تباطؤ متوقع للنمو إلى 3.3% العام المقبل و2.2% فى 2023
على مدار شهور، قدم البنك الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جاي باول، تقييماً حذراً وتشاؤمياً بشأن قدرة الاقتصاد الأمريكي على التعافي من تداعيات الوباء.
لكنهما تبنيا، نهاية الأسبوع الماضي، نظرة أكثر تفاؤلاً وتوقعا توسعاً في النشاط الاقتصادي لهذا العام.
وكان تفاؤل الاحتياطي الفيدرالي، المدفوع بتوفير اللقاحات وحزمة التحفيز التي قدمها الرئيس جو بايدن بقيمة 1.9 تريليون دولار، سبباً في زيادة الآمال في تمكن الولايات المتحدة من التعافي سريعاً واستعادة ما فقدته خلال الأزمة والدخول في حقبة جديدة من الزخم الاقتصادي.
ويشير متوسط التوقعات المعدلة التي قدمها مسئولو الاحتياطي الفيدرالي إلى إمكانية ارتفاع الناتج الاقتصادي بنسبة 6.5% هذا العام، وهي أسرع وتيرة منذ عام 1984، عندما كان رونالد ريجان رئيساً، حسبما نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية.
ومن المتوقع أن تنخفض البطالة إلى 4.5% بحلول نهاية عام 2021، وثمة تضخم أقوى في الأفق، مع ارتفاع نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، وهو الأمر المفضل بالنسبة للفيدرالي، فوق نسبته المستهدفة ليصل إلى 2.2%.
وقالت ويندى إيدلبيرج، مديرة مشروع هاميلتون وزميلة أولى في معهد بروكينجز، إن كل شيء يشير إلى حفنة من أرباع النمو الاقتصادي السريع.
وأضافت: «لدينا الكثير من النشاط الاقتصادي المؤجل، وكمية هائلة من الطلب المكبوت على الخدمات المقدمة وجها لوجه، وسنشهد ارتفاعاً في هذا النوع من الإنفاق».
ولكن رغم كل الحماس بشأن التسارع الاقتصادي الحاد الذي بدأ في الظهور، خاصة في قطاعات مثل السفر والضيافة والترفيه، فإن الاحتياطي الفيدرالي أقل ثقة بكثير من حدوث طفرة طويلة الأمد في السنوات القادمة، وهذا يفسر سبب تردد كبار مسئوليها فى التلميح حتى إلى إزالة الدعم النقدي للتعافي.
ومع ذلك، لا يزال محافظو البنك المركزي الأمريكي قلقين بشأن الانتكاس المحتمل في الحرب ضد الوباء، ويرون أن التحفيز المالي يمكن أن يبدأ في التلاشي العام المقبل، كما أنهم يخشون استمرار نضال سوق العمل.
وقالت إديلبيرج: «لا يوجد مؤشر على أننا سنشهد اقتصاداً جامحاً مستداماً».
ويتوقع الاحتياطي الفيدرالي تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل كبير بعد هذا العام إلى 3.3% في عام 2022 و2.2% في عام 2023. ورغم المخاوف المنتشرة بين بعض الاقتصاديين من ارتفاع التضخم بشكل كبير، لا يعتقد الفيدرالي بإمكانية حدوث شي من هذا القبيل، فحتى مع اقتراب أسعار الفائدة من الصفر، فإن تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي سينخفض إلى 2% في عام 2022 و2.1% فى عام 2023، بحسب التوقعات.
ورغم ارتفاعها وفقاً للمعايير التاريخية، فإنه يجب وضع توقعات النمو الاقتصادي البالغة 6.5% في سياق انكماش العام الماضي البالغة نسبته 3.5%، فهي خطوة تتسم بأهمية بالغة.
وكان مسئولو الاحتياطي الفيدرالي، في اجتماعهم الذي انعقد في يونيو 2020، توقعوا انكماشاً أعمق في الاقتصاد بنسبة 6.5% العام الماضي، وتوقعوا أيضاً انتعاشاً أقل بنسبة 5% في عام 2021.
قال جوزيف غانيون، الزميل الأول في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي: «إنه ارتداد اقتصادي، لكنه ارتداد جيد جداً».
وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الاربعاء، أوضح باول أنه واثق جداً بحدوث انتعاش قصير المدى هذا العام، قائلاً: «مع إعادة فتح الاقتصاد، سنبدأ في الإنفاق أكثر. لا يمكنك الخروج لتناول العشاء إلا مرة واحدة في الليلة، لكن الكثير من الناس يمكنهم الخروج لتناول العشاء».
لكن باول لم يتبن هذا باعتباره تحولاً أساسياً، فقد قال إن بعض إجراءات التباعد الاجتماعي قد تستمر وقد يصعب إعادة مستويات التوظيف إلى ما قبل الوباء.
ولا يزال خطر تفشى الوباء مرة أخرى يثير قلق باول، فقد قال في تصريحاته التي أدلى بها يوم الأربعاء: «من الواضح أننا نسير على طريق، لكن الأمر لم ينته بعد، وأكره أن يتشتت انتباهنا قبل أن ننهى المهمة بالفعل».
ولا تزال الأمور تتحسن بلا شك على المدى القصير. فقد أشارت لورا روزنر- اربورتون، كبيرة الاقتصاديين لدى «ماكرو بوليسي بريسبيكتيف»، إلى تحسن الظروف بشكل يتجاوز الإنفاق الاستهلاكي المدفوع بشيكات التحفيز، كما أن سوق الإسكان يتحسن أيضاً، وقطاع التصنيع يتعافى بسرعة كبيرة من تداعيات الوباء.
وقال غانيون من معهد بيترسون، إنه حتى مع الترقيات الضخمة لتوقعاته الاقتصادية، قد يظل الاحتياطي الفيدرالي شديد الحذر. وهناك مخاطر صعودية لتوقعاته.
وأضاف: «أعتقد أننا سنذهب إلى اقتصاد ذي ضغط أعلى. إذا استمر هذا الوباء وكانت المتغيرات إشكالية ولم نتمكن من إعادة فتح الاقتصاد، فقد نحصل على نتيجة أسوأ مما يتوقعه الاحتياطي الفيدرالي. ومن ناحية أخرى، إذا نجح اللقاح حقا، أعتقد أننا يمكن أن نحصل على نتيجة أفضل مما يتوقعه الفيدرالي»>