لاباز، 10 أكتوبر/تشرين أول (إفي): بعد تسعة أعوام من الحكم، أصبح الرئيس البوليفي إيفو موراليس الرجل الأكثر تناقضا وفردية في البلاد، ليبتعد بذلك عن صورة الزعيم المتواضع والمقاتل النقابي الذي اختير رئيسا للبلاد، خاصة مع سعيه للحصول على فترة ولاية جديدة يبقى بواسطتها في سدة الحكم حتى 2020.
ويهاجم موراليس (55 عاما) بشكل يومي تقريبا الولايات المتحدة الأمريكية رغم أنه يمنح فرصا للدراسة بجامعة هارفارد، حيث يحلم بالحصول على خبراء مهرة لكنه يحمي عمالة الأطفال في الوقت ذاته، كما يبرر العنف الذكوري ويدافع عن مرشح من حزبه قال إن الفتيات اللاتي يرتين ملابس مثيرة "يعرضن أنفسهن للجريمة".
بيد أن التصريحات المثيرة للجدل التي يدلي بها موراليس ازدادت في الأعوام الأخيرة بنفس الوتيرة التي سعى فيها لتعزيز سلطاته بشكل فردي وهو الأمر الذي يظهر في الصور العملاقة التي أصبحت تعلو أي منشأة يفتتحها، ووصل الأمر إلى قطع العملات المصنوعة من الشيكولاتة التي أضحت تحمل صورته كذلك.
ويتهم الناقدون والمعارضون موراليس بأنه يزداد أنانية واستعلاء، وهو ما يبدو واضحا في رفضه لمواجهة أي من معارضيه وجها لوجه.
على الجانب الآخر، من الجلي أن هذه النزعة للاستفراد بالسلطة تحظى بدعم شعبي عريض، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن موراليس سيفوز بثقة 60% على الأقل من الأصوات، وهو ما لم يشكك فيه مطلقا. لأن الناخبين لا يمنحون أصواتهم لـ(الحركة نحو الاشتراكية)، الحزب الحاكم، بل يصوتون "لصالح إيفو".
ولا يمكن توجيه الاتهام مطلقا لموراليس بفقدان الاتصال بالواقع أو السعي نحو جمع ثروة خلال الأعوام التي شغل فيها رئاسة بوليفيا. فإذا كان هناك مرشح عن الشعب فهو إيفو موراليس.
ويطوف الزعيم، الذي كشف رغبته في أن يصبح نادلا بمطعمه الخاص بعد اعتزاله السياسية، جميع أركان البلاد حيث تتضمن أجندته جولات عديدة وينام بالكاد ساعتين يوميا.
ولد موراليس في منطقة أورورو الواقعة قرب سلسلة جبال الأنديز لأسرة متواضعة الحال، وقد اعتاد كسب قوته منذ كان طفلا حيث عمل في كافة الوظائف التي يمكن تخيلها بدءا من راع للأغنام وحتى زعيم لنقابة مزارعي نبات الكوكا وهو المنصب الذي يشغله حتى الآن.
ويفسر إيفو عافيته البدنية إلى أنه تجول "كثيرا" بينما كان طفلا، ما منحه "قوة عضلية وجسدية".
كما يعرف عن الرئيس البوليفي ولعه بكرة القدم. حيث لا يفوت أبدا فرصة خوض أي مباراة وزيارة الملاعب في أي مكان يتواجد به، ويؤكد أنه كان يعدو وراء الكرة منذ ولادته.
وذهب الأمر أبعد من ذلك حينما كان موراليس على وشك الانضمام "رسميا" إلى فريق لكرة القدم في بوليفيا، لكن الأمور لم تسر على ما يرام، خاصة في ظل موجة انتقادات لأسباب عدة بينها عامل السن، لكن البعض تسائل بسخرية عمن سيتحلى بالجرأة لقطع الكرة من الرئيس.
لا أحد في الحزب حتى يفكر في منازعة موراليس الزعامة السياسية أو مجرد إزاحته جانبا على المستوى الحكومي.
بل أن موراليس نفسه اعترف قبل أيام بالقلق لأنه لا يرى خليفة له يصلح في صفوف الحزب الحاكم.
ولم يفقد الرئيس البوليفي سوى في مناسبات قليلة معدودة طوال هذه الأعوام، طابع اللامبالاة المميز لسكان الأنديز، ولا حتى حينما قبع العام الماضي بمطار العاصمة النمساوية فيينا بعد أن رفضت دول أوروبية مرور طائرته الرسمية عبر أجواءها، في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين بوليفيا ودول أوروبا.
لكن هذا الوجه سقط حينما علم بوفاة الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو شافيز الذي كان يعتبره صديقا ومعلما و"شقيقا"، حيث بدت علامات الألم على وجهه. كما أن الفارق يتضح في علاقته الفاترة حاليا بالرئيس الفنزويلي الحالي نيكولاس مادورو.
على أن البروتوكولات الرئاسية لا تحول موراليس عن البوح بما يعتمل في صدره دون اعتبارات، حيث تم تجميع تصريحاته في كتاب بعنوان (إيفاداس)، يحوي أقاويل عنه مثل ربطه بين تناول الدجاج والمثلية الجنسية واهتمامه المنعدم بالقراءة.
وتتناول الصحافة هذه المواقف بشكل ساخر حيث لا يبدو لها أن موراليس شخصا يمكن أخذه على محمل الجد. لكن حينما تجرى معه مقابلة صحفية فإنه يفعل بقلب مفتوح وبدون خطوط حمراء فضلا عن تحليه بروح الدعابة، مثلما فعل العام الماضي عندما أكد لمجلة أن "المرأة بالنسبة للرجل يمكن استبدالها بالأم".
لكن موراليس "المتزوج من بوليفيا" على حد قوله، لا يزال منفصلا رغم أن لديه طفلين من والدتين مختلفتين، وفي حال فاز بفترة رئاسية جديدة فإن ذلك سيعني أنه سيبقى لخمسة أعوام إضافية مع زوجته "بوليفيا". (إفي)