من كارين سترويكر وليبي جورج
لندن (رويترز) - يحتل كبار صانعي السياسة الذين يختارهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الآن صدارة الاهتمام في الوقت الذي تحاول فيه الأسواق قياس ما إن كان سيغير مساره نحو سياسات اقتصادية تقليدية أم سيستمر في انتهاج السياسات غير التقليدية التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها غير مستدامة.
ومن المتوقع بشكل كبير أن يستغل أردوغان فوزه في انتخابات يوم الأحد للشروع في إجراء تعديل وزاري موسع يتضمن تغيير وزيري المالية والاقتصاد ومحافظ البنك المركزي.
لم يكن إقبال المستثمرين الأجانب على السندات والأسهم التركية كبيرا في السنوات الماضية مع مرور الاقتصاد بموجات من الازدهار والكساد ونوبات كثيرة من ارتفاع التضخم وأزمة العملة التي أدت إلى خسارة الليرة أكثر من 90 بالمئة من قيمتها خلال العقد الماضي. وسجلت الليرة يوم الاثنين مستوى قياسيا جديدا منخفضا.
وأدت تدخلات أردوغان المتزايدة للحفاظ على استقرار الليرة وإصراره على أن تكون أسعار الفائدة منخفضة جدا إلى زيادة الضغط على الميزانية المالية والقطاع المالي في تركيا. ومع تضاؤل الاحتياطيات، يرى كثيرون أن التغييرات حتمية لكن مدى تلك التغييرات أو مغزاها لا يزال غامضا.
وقال إمري أكتشاكماك مدير الأصول لدى إيست كابيتال التي تستثمر في تركيا "في بيئة يتسم فيها صنع القرار بالمركزية الشديدة، لن يهتم السوق بتغيير فريق الاقتصاد إلا إذا كان هذا التغيير يشير إلى تحول حاسم في صنع السياسات".
ظهرت انقسامات حول السياسة الاقتصادية في الأيام التي سبقت جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية عندما اجتمع أعضاء في الحزب الحاكم لمناقشة كيفية تبني سياسة جديدة لرفع أسعار الفائدة تدريجيا وكذلك برنامج الإقراض المحدد الهدف.
وقال إيجان إيجوزيل من باركليز (LON:BARC) "من المرجح أن يعطي القرار النهائي المتعلق بمنصب وزير المالية بعض الإشارات القوية حول السياسات الاقتصادية في الفترة الرئاسية الجديدة"، مشيرا إلى جهود لإعادة وزير المالية السابق محمد سيمسك الذي كان يحظى باحترام الأسواق.
وأضاف "إذا شهدت الأسواق تعيين سيمسك أو شخصية مماثلة تتبنى السياسات التقليدية قريبا، فإن التوقعات بالعودة السريعة إلى تلك السياسات ستتعزز".
ويخشى آخرون من استمرار التداعيات التي خلفتها سرعة تغيير العاملين في المؤسسات الاقتصادية ومؤسسة وضع السياسة النقدية الرئيسية. وجرى تغيير الموظفين عندما همش أردوغان التكنوقراط وفرغ القدرة المؤسسية للبنك المركزي ووزارة المالية.
وتغير أربعة محافظين للبنك المركزي وحده في الأربع سنوات الماضية.
وقال روجر مارك المحلل في شركة (ناينتي وان) لإدارة الاستثمارات "أردوغان محاط بمؤيدين تم اختيارهم على ما يبدو على أساس الولاء، ويكمن الخطر في أن الأصوات الحكيمة، التي لا تزال موجودة في حزب العدالة والتنمية، أصبحت بعيدة جدا الآن ولا تأثير لها عليه في عملية صنع القرار".
ولم يعط أردوغان مؤشرات تذكر عن شكل السياسة الاقتصادية في الأسابيع والأشهر المقبلة، رغم اعترافه ببعض المشكلات التي تواجه الأمة التي يزيد عدد سكانها عن 80 مليون نسمة.
وقال في خطاب النصر، الذي ألقاه في أنقرة "الموضوع الأكثر إلحاحا في الأيام المقبلة هو تخفيف المشاكل الناجمة عن ارتفاع الأسعار نتيجة التضخم وتعويض تأخر النمو". وتنبأ بتراجع التضخم، الذي بلغ حوالي 44 بالمئة في أبريل نيسان، مثل أسعار الفائدة بالضبط.
وذكر تونكاي تورسوكو مؤسس شركة تونكاي تورسوكو للأبحاث والاستشارات أن خطاب أردوغان أكد أن "الإدارة المالية تحظى باحترام دولي"، مما رفع الآمال في حدوث تحولات سياسية.
وأضاف تورسوكو "لكن لكي تستمر (الآمال) مرتفعة، من الضروري تحديد (أعضاء) مجلس الوزراء، وتوضيح الأسماء التي ستتولى إدارة الاقتصاد، والإعلان عن خارطة طريق جديدة، إن وجدت، بشأن الاقتصاد".
وتبخر إلى حد كبير التفاؤل الذي كان سائدا قبل الانتخابات بشأن تحول السياسية الاقتصادية بعد أن تسبب الأداء القوي لأردوغان في الجولة الأولى في إرباك استطلاعات الرأي ومهد الطريق لبقائه في المنصب لفترة ثالثة.
وقال توماس جيليت مدير إدارة التصنيفات السيادية في سكوب ريتينجز إن احتمال إجراء تعديل جزئي في الإجراءات الاقتصادية لا يزال قائما، لكن تفعيله يتطلب تنسيقا بين التخطيط والتنفيذ.
وأضاف "لكن الرئيس أردوغان لم يعط سوى القليل من المؤشرات على مثل هذا التحول".
(شارك في التغطية الصحفية كانان سيفجيلي من جدانسك - إعداد محمد علي فرج ونهى زكريا للنشرة العربية - تحرير حسن عمار)