مر العالم بأزمة مالية كبيرة مؤخرا ولكن لم تأخذ الكويت أي تحرك أو أى اهتمام حكومي أو برلماني عندما أصيب الاقتصاد الأميركي بنكسة كبيرة حيث خفضت «ستاندرد آند بورز» تصنيف الولايات المتحدة من قبل «ستاندرد آند بورز»، من قمة التصنيف AAA، إلى درجة دون ذلك +AA لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة.
والعالم لم يفق بعد من مخاوف ديون أوروبا السيادية، ليطيح بما تبقى من ثقة، ولتهوي الأسواق المالية، مرة أخرى، بدءاً بالسوق السعودي، بخسارة %5.46-، لتتبعه أسواق العالم الرئيسة، وبقية أسواق الإقليم، مع بداية تداولات الأسبوع،وتخفيض التصنيف السيادي، رغم أنه من وكالة واحدة، وبدرجة واحدة، وهو أمر تكرر بشكل أعنف مع دول أخرى.
ومن المؤشرات السلبية التي برزت انهيار سوق الأوراق المالية وعدم قدرة قرارات الإصلاح على إنقاذه، وأيضا فشل عملية الاختيار في هيئة مفوضي أسواق المال التي رفض ثلاثة من أعضائها الاستقالة من أعمالهم السابقة بالرغم من أن رواتبهم تبلغ 13 ألف دينار شهريا، وسبق أن أشرنا في «السلة الاقتصادية» إلى أن عملية اختيار القياديين في الدولة من أهم مشاكل الفوضى الإدارية التي نعيشها لأنها لا ترتكز على نظام موضوعي وقواعد الاحتراف والإمكانيات والقدرة على القيادة فكان مصير الهيئة الفشل كغيرها من الهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى، ولا يقف انهيار البورصة على فشل هيئة أسواق المال وإنما على الإدارة الاقتصادية للبلد، فالبورصة هي انعكاس اقتصادي لاقتصاد الدولة، فالقوانين التي صدرت مثل قانون الاستقرار المالي والمحافظ المليارية التي تعاني من سوء الإدارة والتأخير لم تستطع أن تعالج الأزمة المالية وأن تنتشل البورصة من أزمتها، وتقدر خسارة أهل الكويت منذ بداية الأزمة المالية عام 2008 بستين مليار دينار.
وتبدو مؤشرات الاقتصاد الكلي فى الكويت، على المدى القصير، مريحة، فالنمو الحقيقي موجب وقد يفوق نسبة %5 في عام 2011، والتصنيف الائتماني، للبلد، ارتفع من -AA إلى AA، والنظرة إلى قطاعها المصرفي تحولت، من سلبية إلى مستقرة. ولكن، لا تبدو مؤشرات المدى الطويل مريحة، ولديها إدارة، لا هي قادرة على اجتناب التكاليف غير الضرورية، على المدى القصير، والتي تناقض مؤشرات الاقتصاد الكلي، بدليل عدم سماعنا باجتماع لأي فريق أزمة في عطلة نهاية الأسبوع، ولا هي قادرة على وضع الأساس، مجرد أساس، لمواجهة تحديات المدى المتوسط، إلى الطويل.
وأخيراً يبدو أن أسواق العالم تمر بحالة من الهلع، بعضه مبرر، ومعظمه غير مبرر، فالعالم يعي، تماماً، تكلفة انفراط الأوضاع، وأطرافه، كلها، قرأت ما حدث جراء التخاذل في مواجهة أزمة الـ 1929، وهضمته، لذلك، يظل الاحتمال ضعيفاً لتكرارها، أو حتماً، تكرار أحداث ما بعد سبتمبر 2008.