من دان وليامز
القدس (رويترز) - بدأ الأطباء الإسرائيليون إضرابا يوم الثلاثاء بينما طلب مزيد من قوات الاحتياط التوقف عن أداء الخدمة العسكرية في رد فعل قوي على إقرار الحكومة اليمينية المتشددة للقانون الأول ضمن خطة تعديلات قضائية يقول منتقدوها إنها تعرض الديمقراطية للخطر.
وفي الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أخطر أزمة داخلية خلال سنوات حكمه الطويلة، اتخذ الجيش الإسرائيلي أول إجراء تأديبي داخلي يجري الإعلان عنه بسبب الاحتجاجات، حيث فُرضت غرامة قيمتها ألف شيقل (270 دولارا) على أحد جنود الاحتياط وصدر حكم على آخر بالحبس 15 يوما مع وقف التنفيذ بسبب تجاهلهما طلبات استدعاء.
وقال البريجادير جنرال دانيال حجاري في تصريحات للصحفيين أكدها متحدث باسم الجيش "هناك زيادة في طلبات التوقف عن أداء خدمة الاحتياط".
وأضاف حجاري "إذا استمر عدم انضمام قوات الاحتياط لأداء الخدمة لفترة طويلة، فسيقع ضرر على جاهزية الجيش". وأضاف أن هذه ستكون "عملية تدريجية".
ولم يدل المتحدث بتفاصيل أخرى عن عدد الطلبات.
ونشرت ما تصف نفسها بأنها مجموعة من العاملين في مجال التكنولوجيا إعلانا بالصفحات الأولى للصحف الكبرى كتبت فيه "يوم أسود للديمقراطية الإسرائيلية".
وأقر الكنيست في جلسة عاصفة يوم الاثنين أول قانون يغل يد المحكمة العليا عن إعادة النظر في قرارات الحكومة بعدما غادر مشرعون يقولون إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدفع بإسرائيل نحو حكم الفرد المطلق. وفي الوقت الذي كان يجري فيه التصويت كان المحتجون في الخارج بالآلاف حيث اشتبك بعضهم مع الشرطة.
وقال قادة للاحتجاج إن أعدادا متزايدة من جنود الاحتياط لن يؤدوا الخدمة بعد الآن إذا مضت الحكومة قدما في خططها. وحذر ضباط كبار سابقون من أن جاهزية إسرائيل للحرب قد تكون في خطر.
وقالت مصادر لرويترز إن أعداء لإسرائيل عقدوا اجتماعات رفيعة المستوى لبحث الاضطرابات وكيفية الاستفادة منها.
وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لإذاعة الجيش إن الجيش "جاهز للقتال وسيظل جاهزا" رغم احتجاج جنود الاحتياط الذين اتهمهم بمحاولة "تصويب سلاح نحو رأس الحكومة".
لكن زعيم المعارضة يائير لابيد طلب من جنود الاحتياط المحتجين انتظار الحكم الذي ستصدره المحكمة العليا في طعون تقدمت بها جماعة مراقبة سياسية ونقابة المحامين الإسرائيلية لإبطال القانون.
أثارت الأزمة انقساما عميقا في المجتمع الإسرائيلي، وأثرت على الاقتصاد بشدة مع هروب المستثمرين الأجانب، وتراجع الشيقل، مما أثار احتمال إقدام الاتحاد العام لنقابات العمال (هستدروت) على الدعوة لإضراب عام.
كما تسببت في توتر العلاقات مع الولايات المتحدة أقرب حلفاء إسرائيل التي وصفت التصويت الذي جرى يوم الاثنين بأنه "مؤسف".
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن الوزير لويد أوستن دعا إلى التوصل إلى توافق سياسي في إسرائيل من خلال الحوار وذلك في اتصال يوم الثلاثاء مع نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت، ووصف هذا الأمر بأنه ضروري "لديمقراطية متينة".
وقال نتنياهو إنه يريد التوصل إلى التوافق على أي تشريع آخر بحلول نوفمبر تشرين الثاني.
وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إن جالانت قال لأوستن إن إسرائيل "ديمقراطية قوية وستبقى هكذا في المستقبل".
