قامت الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني ستاندرد اند بورز أمس بتغيير قيم التوقعات لجمهورية تونس من مستقرة إلى سلبية. وفي الوقت نفسه فقد تأكد لدينا أن التصنيف للعملة الأجنبية (BBB-/A-3) وأن التصنيف الإئتمانى للعملة المحلية (BBB/A-3) بناءا على الحكومة والبنك المركزي التونسي. لذا فإن معدل النقل والتحويل لتونس لدينا لا تزال "BBB". وذلك الإجراء التصنيفى يعكس وجهة نظرنا بأن المخاطر التي تهدد الوضع الائتماني في تونس سوف تستمر خلال العام المقبل على الأقل حتى تأخذ الانتخابات الدستورية محلها ويرتفع الإنتعاش الإقتصادى.وجاء هذا التقييم مدعما بسجل تونس الحافل لدينا بين العجز المتواضع في الحساب المالي والسياسات الحالية وبين السياسات الماضية التي ولدت النمو الاقتصادي الدائم. ونحن نعتقد أن وجود نظام سياسى أكثر شمولية وشرعية من النظام السابق يمكن أن يعزز القيم الإجتماعية ويحسن مناخ الأعمال ويدعم نمو أكثر شمولا.
بعد ستة أشهر من سقوط نظام الرئيس "زين العابدين بن علي" فمازالت قدرتنا على التقييم الواضح للتوقعات الاقتصادية في تونس يخيم عليها الشكوك. وذلك فى جزء منه فقط لأن الحكومة الانتقالية لا تملك الصياغة أو التنفيذ المناسب للسياسات المتوسطة الأجل. ولكن مجريات الأمور لدينا تتحرى نموا يبلغ 1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011 مع بلوغ معدل نمو يقدر بحوالي 5% بحلول عام 2014. كما نتوقع ان يتفاقم العجز في الحساب الجاري إلى أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام وخصوصا تراجع عائدات السياحة إلى النصف.
ونحن نرى أن قطاع السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر في تحسن تدريجي مما يعيد الثقة في تونس للعودة الى مستويات 2010 بحلول عام 2013. كما نتوقع عجزا ماليا يقدر بنحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011 و 4% في عام 2012. نحن نعلم أن الحكومة تخطط لتمويل عجزها في السوق المحلية ومن المقرضين الرسميين.
ومع ذلك فنحن نعتقد أن مد فترة الانتقال السياسي قد يجلب بعض المخاطر السلبية على مدى السنة المقبلة على الأقل حتى تحل الإنتخابات الدستورية محلها ويتعافى الاقتصاد. وقد تأجلت الإنتخابات الدستورية حتى نهاية شهر أكتوبر لعام 2011 من نهاية شهر يوليوولا يزال هناك عدم يقين حول هيكل وصلاحيات الحكومة بعد الانتخابات. كما لايزال يشوبنا عدم الوضوح حيال تبنى الأهداف السياسة المتوسطة الأجل وأولويات الإصلاح الهيكلي. وعلى الرغم من إستمرار نوبات الاحتجاجات العامة إلا أننا نتوقع أن يسودها السلام إلى حد كبير من خلال الإتخابات.
الانتعاش الاقتصادي يعتمد بحد كبير على مدى سرعة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتعافى قطاع السياحة. نحن لا نتوقع أن يؤدى تراجع هذه التدفقات إلى تعرض موقف تونس الخارجى للخطر شريطة أن يكون الاقتراض الإضافى من الخارج كافيا. كما يمكن أن يؤدى التأخير في المدفوعات الرسمية أو انخفاض التوافر بين البنوك والمؤسسات المالية إلى سياسة مالية أكثر صرامة في وقت تتعرض فيه الحكومة لضغوط لتقديم توقعات سريعة حول إرتفاع السكان بعد ثورة الياسمين.
كما أن التباطؤ الاقتصادي الحالي وارتفاع نسبة البطالة يؤديان إلى تزايد حدة التوترات الاجتماعية والسياسية والضغوط الانفاقية. وفي الاتجاه الأخر يمكن للحكومة أن تستفيد من العائدات (لمرة واحدة) بأعلى من المتوقع اعتمادا على الطريقة التي يتم التصرف بها فى أسهم العائلة الرئاسية السابقة في مختلف الأعمال التجارية.
ونحن نعتقد أن نقاط الضعف فى القطاع المصرفي -- وخصوصا المملوك للدولة -- يمكن أن يعيق عملية الانتعاش. وحتى قبل الثورة كانت رسملة القطاع المصرفي فى تونس ضعيف بشكل عام مع معاناته من مستويات عالية من القروض المتعثرة والمخصصات المنخفضة.
ونحن نتوقع أن يؤدى التباطؤ في النمو ولا سيما في قطاع السياحة إلى تفاقم جودة الأصول. وفى المقابل سوف يرفع ذلك من تكاليف التمويل والاستثمار حيث أن توافر نظام مالى سليم هو أمر ضروري للحفاظ على النمو وخلق فرص العمل وامتصاص الصدمات الاقتصادية. وفي رأينا أن إعادة رسملة بنوك القطاع العام قد تصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
توقعات
النظرة السلبية على تقييمات تونس تعكس وجهة نظرنا بأن مخاطر التفييمات المنخفضة قد تستمر على الاقل لحين اجراء الإنتخابات ويتعافى الاقتصاد. وتتضمن وجهة النظر تلك على الأقل فرصة واحدة إلى ثلاثة لإمكانية خفض ذلك التصنيف في غضون الأشهر ال 24 المقبلة إذا أصبح أحد هذه المخاطر أو مزيج بينهم واقعا ملموسا.
وفي رأينا فإن هذه المخاطر السلبية تنبع أساسا من : الشكوك حول صياغة السياسات على المدى المتوسط وتنفيذها ، والسياسات المالية الضعيفة و/أو التأثير الضعيف السلبى للنظام المصرفي على النمو.
وعلى العكس يمكن للتقييمات أن تستقر عند المستوى الحالي إذا أردنا الانتقال الى حكومة ديمقراطية جديدة على نحو سلس ونحن نرى أن الحكومة الشرعية قادرة على تحديد وتنفيذ السياسات بسرعة مما يؤدى إلى تحسين صورة تونس الاقتصادية والخارجية على المدى المتوسط. www.nuqudy.com/نقودي.كوم