على الرغم من أن العراق يعتبر من البلدان غير المستقرة نسبيا، بسبب وضعه السياسي وعجز الأحزاب البرلمانية على تشكيل حكومة بعد مرور أشهر على نهاية الانتخابات التشريعية التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر، وكذلك وضعه الاقتصادي الذي يزداد سوءا خاصة وأن الموازنة لم تقر حتى الآن، يضاف لها ارتفاع الأسعار عالميا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا وتداعياته على الدول في جهات العالم الأربع. كل هذا لم يمنع بعض الطبقات من الاستثمار في العقار.
سوق العقار في العراق وخاصة في العاصمة بغداد يشهد ارتفاعا غير مسبوق، ليصل سعر المتر المربع في بعض المناطق التجارية إلى أرقام خيالية، تنافس في بعض الأحيان الأسعار في باريس ولندن، بل تتعداها في أحيان كثيرة، فعلى سبيل المثال وصل سعر المتر المربع الواحد في مناطق المنصور و شارع الربيعي إلى عشرين ألف دولار أمريكي، كما قال علي الدهلكي ليورونيوز وهو صاحب مكتب للوساطات العقارية.
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي انتقد التخطيط العمراني لمدينة بغداد واعتبره عبثيا، متهما جهات نافذة بالتخطيط لهذا من أجل المال.
يضيف الدهلكي "هذه الأيام نشهد هجمة على شراء العقارات والأرقام مرعبة" مؤكدا "أن هناك طبقة بحد ذاتها هي من تستثمر وليس المواطن البسيط أو الموظف".
سبب ارتفاع الأسعاريقول الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي العراقي صادق الشمري ليورونيوز "إنه من أسباب ارتفاع الأسعار هو أن الطلب أكثر من العرض، ولا يوجد توسع عمراني في بلد يحتاج إلى ما يقارب 3 ملايين وحدة سكنية، وكذلك النمو السكاني".
الشمري قال أيضا "إن مصر مثلا نجحت إلى حد ما في استثمار الصحراء وبناء مجمعات سكنية على عكس العراق الذي لم يستغل هذا الأمر".
الصحفي عمار كريم قال ليورونيوز " في ظل انحسار الزراعة والصناعة في العراق، حدثت هجرة لبغداد من أجل العمل التجاري، مع توفر سيولة مالية".
بينما مراقبون للشأن العراقي يرون أن ارتفاع الأسعار هذا جاء بسبب "الاستثمار الآمن في العقارات" وأيضا بسبب تحويل الطبقة السياسية في العراق استثماراتها من الخارج إلى الداخل، لأسباب عديدة، منها الخوف من العقوبات الأمريكية التي قد تجمد في أية لحظة حساباتهم في الخارج، والتردي الاقتصادي لدول لدول الجوار العراقي وبعض الدول الإقليمي كلبنان مثلا التي يعاني قطاع البنوك فيها من أزمة كبيرة. حيث كان السياسيون العراقيون يستثمرون أو يضعون أموالهم في بنوك هذه الدول.
من أين لك هذا؟يورونيوز سألت المحامي محمد الجمّالي عما إذا كان يوجد في العراق قانون لمراقبة تدفق الأموال والثراء المفاجئ حيث قال "الطبقة السياسية تجنبت التصويت على مشروع قانون من أين لك هذا، وتم تأجيله كل مرة على مدى سنوات طويلة". ويضيف "هناك قانون هيئة النزاهة تحت اسم (الكسب غير المشروع) يجبر موظفي الدولة بدءا من رئيس الجمهورية على الكشف عن ذمتهم المالية بشكل سنوي".
الجمّالي أكد أيضا "أن هناك قضايا في هيئة النزاهة موجودة فعليا الأن تخص الكسب غير المشروع وغسيل الأموال".
مصادر قالت ليورونيوز إن هناك طرق ملتوية للالتفاف على القوانين وتجنب هيئة النزاهة، فيما تحظى بعض الشخصيات العراقية الكبيرة بحصانة "الأمر الواقع" حيث يمتلكون نفوذا كبيرا يجنبهم المسائلة.