كوبنهاجن، 7 ديسمبر/كانون أول (إفي): تشهد العاصمة الدنماركية كوبنهاجن اليوم الاثنين انطلاق فعاليات "القمة العالمية حول التغير المناخي COP15" التي تقام تحت رعاية الأمم المتحدة، وفي ظل موجة مظاهرات شعبية لمطالبة الدول الكبرى بتحمل مسئولياتها عن هذه الظاهرة التي باتت تمثل خطرا كبيرا على العالم.
ويشارك في أعمال القمة التي تمتد حتى 18 من الشهر الجاري، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون فضلا عن ما يزيد عن مائة من رؤساء الدول والحكومات و15 ألف مندوب.
وتركز القمة على هدفين رئيسين، وهما التوصل إلى اتفاقية عالمية ملزمة لتقليل انبعاث الغازت المسببة للاحتباس الحراري تحل محل بروتوكول كيوتو الذي ينتهي العمل به عام 2012، فضلا عن ايجاد تمويلات مالية لمساعدة الدول الفقيرة على التنمية دون تلويث البيئة، والتصدي لتداعيات التغير المناخي.
ويبرز من بين قائمة المشاركين الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي قرر تأجيل موعد مشاركته في القمة إلى 18 ديسمبر/كانون أول بدلا من التاسع من ذات الشهر كما كان مقررا بعد تعرضه لانتقادات دولية، جاءت بشكل خاص على لسان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبس، أن الرئيس يرى أن مشاركة بلاده ستكون أكثر فعالية في ختام اجتماع كوبنهاجن في يوم 18 ديسمبر بدلا من التاسع.
وأكد المتحدث الرسمي أن أوباما ملتزم بببذل قصارى جهده للتوصل إلى نتيجة إيجابية في المؤتمر، كما أعلن استعداد الولايات المتحدة لدفع مساهمة عادلة في الاتفاق الذى سيتم التوصل إليه في إطار الوثيقة النهائية للقمة، فيما يتضمن سداد 10 مليار دولار سنويا بداية من عام 2012 لدعم عملية تكيف الدول الأكثر فقرا مع التكنولوجيا النظيفة والحد من انبعاثات الغازات الملوثة.
كما تناقلت وسائل الإعلام تصريحات الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز التي أكد فيها أنه يدرس المشاركة في القمة "إذا كان الأمر يستحق" نظرا لأن الأمر برمته قد يكون "مضيعة للوقت" لأن القوى الكبرى قد قررت سياستها بالفعل تجاه قضية التغير المناخي، على حد قوله.
واتهم الرئيس الفنزويلي الولايات المتحدة، التي تعد من أكبر الدول المسببة لانبعاثات الغازات السامة، بالمراوغة وتجنب تحمل المسئوليات لعدم إقرارها هدف محدد للحد من الغازات حتى 2020.
وأكد شافيز أن حكومته تواصل دراسة أفضل الطرق للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بما فيها خفض استهلاك الوقود في البلاد ونشر استخدام الغاز الطبيعي في وسائل النقل العامة أو الخاصة.
وفي ظل الترقب الذي يستبق انطلاق قمة كوبنهاجن، تعيش الدول المنتجة للنفط وخاصة التي يعتمد اقتصادها على تصديره حالة توجس تخوفا من نتائج القمة وما قد تتضمنه من قرارات تكبدها خسائر اقتصادية كبرى.
ولم تعلن هذه الدول، أو منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) رسميا عن موقف موحد تتخذه خلال القمة التي سيحضرها من (أوبك) الليبي عبد الله سالم البدري، أمين عام المنظمة كممثل عنها بصفة مراقب، في حين ستحضر الدول الأعضاء كل على حده.
وكان وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل قد أعرب عن مخاوفه بهذا الشأن في وقت سابق والتي تتركز في احتمالية اعتبار الدول المنتجة للنفط ملوثة للبيئة، وإقرار إجراءات مشددة على استخراج وبيع النفط والغاز، مما قد يؤدي بدوره إلى خسارة دول أوبك نحو ثلاثة مليارات دولار حتى عام 2050.
ومن جانبها أعربت الحكومة الدنماركية عن تفاؤلها بمشاركة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في قمة كوبنهاجن فيما اعتبرته بادرة طيبة على إمكانية التوصل لاتفاق سياسي طموح بشأن التغير المناخي.
واعتبر رئيس الوزراء الدنماركي لارس لوك راسموسين أن تغيير موعد قدوم أوباما يعد "تعبيرا عن سياسة ديناميكية متزايدة" تعكس حسا قياديا نحو مشاكل التغير المناخي.
أما عن المنظمات الحقوقية وأبرزها (أوكسفام) فقد اقترحت قيام الدول الغنية بمجهودات حقيقية لإنجاح القمة فيما يتمثل في رصد 233 مليار دولار في صورة صناديق دعم لمساعدة حكومات الدول الفقيرة على تبني إجراءات فعالة لمكافحة وتقليص انبعاثات الغازات الضارة.
وطالب خوسيه إرناندث ديل تورو، ممثل شئون المناخ بمنظمة أوكسفام في إسبانيا بـ"أرقام محددة يفوق بريقها بريق أضواء أعياد الميلاد"، معتبرا أن هذا المبلغ يعتبر "ملاليم" بالنسبة لمبلغ الـ8.4 تريليون دولار التي تم تخصيصها لانقاذ البنوك التي تعرضت للإفلاس بسبب الأزمة المالية العالمية.
ويشار إلى أن كلفة تنظيم القمة العالمية للمناخ حملت ميزانية الحكومة الدنماركية مبالغ طائلة، وقد تعرضت كوبنهاجن لانتقادات حادة بسبب ما أسمته المعارضة بـ"هيستريا البيئة" وهو الأمر الذي وضع على المحك جهود الحكومة لتنظيم القمة، كما شكك في عائدها.
وإزاء الكلفة المرتفعة، في ظل أزمة مالية عالمية لجأت الحكومة الدنماركية للاستعانة بالشركات الخاصة والأجنبية لرعاية الحدث لتغطية احتياجات الدعم اللوجستي في ظل مشاركة وفود من 190 دولة وأكثر من مائة رئيس دولة وحكومة في فعاليات القمة التي ستمتد على مدار إحدى عشر يوما.
وفي أجواء مغايرة تظاهر آلاف الأشخاص في العديد من العواصم الأوروبية لمطالبة المجتمع الدولي بالتوصل إلى اتفاق ملزم وطموح لمواجهة التغير المناخي في قمة كوبنهاجن، وذلك في ظل أجواء احتفالية صاحبتها أنغام الموسيقى. (إفي)