بالرغم من المخاوف بشأن اتساع مشكلة الديون في منطقة اليورو، حيث اضطرت إيطاليا وأسبانيا على وجه الخصوص إلى دفع أسعار فائدة مرتفعة مقابل الاقتراض من الأسواق المالية بسبب ضعف النمو الاقتصادي واستمرار ضغوط الميزانية وغموض الأوضاع السياسية. وربما ينهار الإطار الجديد الذي وضعته مؤسسات الاتحاد الأوربي للتعامل مع مشاكل الديون السيادية لليونان وأيرلندا والبرتغال في أواخر يوليو إذا ما امتدت التغطية لتشمل إيطاليا وأسبانيا خاصة في ظل ضخامة حجم ديون هاتين الدولتين وخفض التصنيف الأمريكى من قبل ستاندر أند بورز الا أن الاقتصاد السعودى.
ومن هذه الناحية جاءت ردود فعل الأسواق على تلك التطورات عنيفة، حيث تراجعت أسواق الأسهم وأسعار السلع وارتفعت أسعار الذهب كما ارتفع سعر الدين الحكومي الأمريكي رغم خفض التصنيف. أما أسواق الأسهم العالمية فقد انهارت يوم الاثنين حيث هبط مؤشر إس آند بي500 بنسبة 6,7 بالمائة مسجلاً أسوأ أداء يومي له منذ ديسمبر 2009، متراجعاً بما يفوق 16 بالمائة خلال آخر 10 أيام تداول في أكبر انخفاض له منذ أن ضرب الركود أسواق الأسهم في نهاية عام 2008. وقد سجلت الكثير من الأسواق الأوربية الرئيسية مستويات هبوط أكبر.
إلا أن الاقتصاد السعودى لا يزال في مأمن كبير هذا العام نظراً لأن أسعار النفط رغم انخفاضها هذه الأيام، لا تزال في المستوى العادل الذي تريده المملكة العربية السعودية كما أن للزيادة في إنتاجها النفطي أثراً كبيراً في زيادة العوائد هذا العام، وإذا كان هناك تأثير للأزمة الأميركية فإنه سيكون محدوداً في زيادة أسعار واردات المملكة حيث إن الريال السعودي مرتبط بالدولار الذي رغم ضعفه الحالي لا يزال صامداً هذا الأسبوع في أسواق العملات.
وقال التقرير الصادر عن شركة (جدوى) المالية السعودية، إن أسعار النفط ستظل بمثابة حلقة الوصل بين الاقتصاد العالمي واقتصاد السعودية، حيث أدت التطورات الأخيرة إلى تراجعها بما يربو على 15 % خلال فترة أسبوع ونصف، وأكّد التقريرالصادر بعنوان "مشاكل الديون وخفض التصنيف الأميركي وتداعياتها على المملكة" على أن المؤشرات المتزايدة بحدوث تدهور في أوضاع الاقتصاد العالمي، ربما تؤدي إلى تراجع أكبر في أسعار النفط.
ونوه الى أن "تراجع الاقتصاد الأميركي إلى خانة الركود إذا تحقق، فسوف يأتي في سياق دورة الاقتصاد العادية بالمقارنة بركود عام 2008"، وقال إن "التذبذب في أسعار النفط سيكون أقل حدة، ولن تنخفض الأسعار بطريقة دراماتيكية كما حدث في النصف الثاني من عام 2008 عندما هبطت من مستوى 150 دولاراً للبرميل إلى 30 دولاراً فقط".
ومن جهة أخرى تعتقد (جدوى) أن سندات الحكومة الأميركية تشكل معظم صافي الموجودات الأجنبية لدى مؤسسة النقد "ساما"، لكن ليس بالإمكان تحديد قيمتها على وجه الدقة لأن المؤسسة لا تنشر تفاصيل حيازاتها من الموجودات عدا أن بيانات الحكومة الأميركية تصنفها ضمن "دول مصدرة للنفط" وتشير إلى أن قيمتها الإجمالية بلغت نحو 221,5 مليار دولار في نهاية مايو وتشمل فقط المشتريات المباشرة ولا تتضمن المشتريات التي تتم عبر وسطاء أجانب لذا فهي تقل كثيراً عن القيمة الفعلية.
وكانت "ساما" قد أعلنت أنها تعتمد على ثلاثة معايير لإدارة استثمار احتياطياتها هي: الأمان والسيولة والعائد طويل الأجل، إلا أن خفض التصنيف الائتماني للدين الأميركي جعل المعيار الأول مثار تساؤل بحسب ما أعربت عنه جدوى. ولكنها عادت لتقول إنه ليس هناك سوق خارج الولايات المتحدة يوفر نفس المستوى من السيولة أو الكم من الأدوات المالية، "لذا فإن "ساما" تراقب الوضع عن كثب ولا نتوقع حدوث تغيير كبير في سياستها الخاصة بإعادة توزيع موجوداتها الأجنبية.