يتصادم التفاؤل الأعمى لسوق الأسهم مع واقعية المديرين التنفيذيين في القطاع الصناعي، واختتمت شركتا “كاتربيلار إنك”، و”هوني ويل أنترناشونال إنك” أسبوعاً مزدحماً بنتائج الأعمال للقطاع التصنيعي يوم الجمعة الماضية، وأشارتا إلى استمرار التراجع فى النمو خلال عام 2020 والذي يتطاير فى وجه التوقعات بتعافي سريع بعد توقيع الاتفاق التجاري للولايات المتحدة والصين.
وقال المدير التنفيذى لـ”كاتربيلار”، جيم أومبلى فى بيان: “نحن نتوقع استمرار عدم اليقين العالمي في 2020″، وتتوقع الشركة أن يتراجع الطلب بين المستهلكين النهائيين على معداتها بنسبة 9% وهو ما سيشجع الوسطاء على استهلاك مخزوناتهم الحالية بدلاً من تجديدها.
كما توقعت الشركة تراجع في أسواق الإنشاءات السكنية وغير السكنية في شمال أمريكا واستمرار الضعف في البترول والغاز وهو ما سيعوضه قليلاً ارتفاع الطلب على معدات التعدين، وتعد توقعات الشركة ذات تداعيات واسعة النطاق على معظم القطاع الصناعي، وقال المدير المالي للشركة، أندرو بوفيلد، لوكالة أنباء “بلومبرج”، إن المبيعات في الصين قد تتراجع بنسبة 5%.
وكانت نتائج أعمال “هوني ويل” متماشية مع تقديرات المحللين، ولكن نطاق الاختلاف بين توقعاتهم كان واسع للغاية بتفاوت 40% بين أفضل وأسوأ السيناريوهات، ولاتزال الشركة “حذرة” بشأن الآفاق الاقتصادية الكلية، وبشأن المخاطر التي تنعكس على نشاطها، وحذرت من أن المبيعات قد تكون مستقرة فى 2020 بعد احتساب تأثير الدمج والاستحواذ والتقلبات فى العملة.
ومن المعروف عن “هاني ويل” أنها متحفظة فى توقعاتها، ولكننا سمعنا تعليقات مشابهة من مجموعة متنوعة من المديرين التنفيذيين في القطاع الصناعي على مدار الأسابيع القليلة الماضية، بما في ذلك من جيم فوت، المدير التنفيذي لشركة “سى إس إكس”، ودي جي ماكفيرسن من شركة “دبليو دبليو جراينجر”، ومارك دويل من “دوبونت (NYSE:DD) دى نيومرس إنك”، ومايك رومان من “3 إم كو”.
ويتوقع أغلبهم أن تفتقر بيئة النمو إلى الزخم وأن يكون الوضع أسوأ بالنسبة لبعض الأسواق في النصف الأول من العام وأن يتحسن بعض الشيء في النصف الثاني، ولكن بالنسبة للعديد من الشركات، لا يتعلق هذا “التحسن” بحدوث ارتفاع ذو معنى في الطلب، ولقد رأينا توقعات من قبل بتعافي في نهاية العام، ولكن نادراً ما يحدث هذا التعافي مثلما يأمل البعض.
ومع إقبالنا على عام 2020، وضع المديرون التنفيذيون مخاطر الركود كمصدر مخاوفهم الأول فى العام الجارى، وفقاً لمنطمة الأبحاث غير الربحية “كونفرنس بورد”، وقال أندرو هاسبي ويلينا شولياتيفا، الاقتصاديان في “بلومبرج”، إنه رغم أن الاتفاق التجاري حسّن المعنويات، فإن أرباح الشركات يجب أن ترتفع لتعزيز الإنفاق.
وأوضح أن هناك عوامل معقدة تلوح فى الأفق مثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتداعيات المرض الوبائي “كورونا”، كما أن التعريفات الأمريكية لا تزال قائمة على 360 مليار دولار من البضائع الصينية.
وحتى الآن، لايزال الاستثمار التجاري منخفضاً، وتراجعت الطلبيات على المعدات غير العسكرية بنسبة 0.9% فى ديسمبر، باستثناء معدات الطيران، وفقاً لبيانات وزارة التجارة الأمريكية، وبالتأكيد، فإن أحد فوائد ارتفاع أسعار الأسهم هو أنها تجعل عمليات إعادة شراء الأسهم صعبة، وهو ما يدفع المزيد من المديرين التنفيذيين لوضع أموالهم للعمل في الاستثمارات الرأسمالية بمجرد أن ينكشف عدم اليقين.
وتخطط “هاني ويل” للقيام بالأمرين وشراء 1% على الأقل من أسهمها وإنفاق ما يعادل 150 مليون دولار على النفقات الرأسمالية فى 2020، ولكن بالنسبة لقطاع الشركات الصناعية، يبدو أن مكاسب الأرباح تعتمد أكثر على استمرار خفض التكلفة وتحسين الإنتاجية بدلاً من حدوث نمو جوهري حقيقي.
وقالت “كاتربيلار” التي تتوقع تراجع أرباحها على أساس سنوي للعام الثانى على التوالي، إنها تجنب 200 مليون دولار لإعادة الهيكلة الاستراتيجية وللاستجابة سريعاً لأى تغيرات إيجابية أو سلبية في الطلب الاستهلاكي.
ويبدو أن المستثمرين قلقين باعتدال، ربما لأن لديهم رفاهية التفاؤل مقارنة بالمديرين التنفيذيين، ولكن يجب الاستماع إلى الأشخاص الذين يقومون بالقرارات الحقيقية عندما يتعلق الأمر بالتوظيف والإنفاق، وهؤلاء الأشخاص مازالوا يلوحون بالعلم الأصفر الخاص بالحذر.
بقلم: بروك ساذر لاند، كاتبة مقالات رأي في “بلومبرج” وتغطي الصفقات والشركات الصناعية
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”