يبدوانه قد بات الوضع الاقتصادي السيء في تونس مبعث انشغال لدى المسؤولين السياسيين والخبراء والمواطنين على حد سواء بعد أن تراجعت نسبة النمو إلى 1 في المئة ما حدا بالخبراء إلى التأكيد على ضرورة وضع خطة لإنعاش أداء المؤسسات الاقتصادية في مختلف القطاعات ويرى الخبراء الاقتصاديون أن هذا الوضع الاقتصادي الصعب يعود الى طبيعة الظروف السياسية والاجتماعية المضطربة التي تعيشها البلاد منذ ثورة 14 يناير وزادت تونس في موازنة هذا العام بنسبة 11 في المائة لتبلغ 21330 مليون دينار وذلك من أجل ضخ الإجراءات الاستثنائية التي تم إقرارها إثر ثورة 14 يناير 2011 وكان الوزير الأول في الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي أكد في وقت سابق أن موازنة الدولة تشهد ضغوطات كبيرة جراء مواصلة دعم المواد الاستهلاكية والمحروقات بالإضافة الى مجابهة عديد التحديات الأخرى كتحسين الأجور وتعويض 281 مؤسسة اقتصادية منكوبة وتشغيل 700 آلف عاطل عن العمل.
وكان وزير المالية جلول عياد قد أكد ان تونس ملزمة بتسديد ديونها للمحافظة على السمعة الطيبة التي تتمتع بها في الساحات المالية الدولية باعتبار حاجتها الماسة إلى الاقتراض خلال المرحلة القادمة وأكد محافظ البنك المركزي التونسي مصطفى كمال النابلي ان تونس تمر بمرحلة تتسم بعدم وضوح الرؤية وتتعدد فيها الأسباب منها السياسية والجيوسياسية والاقتصادية سواء على المستوى الوطني او على المستوى الدولي. ولم يخف النابلي أن تونس مقبلة على مرحلة حاسمة خلال الأشهر الثلاثة القادمة ودعا إلى تحليل كل الأخطار المحتملة تفاديا لكل الانزلاقات خاصة وان الحكومة اعتمدت كل الوسائل المتوفرة لديها والمتعلقة بموارد الميزانية والنقدية وكذلك بميزان الدفوعات والقدرة التمويلية للبنوك ولاحظ ان أبواب القروض ستغلق في وجه تونس في حال عدم تسديد ديونها واعتبر ان الجهود في الظروف الراهنة تتركز على خلاص هذه الديون ووفق البنك المركزي فقد تراجع الإنتاج الصناعي التونسي بنسبة 12%، خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2011، مقارنة بنفس الفترة من 2010. كما تراجع النشاط السياحي بنسبة تتراوح بين 45 و50% وفي حركة نقل المسافرين بنسبة 25%، ما جعل البلاد تخسر7 ألاف موطن شغل شهريا وفق مصادر حكومية كما ترجع أداء قطاع المناجم والفسفاط بنسبة 53% وتؤكد مصادر البنك المركزي أن العجز الجاري لميزان الدفوعات بلغ 2.5% مقارنة بالناتج الداخلي الخام مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، فيما ارتفعت نسبة التضخم 3%.
وكشف وزير التخطيط والتعاون الدولي عبد الحميد التركي في وقت سابق أن الحكومة باشرت تنفيذ برنامج يرمي إلى دفع النشاط الاقتصادي يتطلب تمويلات بقيمة 2400 مليون دينار سيتم تمويلها بفضل ما وعدت به الهيئات الدولية من مساعدات لفائدة الاقتصاد الوطني وسيمكن البرنامج من الرفع في نسبة النمو لتصل إلى حدود 2 بالمائة وخلق مواطن شغل لفائدة 40 ألف شخص وأبرز الوزير أن الحاجيات الجملية لميزانية الدولة من التمويل تقدر بـ4200 مليون دينار ستخصص لتمويل عجز الميزانية المقدر ب 5 بالمائة بسبب تطور نفقات الدعم جراء الارتفاع الكبير لأسعار النفط والمواد الأساسية والنقص الحاصل على مستوى الصادرات وأعلن التريكي عن مخطط إصلاحي يرمي إلى مواكبة برنامج دفع النشاط الاقتصادي من خلال تشخيص إصلاحات اقتصادية واجتماعية لتعزيز الإطار المؤسساتي ودعم الشفافية وحسن التصرف المالي والإداري وإحكام تصويب المعونة نحو مستحقيها وعلى أية حال فإن الوضع الاقتصادي بهد أربعة أشهر من الثورة غير مطمئن لا لرجال الأعمال ولا للمواطنين العاديين مما يستوجب حدا مقبولا من الاستقرار وعقلنة المطالب الاجتماعية المشروعة حتى تتمكن المؤسسات الاقتصادية من استعادة أداءها والرفع من إنتاجيتها.