حذر خبراء اقتصاد وأكاديميون تونسيون من مغبة لجوء الحكومة التونسية الانتقالية إلى اقتراض المزيد من الديون بغية تجسيد إستراتيجية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنوات الخمس المقبلة، أي الفترة الممتدة بين 2012 و 2016، والتي عرفت باسم "مخطط الياسمين".
واعتبر الخبراء بمناسبة تنظيم لقاء حواري حول موضوع "مخطط الياسمين والسيادة الوطنية" أن اللجوء للمديونية الخارجية يمثل "خطرا محتملا قد يؤثر على استقلالية القرار ويهدد السيادة الوطنية"، لاسيما على الصعيد الاقتصادي. كما أعربوا عن تخوفهم من "توريث هذه الديون إلى الأجيال القادمة"، وحذروا من "خطورة" اللجوء إلى الاستدانة من أجل تسديد الديون السابقة كون ذلك من شأنه "إدخال البلاد في دوامة يصعب الخروج منها".
وربط الخبراء الاقتصاديون التونسيون المديونية بالنمو الاقتصادي في تونس، حيث لاحظوا أن الديون تظل تشكل معضلة دائمة للعديد من الدول بما فيها الدول المتقدمة، وأن الطرق التقليدية المنتهجة حاليا في معالجة الديون هي بصدد الانهيار، مما "يتطلب من تونس ملازمة الحذر".
ويرى الخبير المالي التونسي محمد شوقي عبيد ضرورة إجراء تشخيص دقيق ومعمق لوضعية الديون الحالية مع إعادة هيكلتها وتحديد سبل تعبئة الموارد الداخلية بهدف تغطية حاجيات التمويل وبالتالي تفادي اللجوء إلى الديون الخارجية.
وركز الأكاديمي التونسي على أهمية جرد الموارد العمومية خاصة منها الجمركية بهدف تشخيص المدخرات غير المستغلة بما "يسمح بتقليص نفقات الدولة وتخفيض حجم الواردات غير الضرورية والمضي في إصلاحات عبر الرفع في نسبة الأداء على المؤسسات (50 في المائة) وكذا تحسين المداخل الجمركية".
وكانت الحكومة التونسية الانتقالية قد عرضت مؤخرا برنامجها الاقتصادي والاجتماعي الذي يرمي إلى التقليص من حدة البطالة ودعم التنمية الجهوية، حيث بين وزير المالية التونسي السيد جلول عياد أن بلاده قد "تلقت وعودا وتطمينات" من عدة أطراف في مجموعة الثماني لتمويل هذا البرنامج التي تقدر كلفته بنحو 125 مليار دينار تونسي (1 أورو يساوي 2 دينار تونسي تقريبا).
وحسب المسئول الأول عن خزينة الدولة التونسية فان هذا البرنامج الجديد "يترجم نظرة جديدة للتنمية في تونس تتميز بأبعاد تشاركية"، مؤكدا أن الهدف الأساسي من البرنامج على الأمد القصير والمتوسط يكمن في التقليص من حدة البطالة بتوفير مليون منصب عمل وإحداث ديناميكية تنموية على المستوى الجهوي.
وكان رئيس ديوان وزير المالية التونسي قد أفاد بان نسبة الديون قد بلغت 40 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي مع نهاية عام 2010 لتصل قيمتها الى (19.62 مليار دولار) موضحا بان هذه الديون تتوزع على أساس 40 بالمائة كديون داخلية و60 بالمائة كديون خارجية أي نحو (11.55 مليار دولار) مصدرها الأساسي المؤسسات المالية العالمية (37 بالمائة من إجمالي حجم الديون المذكورة).
وبالمقابل أعرب ذات المسئول الحكومي التونسي عن "تخوفه" من الانعكاسات "السلبية" لهذا الحجم من الديون الخارجية على نمو اقتصاد بلاده باعتبار أن تلك الديون تكلف خزينة البلاد نحو 4.6 بالمائة من الموارد المالية الإضافية لتسديد الفوائد .
www.nuqudy.com/نقودي.كوم