من إلن فرنسيس وإريك كنيكت
بيروت (رويترز) - أبدى الرئيس اللبناني ميشال عون يوم الخميس استعداده للحوار مع المحتجين للوصول إلى أفضل الحلول لإنقاذ البلاد من الانهيار المالي إثر أيام من المظاهرات المناهضة للنخبة الحاكمة ملمحا إلى أن فكرة التعديل الحكومي مطروحة على الطاولة.
وقالت جمعية مصارف لبنان يوم الخميس إن البنوك اللبنانية ستظل مغلقة يوم الجمعة، لليوم السابع على التوالي، بسبب بواعث القلق المرتبطة بالسلامة وسط احتجاجات عارمة في البلاد على أن يعاد فتحها فور استقرار الوضع.
وقال مسؤول مصرفي كبير يوم الخميس إنه يأمل في انتهاء الأزمة السياسية في لبنان قريبا وإن العمليات المصرفية ستستأنف بالكامل فور حدوث ذلك.
وقال سليم صفير رئيس جمعية مصارف لبنان ورئيس بنك بيروت لرويترز "فور عودة الأوضاع لطبيعتها، فإننا على ثقة كبيرة بأننا نستطيع استئناف خدمة عملائنا بأقصى طاقة".
وقال بيان للجمعية بثته الوكالة الوطنية للإعلام في وقت سابق "عمل المصارف سوف يقتصر على تأمين رواتب الأُجَراء والمستخدمين والموظفين في نهاية الشهر الجاري من خلال أجهزة الصراف الآلي".
واجتاحت لبنان مظاهرات غير مسبوقة أصابت البلاد بالشلل على مدى أسبوع احتجاجا على سياسيين يعتبرونهم مسؤولين عن الفساد والهدر وللمطالبة باستقالة الحكومة على الرغم من إعلانها عن عدد من الإصلاحات التي تهدف إلى تهدئة المحتجين وإرضاء مانحين غربيين تعهدوا بمساعدات مالية لبنان في أمس الحاجة إليها.
ووعد عون في كلمة إلى الأمة نقلتها شاشات التلفزيون بالتصدي للفساد ممتثلا لمطلب مئات الآلاف من المحتجين.
وقال عون "المشهد الذي نراه يؤكد أن الشعب اللبناني هو شعب حي قادر على الانتفاض والتغيير وإيصال صوته.. ولكن الطائفية حطمتنا، ونخرنا الفساد حتى العظم، وقد تركنا من أوصل البلد إلى الهاوية بدون محاسبة". وتابع قائلا "صرختكم لن تذهب سدى".
وخاطب عون المعتصمين في الشوارع قائلا "أنا حاضر أن ألتقي ممثلين عنكم يحملون هواجسكم ونسمع مطالبكم وتحديد ما هي، وأنتم تسمعون منا عن مخاوفنا من الانهيار الاقتصادي وماذا يجب أن نعمل سويا لكي نحقق أهدافكم من دون أن نسبب الانهيار والفوضى ونفتح حوارا بناء يوصل إلى نتيجة عملية تحديد الخيارات التي توصلنا إلى أفضل النتائج، فالحوار هو دائما هو الطريق الأفضل للإنقاذ وأنا ناطركم".
وتضم الاحتجاجات كل الطوائف والتيارات واتسمت بشكل عام بعدم وجود زعامات واضحة لها بالتالي لم يتضح بعد إذا كان هناك ممثلون عنها للقاء عون.
وقال عون في كلمته "لأن الإصلاح هو عمل سياسي بامتياز صار من الضروري إعادة النظر بالواقع الحكومي الحالي حتى تتمكن السلطة التنفيذية من متابعة مسؤولياتها وطبعا من خلال الأصول الدستورية المعمول فيها". في إشارة محتملة لتعديل وزاري لكنه حذر المحتجين من أن النظام لن يتغير بالاحتشاد في الأماكن العامة وقال "لكن النظام، أيها الشباب، لا يتغير في الساحات".
واتسمت الاحتجاجات بالسلمية بشكل عام وواجه الجيش صعوبات في منع المتظاهرين من إغلاق الطرق وتعهد بعدم استخدام القوة لإعادة فتحها. وبقيت المدارس في لبنان مغلقة يوم الخميس.
