تشكّل الجرائم المالية الإلكترونية، التي بدأت تنتشر في السنوات الأخيرة، واحداً من التحدّيات التي تحرص الأجهزة الأمنية والشرطية في الدولة على مواجهتها والتصدّي لها بكل حزم. وأصدرت البنوك السعودية تحذيرها للعملاء بعد أن أصبحت الاحتيالات حصيلة تحرك العملاء في موسم الصيف، خصوصا في الخارج، حيث تقوم بعض المتاجر المشبوهة باستخدام معلومات وبيانات البطاقات الائتمانية، وكذلك بطاقات أجهزة الصرف الآلي لقيد مبالغ مالية على حسابات العملاء، حيث تفاجأ البنوك بشكاوى واعتراضات من عدد كبير من العملاء يوحي بصحة وجدية تلك الشكاوى والاعتراضات على بعض القيود المالية؛ ولأن الحماية خير من العلاج فقد نهجت البنوك السعودية تقديم نشرة تحذيرية للعملاء تهدف إلى زيادة الوعي بمخاطر الاحتيالات من جهة وتقليص خسائر البنوك وشركات التأمين وكذلك العملاء من عمليات الاحتيال التي يمكن الوقاية منها من جهة أخرى.
ولقد تضمنت النشرة التحذيرية للبنوك السعودية التنبيه إلى أن على كل عميل متابعة العمليات المالية التي تقيد على حسابه، وذلك بالإبقاء على جواله مفتوحا لتلقي رسائل البنك، خصوصا عندما يكون مسافرا، كما أن على العملاء تغيير الأرقام السرية بصفة دورية وعدم اختيار الأرقام السهلة أو المتشابهة، وإبلاغ البنك فورا عند فقد البطاقة المصرفية أو الائتمانية وعدم ارتياد المتاجر والمحال أو الأماكن المشبوهة واستخدام البطاقات الائتمانية أو المصرفية في سداد أي مبالغ مالية لديها مع تغيير الأرقام السرية للبطاقات عند العودة إلى المملكة.
ومن الواضح أن البنوك السعودية أصبحت تتعامل مع مخاطر الاحتيال وكذلك التخلف عن سداد ديونها كمجموعة واحدة بعد أن كان كل بنك يتصرف بصورة منفردة، ومما لا شك فيه أن هذا التوجه يعزز ثقة العملاء بقدرة البنوك وجدارتها باتخاذ إجراءات فعالة وعملية لحمايتهم من الأخطار التي تدخل ضمن جرائم النصب والاحتيال، حيث أصبح الفضاء الإلكتروني ميدانا فسيحا يلعب فيه مجرمون في الداخل والخارج، لكنه يبدو ضيقا جيدا؛ إذ تتقلص المساحة المخصصة لتحركهم متى وجدوا أمامهم عملاء حذرين لديهم الوعي بالأساليب والطرق والوسائل التي تسهل مهمة المحتالين وتفتح أمامهم بابا واسعا للتكسب غير المشروع والإخلال بالثقة بين البنوك والعملاء وتكبيد الطرفين خسائر مالية باهظة.
إن حملات التوعية يجب أن تؤدي دورها المنشود وهو خفض عدد عمليات الاحتيال من جانب، وتقليص خسائرها السنوية أو بمعنى آخر تقليص ما يمكن أن يجنيه المحتالون من أعمالهم الإجرامية التي تضر ببيئة التعاملات المالية والمصرفية في المملكة وفي جميع دول العالم، فالبنوك السعودية طورت بنيتها التقنية وعززت توجه العملاء نحو التعاملات المصرفية عبر القنوات الإلكترونية وسايرت وواكبت أحدث الخدمات المصرفية في العالم، ولن يتم جني نتائجه دون وعي وتجاوب من العملاء وتفهم لدورهم في تطبيق برامج المواجهة مع الاحتيالات وحمايتهم منها.
إن نشرات البنوك السعودية تؤكد أنها لاحظت انخفاضا في عدد شكاوى العملاء بعد أن نفذت حملات توعية في الأعوام السابقة، وأن دور البنك هو توعية العملاء، فكل عميل أمين على ماله ولن يتم قيد أي عمليات مالية على حسابه إلا بموافقته أو تقصيره وعدم اتباعه طرق الوقاية من الاحتيالات؛ لأن وعي العميل يمثّل العمود الفقري للحيلولة دون الوقوع في مصيدة التحايل أو التعرض لمحاولات اختراق.
ويبقى للبنوك أن تمنع استخدام معلومات عملائها وتسريبها عن طريق بعض الموظفين إلى أفراد غير مرخص لهم يقدمون خدمة الإقراض لسداد مبكر للديون وهي دعايات تملأ الشوارع والطرقات وتجد في بعض فروع البنوك من يبادر لتمريرها وحث العملاء على اقتناصها كفرصة لكي تضاف إلى رصيد أهدافه المالية في الفرع، فالموظف يستفيد بطريق غير مباشر، بل يسهم في تزايد نشاط الإقراض الذي هو من اختصاص البنوك ومن أعمالها، أما كيف تتم مثل هذه العمليات غير النظامية والمملوءة بالمخالفات فإن ذلك باب منفرد من أبواب الاحتيالات التي يجب وقفها وعدم التساهل بشأنها. www.nuqudy.com/نقودي.كوم