كان، 20 مايو/آيار (إفي): شهد اليوم التاسع من النسخة الثالثة والستين لمهرجان كان السينمائي يوما حافلا حيث تم عرض فيلمين بارزين هما الفيلم الأمريكي (فير جيم) أو اللعبة العادلة للمخرج دوج ليمان، بالإضافة إلى الفيلم الإيطالي (حياتنا) للمخرج الإيطالي دانييل لوتشي.
ويعتبر الفيلم الأمريكي بمثابة عودة للأفلام التجارية إلى المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي.
ويدور الفيلم حول عميلة المخابرات المركزية الأمريكية فاليري بليم والمسئولة عن حظر انتشار الأسلحة، التي تجري تحقيقا سريا عن احتمال وجود أسلحة دمار شامل في العراق. فيما يتم تكليف زوجها الدبلوماسي جو ويلسون بتقديم أدلة حول صفقة مزعومة للحصول على اليورانيوم من النيجر.
إلا أن الإدارة الأمريكية برئاسة جورج بوش تتجاهل النتائج، مما دفع جو ويلسون للرد على ذلك التجاهل بمقال نشرته جريدة (نيويورك تايمز). وتكشف صحفية مشهورة في واشنطن عن هوية فاليري بليم، لتجد فاليري نفسها في معركة طاحنة لإنقاذ سمعتها وعائلتها.
وفي مؤتمر صحفي ظهرت فيه ناعومي واتس بطلة الفيلم وغاب عنه الممثل شون بين، الذي توجه للكونجرس الأمريكي للمطالبة بمساعدات لصالح هايتي، قال دوج إن شخصيات الفيلم أسرته تماما عند قراءته للنص، ونفى أن يكون للفيلم أية أهداف سياسية.
وأوضح "أحاول عن طريق الفيلم تقديم قصة واقعية حدثت ولم أنتوي أبدا أن يكون للفيلم أية أهداف بعيدا عن القصة".
يشار إلى أن فيلم (فير جيم) لدوج ليمان يعد الفيلم الأمريكي الوحيد المشارك ضمن النسخة الثالثة والستين من مهرجان كان، ويشارك به الممثل المصري، خالد النبوي في دور الشاب العراقي حامد.
أما الفيلم الإيطالي (حياتنا) فهو من نوعية الدراما التي تعكس لمحة من تطور الحياة الاجتماعية في إيطاليا من خلال تسليط الضوء على شريحة منه، تتمثل في الحياة اليومية لأسرة متوسطة، مما يجعله ليس مجرد عمل محلي، بل فيلم عالمي بكل المقاييس.
ويركز الفيلم على التطورات الاجتماعية التي طرأت على الحياة في إيطاليا خلال السنوات الأخيرة وخاصة في المدن الكبرى مثل روما، وتأثير ذلك على البلدات الصغيرة التي تقع في ضواحيها.
وفي مؤتمر صحفي عقده المخرج بمناسبة عرض الفيلم قال لوتشي عن شخصيات الفيلم "كنت أرغب في أن أطور هذه الشخصيات بإدماجها في السياق السياسي الحالي. ففي إيطاليا، بات المال يحل محل العواطف والعقليات. وقد أراد كلاوديو -بطل الفيلم- الذي أدار وجهته نحو المال أن ينتقم من الحياة. وإن كانت هذه الطاقة المتدفقة لن تؤدي إلى شيء فستمكنه من تغيير علاقته بالآخرين.
وقال المخرج "لم أرى داعيا لكي يبث الراوي رسائل سياسية للمشاهدين. كنت فقط أرغب في أن أشاهد وأحكي عن هذا المجتمع الإيطالي اليوم الذي كان كلاوديو رمزا له وأن يكون الأمر خاليا من أية أحكام. إن هذا الفيلم يعبر عن شيء من الرأفة على الكائن البشري".
أما بطل الفيلم إيليو جيرمانو، الذي حضر المؤتمر الصحفي فيقول عن خصوصية دوره "لقد كان احتواء الجانب الدرامي لهذه الشخصية صعبا بالنسبة لي كممثل و كإنسان أيضا. فالحزن الذي يعيشه كلاوديو أحسست به شخصيا أيضا. فالعائلة هي الشيء الوحيد في إيطاليا الذي يعطينا القوة لتجاوز الصعوبات".
ويتناول الفيلم، الذي يبدو عنوانه مشتقا من عنصرين هامين في الموروث الثقافي "فيتا" على غرار الحياة السعيدة أو "دولشي فيتا"، فيلم فيلليني الشهير، الذي يتناول موضوع "الكارب دييم" أو متعة اليوم، والجانب الثاني والمظلم "لا كوزا نوسترا" أو المافيا، ليصبح "لافيتا نوسترا" أو حياتنا /يتناول/ قصة كلاوديو، عامل بسيط يعول أسرة عادية ولديه زوجة وطفلين، وينتظر طفله الثالث.
تموت الزوجة فجأة أثناء الوضع، مما يضطر كلاوديو لتغيير نمط حياته كلية، وتعكس القصة مشاكل الطبقة العمالية، في زمن الأزمة الاقتصادية وتوحش الرأسمالية، وانعكاس ذلك على العلاقات الأسرية والمجتمع بأسره.
تسير أحداث الفيلم بشكل يقترب من التوثيق، من خلال قصص متداخلة لشخصيات العمل، بينما برع المخرج في توظيف الممثلين الثانويين، لتقديم معزوفته السينمائية في بناء درامي إنساني.
ويرى بعض النقاد أن الفيلم يمثل رحلة وجودية لشخصية بسيطة تتعرض لتحولات داخل فضاء محكوم، في إطار قصة مغرقة في المحلية، إلا أن المعالجة الأخاذة التي صاغها المخرج، قفز بها للعالمية، وحولها لقصة ذات بعد عالمي، من خلال التركيز على المواقف الإنسانية وإبراز مشاعر الشخصيات تجاه هذه المواقف.
فيما يقول لوتشي "أفضل أفلامنا هي التي ركزت على الشخصيات ونجحت في ترجمة مشاعرها على الشاشة، وهو ما فعله مخرجنا الكبير ورائد الواقعية الجديدة، فيتوريو دو سيكا في "سارق الدراجات" 1948.
وبذلك يسدل الستار على اليوم التاسع للمهرجان الذي كان قد انطلق في 12 من الشهر الجاري ويستمر حتى 23 من نفس الشهر. (إفي)