من آري رابينوفيتش
القدس (رويترز) - أثارت قواعد جديدة لقطاعي الغاز الطبيعي والتعدين في إسرائيل مخاوف لدى المستثمرين وأدت إلى عزوفهم مع تعرض استثمارات بمليارات الدولارات للخطر جراء هذه القواعد التي تهدف إلى زيادة التنافس من أجل خفض الأسعار.
وقد طبقت هذه القواعد على مدى خمس سنوات في كثير من القطاعات لكنها تلحق ضررا بالغا بالشركات العاملة في مجال الموارد الطبيعية.
ذلك أن هذه القواعد تسمح بتفكيك الشركات العملاقة ذات النفوذ التي تهيمن على الاقتصاد الإسرائيلي بهدف خفض تكاليف المعيشة المرتفعة التي تمثل إحدى الشكاوى الرئيسية للناخبين قبل الانتخابات العامة المقررة في 17 مارس آذار.
غير أن مخاوف المستثمرين اشتدت في أواخر ديسمبر كانون الأول حين أعلنت الهيئة المعنية بمكافحة الاحتكار أن المساهمين في حقلين كبيرين للغاز الطبيعي وهما مجموعة ديليك الإسرائيلية ونوبل انرجي التي تتخذ من تكساس مقرا لها ربما يمارسان احتكارا بموجب القواعد الجديدة وقد يتم ارغامهما على بيع حصتهما في الحقلين.
ونوبل وديليك أكبر المساهمين في حقلي الغاز الرئيسيين في إسرائيل وهما حقل تمار الذي بدأ الإنتاج في عام 2013 وحقل لوثيان أكبر اكتشاف غاز بحري في العالم خلال السنوات العشر الأخيرة والذي تأمل الشركتان بتشغيله عام 2018.
وتقول الشركتان إنهما استثمرتا معا نحو ستة مليارات في إسرائيل وخططتا لإنفاق 6.5 مليار دولار أخرى لتطوير لوثيان.
وقال ديفيد ستوفر الرئيس التنفيذي لشركة نوبل يوم 23 ديسمبر كانون الأول "لا بد من صدور قرار نهائي في هذه المسألة إلى جانب عدد من المسائل التنظيمية الأخرى قبل أن نمضي قدما في ضخ استثمارات إضافية للتنقيب والتطوير في أنشطتنا بإسرائيل."
ويجري شركاء حقل لوثيان أيضا محادثات بلغت مرحلة متقدمة مع مجموعة بي.جي البريطانية بخصوص شراء غاز لمحطة تصدير الغاز الطبيعي المسال في مصر ومع شركة الكهرباء الوطنية الأردنية.
وقد يعرض أي تأخير في تطوير الحقل هذه الصفقات للخطر وينذر بتقويض مصدر محلي مهم للوقود بما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وتسببت القواعد الجديدة أيضا في عزوف شركات أخرى.
فشركة كيماويات إسرائيل التي تحتكر أنشطة التعدين في البحر الميت قالت إنها ستلغي استثمارات بعد أن اقترحت لجنة تابعة لوزارة المالية في أكتوبر تشرين الأول زيادة الضرائب على المعادن.
وتبلغ قيمة الاستثمارات الملغاة 2.5 مليار شيقل (630 مليون دولار) وقالت الشركة إنها ستعيد تقييم استثمارات أخرى بقيمة 3.5 مليار شيقل وتحويل استثمارات إلى مناطق أخرى في العالم وغلق مصنعها للمغنسيوم وتسريع خطط لتحسين كفاءة مصانعها في إسرائيل.
وفي مارس آذار انسحبت وودسايد بتروليوم الأسترالية في اللحظة الأخيرة من صفقة تبلغ قيمتها ملياري دولار لشراء حصة في حقل لوثيان بسبب خلاف مع هيئة الضرائب الإسرائيلية.
بدأت موجة التعديلات التنظيمية في عام 2010 بعد فترة وجيزة من اكتشاف تمار ولوثيان وامتدت إلى قطاع الموارد الطبيعية. وشملت هذه التعديلات قطاعات أخرى مثل الاتصالات والإنتاج الغذائي.
وتشير تقديرات السلطات الإسرائيلية إلى أن عشر مجموعات كبرى تهيمن على 40 يالمئة من القيمة السوقية لجميع الشركات المدرجة. وتريد السلطات زيادة التنافس بهدف خفض أسعار السلع.
وفوجئت إسرائيل باكتشافات الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط في عامي 2009 و2010. ولضمان حصول المواطنين على نصيبهم هذه الثروات عدلت إسرائيل سياستها الخاصة بالضرائب والرسوم ورفعتها إلى مستوى مماثل لمستويات دول متقدمة.
وتعتزم السلطات الإسرائيلية رفع ضرائب التعدين أيضا.
ووضعت الحكومة بعد ذلك حدا لكميات الغاز التي تباع في الخارج وهو ما زاد من استياء شركات التنقيب التي تقول إن الصادرات ضرورية لضخ استثمارات كبيرة نظرا لأن إسرائيل سوق صغيرة.
وكلف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كبير مستشاريه الاقتصاديين بالنظر في الخلاف المتعلق الغاز الطبيعي.
لكن مفوض شؤون الاحتكار الإسرائيلي هو صاحب القول الفصل بخصوص ما إذا كانت المجموعة تمارس احتكارا وقرر عقد جلسات استماع مع الشركات المعنية يومي 28 و29 يناير كانون الثاني على أن يتم اتخاذ قرار بعدها.
وقال مسؤول تنفيذي كبير بقطاع الطاقة إنه إذا تم إجبار المجموعة على بيع حصتها في تمار أو لوثيان فقد يكون من الصعب إيجاد مشتر آخر في ضوء حالة الغموض الحالية.
(الدولار = 3.9606 شيقل)
(إعداد عبد المنعم درار للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)