من أيدان لويس
طرابلس (رويترز) - بستراتهم الجلدية وخوذاتهم التي يرتدونها- أحيانا- ينطلقون على الطرق الليبية المليئة بالحفر وهم يركبون دراجاتهم النارية من الطراز هارلي ديفيدسون وكواساكي.
ويوجد في طرابلس وحدها الآن مئات من راكبي الدراجات النارية وهم جزء من مشهد متنام يشمل أشخاصا من مختلف أطياف المجتمع. فهناك إمام لأحد المساجد وهناك ميكانيكي يبلغ من العمر 60 عاما عاش نحو ثلاثة عقود من حياته في ولاية تكساس الأمريكية.
ويبدو مظهر راكبي الدراجات النارية الذين غالبا ما ينطلقون في مجموعات على دراجاتهم الفاخرة غير مألوف في ليبيا حيث لا يزال المجتمع المحافظ يحمل ندوب عقود من الحكم المستبد في عهد معمر القذافي والثورة والصراع الذي أعقبها.
ويقول راكبو الدراجات إن هوايتهم تحسن مزاجهم في بلد أنهكته سنوات العنف والاضطرابات السياسية منذ الإطاحة بالقذافي في 2011.
وقال بلال خطاب وهو تاجر سيارات يبلغ من العمر 27 عاما ويركب دراجة خضراء من الطراز هارلي ديفيدسون "الناس يقومون بذلك من أجل إيجاد متنفس.. من أجل أن يتاح لهم العيش كبشر ولو لبرهة من الوقت".
وفي صباح أحد الأيام القليلة الماضية تجمع أكثر من 20 راكبا للدراجات النارية في وسط طرابلس وأخذوا يلفون في دوائر أمام المارة الذين بدا عليهم الفضول في الساحة الرئيسية بالمدينة قبل الانطلاق على الطريق الساحلي.
وكان بعضهم أعضاء في مجموعة (ذا مونسترز) التي سميت بهذا الاسم بعد المظهر الذي بدا عليه أعضاؤها في يوم ممطر. وفي عهد القذافي كانت هناك قيود مشددة على حرية التجمع وتشكيل مجموعات لكن مجموعة ذا مونسترز هي واحدة من أربع مجموعات على الأقل تنشط في العاصمة الآن.
وقال مروان عقيلة، وهو موظف بسفارة يرتدي معطفا أسود عليه شعار فريق الروك جانز أند روزس وعصابة رأس، بينما كان يستعد لجولة بدراجته من الطراز سوزوكي إنترودر "بدأت مجموعة ذا مونسترز في 2012... قبل ذلك لم يكن يسمح لنا بتكوين مجموعات. قبل ذلك كان عدد راكبي الدراجات النارية في ليبيا محدودا للغاية. لهذا فإن هذه نتيجة إيجابية للثورة".
ويقول صبحي عزوز، وهو مالك مقهى وخطيب مسجد بوسط طرابلس ويركب دراجة نارية بنفسجية اللون من الطراز سوزوكي بوليفارد، إن معظم راكبي الدراجات النارية يعملون في وظائف ثابتة.
واستورد بعضهم دراجات سباقات قوية وحديثة بينما أعاد آخرون بناء موديلات قديمة أو تعديلها.
وقال عقيلة "يمكنك طلب قطع الغيار من أمازون أو إي باي. إنها باهظة للغاية لكن الأمر ممكن".
ورغم أن الصراع أوقع اقتصاد ليبيا في أزمة في السنوات الأخيرة فما زال بالإمكان استيراد المنتجات التي عليها طلب ولا تزال المتاجر الفاخرة في بعض مناطق طرابلس تعرض الملابس والكماليات الرائجة.
وانتشرت مجموعات راكبي الدراجات النارية أيضا في مدن ليبية كبرى أخرى منها بنغازي والزاوية.
وقال خطاب "من حين لآخر نواجه مشاكل أمنية على الطريق ولا نستطيع التحرك لكن عادة تكون الأمور على ما يرام ونستطيع الذهاب إلى أي مكان".
ويقول عبدو الساقزلي وهو ميكانيكي يبلغ من العمر 60 عاما يركب دراجة من الطراز سوزوكي هايابوسا وكان يعيش في تكساس قبل العودة إلى ليبيا في 2007 إن أفراد فصائل مسلحة في نقطة تفتيش شهروا مسدسا في وجهه وحاولوا سرقة دراجته في أوائل 2015.
وركوب الدراجات أو القيادة في ليبيا نشاط ليس لأصحاب القلوب الضعيفة. فالعادات على الطرق تعكس انعدام القانون على نطاق أوسع في البلاد.
وفي تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية عن سلامة الطرق في عام 2015 بلغ معدل الوفيات في ليبيا نتيجة حوادث الطرق 73 لكل 100 ألف من السكان وهو أعلى بكثير من أي بلد آخر على القائمة.
وقال الساقزلي الذي توفي شقيقه في حادث دراجة نارية في التسعينيات والذي يلح على زملائه لارتداء الخوذات "الوضع خطر للغاية... إذا تمكنت من القيادة في ليبيا .. فستقود في أي مكان".
(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)