* محكمة تأمر بعودة الأطباء
ودعت نقابة الأطباء الإسرائيلية أعضاءها إلى إضراب لمدة 24 ساعة في جميع أنحاء إسرائيل باستثناء القدس، التي تشهد تصعيدا في المواجهات.
لكن محكمة العمل اللوائية في تل أبيب أمرت الأطباء بالعودة للعمل في تأييد لطلب حكومي، حسبما أظهرت نسخة من الحكم اطلعت عليها رويترز.
وقال الأطباء إنهم لن يلتزموا الصمت.
وقال حجاي ليفين، رئيس نقابة أطباء الصحة العامة "غدا سيعود الأطباء للعمل، لكن يمكنني القول إن الآلاف منهم لن يصمتوا، لأن هناك شعورا قويا... بأننا لا نستطيع العمل كأطباء في وقت لم تعد فيه إسرائيل دولة ديمقراطية".
وامتد القلق إلى الفنون حيث أظهر مقطع فيديو جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي جمهور عمل فني موسيقي في تل أبيب منقسمين بين مقاطع ومصفق لأحد أعضاء فريق العمل أثناء قراءته لبيان حول الأزمة، فيما ابتعد ممثل آخر عن خشبة المسرح في تعبير واضح عن الاستياء.
مما يزيد مشاعر الغضب لدى المعارضة، إعلان شركاء نتنياهو في الائتلاف الديني المتشدد يوم الثلاثاء أنهم سيطرحون مشروع قانون يدعم الإعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية لناخبيهم الذين يدرسون في المعاهد الدينية. لكن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو قال إنه لن يتم المضي قدما في مشروع القانون في الوقت الحالي.
ووصف نتنياهو (73 عاما)، الذي انتخب رئيسا للوزراء لأول مرة في 1996 ويقضي الآن فترته السادسة بالمنصب، التعديلات بأنها إصلاح للتوازن بين أفرع الحكومة. وسعى إلى تهدئة المعارضة وكذلك حلفاء إسرائيل الغربيين بقوله يوم الاثنين إنه يأمل في تحقيق توافق جماعي على أي تشريع قادم بحلول نوفمبر تشرين الثاني.
ويزيد من تعقيد موقف نتنياهو مواجهته قضية فساد ينفي فيها ارتكاب أي مخالفة ودخوله المستشفى في بداية الأسبوع لتركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب، وكذلك توسع التحالف الديني القومي الحاكم في بناء المستوطنات على أراض محتلة يسعى الفلسطينيون لإقامة دولة عليها، فيما يلقي بظلال على العلاقة مع واشنطن.
* مقتل فلسطينيين
في تجدد للعنف، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إن قوات إسرائيلية قتلت ثلاثة مسلحين فلسطينيين أطلقوا النار عليها من سيارة قرب مدينة نابلس بالضفة الغربية يوم الثلاثاء.
وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن الثلاثة الذين لاقوا حتفهم بالقرب من نابلس مسلحون ينتمون إليها.
على صعيد آخر، أكد الجيش الإسرائيلي صحة لقطات مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيها رجال ملثمون يرتدون زي قوات خاصة على الجانب الآخر من السياج الحدودي اللبناني، وهي منطقة يسيطر عليها حزب الله المدعوم من إيران.
وقال مصدر لبناني مطلع إن الرجال هم أعضاء في وحدة قوات خاصة تابعة لحزب الله كانت في دورية مراقبة لا علاقة لها بأزمة إسرائيل الداخلية.
وقال المكتب الإعلامي لحزب الله إنه ليس لديه تعليق.
وقال حسن نصر الله الأمين العام لجماعة حزب الله يوم الاثنين إن الأزمة الداخلية في إسرائيل تظهر أنها "على طريق الانهيار والتشرذم والزوال".
(تغطية صحفية آري رابينوفيتش وهنريت شقر في القدس وأندرو ماكاسكيل في لندن وليلى بسام في بيروت- إعداد محمد حرفوش وسامح الخطيب وأيمن سعد مسلم للنشرة العربية - تحرير محمود سلامة ومحمود رضا مراد وحسن عمار)