يناير و 79.1% في فبراير مقارنة بمستويات العام السابق.
ومن المرجح أن تتدفق الآثار السلبية على الشركات إلى موظفيها بعد أن بدأت الشركات في تسريح العمال لتزداد معدلات البطالة.
وفي المقابل ستعمل الحكومة على تكثيف خطط التحفيز التي استهدفت حتى الآن في الغالب الشركات الصغيرة أو الشركات المتضررة مباشرة من “كورونا”.
وقام الاقتصاديون مرارًا وتكرارًا بتخفيض توقعاتهم للنمو حيث بلغ متوسط التوقعات على أساس سنوي في الربع الأول 4.0%، وهي النسبة الأضعف في 30 عامًا وهذا العام 2020 هو 5.5%% وفقًا لمسح الوكالة الشهر الماضي.
ومن المتوقع أن ينتعش النمو في وقت لاحق من العام الحالي بمجرد السيطرة على الوباء، لكن هذا يتوقف الآن على كيفية تقدم الفيروس في الخارج.