وقال عون "كل من سرق المال العام يجب أن يُحاسب لكن المهم أن لا تدافع عنه طائفته... فلنكشف كل حسابات المسؤولين ونترك القضاء يحاسب".
ورفض المحتجون الذين نزلوا إلى الشوارع لليوم الثامن خطاب عون وأكدوا على عدم التراجع وقالوا إن مطلبهم الأساسي هو استقالة الحكومة.
ورحب رئيس الوزراء سعد الحريري يوم الخميس بدعوة الرئيس لإعادة النظر "في الواقع الحكومي الحالي". وقال على تويتر "اتصلت بفخامة رئيس الجمهورية، ورحّبت بدعوته إلى ضرورة إعادة النظر بالواقع الحكومي الحالي، من خلال الآليات الدستورية المعمول بها".
وقال الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط إن أفضل حل لإنهاء الاحتجاجات الشعبية التي أثارتها الأزمة الاقتصادية في البلاد هو الإسراع بتعديل حكومي كما اقترح عون.
وكتب جنبلاط على تويتر "بعد سماع كلمة الرئيس عون وبما أننا في نفس هذا المركب الذي يغرق وكون نشاطره الخوف من الانهيار الاقتصادي، نجد أن أفضل حل يكمن في الإسراع في التعديل الحكومي والدعوة لاحقا إلى انتخابات نيابية وفق قانون عصري لا طائفي".
* المحتجون يرفضون
رفض المحتجون مبادرة عون. وقال باسيل صالح (39 عاما) "ما في حدا بيقدر يفاوض عن حدا بالشارع.. مطالب الشارع واضحة.. من يريد... أن ينهي هذه الأزمة عليه أن ينجز ما طلبته منه هذه الحشود الشعبية.. استقالة الحكومة هو المطلب الأول قبل أي محاولة لتدارك الوضع".
وقال عون في كلمته "يجب أن تعرفوا أنه يوجد في مجلس النواب عدد من اقتراحات القوانين وهناك اقتراح قانون لإنشاء محكمة خاصة بالجرائم الواقعة على المال العام قدمته أنا شخصيا... واقتراح قانون عن استرداد الدولة للأموال المنهوبة واقتراح عن رفع السرية المصرفية عن الرؤساء والوزراء والنواب وموظفي الفئة الأولى الحاليين والسابقين... ورفع الحصانات عن الوزراء والنواب الحاليين".
وحثت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في الأيام الماضية لبنان على التحرك سريعا لتنفيذ إصلاحات لكبح الفساد وإهدار المال العام وعبرت تلك الدول عن دعمها للمحتجين.
ويأمل لبنان في أن الإصلاحات ستقنع مانحين غربيين بتزويده بنحو 11 مليار دولار هي قيمة تعهدات في مؤتمر عقد العام الماضي مشروطة بالإصلاحات التي طال انتظارها.
وفي بلدة جل الديب خرج محتجون يلوحون بالعلم اللبناني وهم يمسكون بالمظلات ومعاطف المطر للإبقاء على المظاهرات رغم هطول الأمطار. ونصب بعضهم حواجز مؤقتة لإغلاق طريق رئيسي.
وقال سلام زعتري في مكبر للصوت أمام حشد بالمئات "نريد أن نقول لميشال عون.. ظننا أننا أبناؤك. انتظرناك لثماني أيام واليوم أدركنا أن الأمر كان دون جدوى".
وشملت الإجراءات التي أعلنتها الحكومة هذا الأسبوع خفض رواتب الوزراء لنحو النصف وفرض ضرائب على المصارف وإعادة هيكلة قطاع الكهرباء لكن تلك الإجراءات أخفقت في تهدئة الغضب الشعبي وفي إقناع الدول المانحة.
وقالت كلارا وهي طالبة جامعية "هذا الخطاب لم يقنعنا بالمرة. سمعنا ذلك كثيرا من قبل. لذلك نحن باقون هنا حتى ترحل الحكومة".
(تغطية صحفية سامية نخول وتوم بيري وعصام عبدالله - إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)