وصلنا إلى منتصف الأسبوع عزيزي القارئ والاقتصاد الأمريكي بخل علينا في أول أيام الأسبوع بإصدار بيانات رئيسية، ليأتي يوم أمس مصدرا تقرير مبيعات المنازل القائمة والتي أشارت إلى انخفاض المبيعات خلال أيار، أما اليوم فسيصدر أيضا عن قطاع المنازل الأمريكي تقرير مبيعات المنازل الجديدة عن الشهر نفسه، هذا إلى جانب صدور الأهم بالنسبة للاقتصاد الأمريكي بشكل خاص وللعالم أجمع بشكل عام – قرار الفائدة الأمريكي – والذي سيصدر في وقت لاحق اليوم.
مشيرين بداية عزيزي القارئ إلى أن قطاع المنازل الأمريكي أظهر أداءا متباينا خلال الفترة الأخيرة وذلك وسط العقبات التي تقف أمام الاقتصاد الأمريكي ككل، لهذا شهدنا انخفاض مبيعات المنازل القائمة خلال أيار وبأسوأ من التوقعات، واليوم ايضا من المتوقع أن تشهد مبيعات المنازل الجديدة انخفاضا خلال الشهر نفسه وبشكل حاد.
حيث من المحتمل أن تنخفض مبيعات المنازل الجديدة خلال ايار بنسبة -18.7% أو بمقدار سنوي يصل إلى 410 ألف وحدة سكنية مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت ارتفاع بنسبة 14.8% أو بمقدار سنوي وصل إلى 504 ألف وحدة سكنية، واضعين بعين الاعتبار أن شوائب الأزمة وعقباتها لا تزال تثقل كاهل النشاطات الاقتصادية في قطاع المنازل.
وتتمثل العقبات بمعدلات البطالة المرتفعة التي لا تزال ضمن أعلى مستوياتها منذ ما يزيد عن ربع قرن، إضافة إلى أوضاع التشديد الائتماني التي تحد من قابلية المستهلكين وأصحاب الشركات في الحصول على قروض جديدة، ناهيك عن مسألة ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري والتي وصلت أيضا إلى أعلى مستوياتها من حوالي 26 عام.
مشيرين إلى أن المعضلة التي واجهها قطاع المنازل الأمريكي إلى جانب العقبات التي ذكرناها أعلاه تتمثل في مسألة انقضاء برنامج الإعفاء الضريبي الذي عفى المشترين للمنازل لأول مرة من الرسوم الضريبية التي بلغت ثمانية آلاف دولار، حيث كان البرنامج قد عزز المبيعات في القطاع خلال الفترة الماضية، إلا أن انتهاء صلاحية هذا البرنامج أسهم في تراجع مستويات الطلب على المنازل الأمريكية.
كما أن المؤشر الذي يستخدم كمقياس للتطلعات المستقبلية بالنسبة لوضع مستويات الطلب على المنازل الأمريكية، ألا وهو مؤشر تصريحات البناء الأمريكية والذي صدر خلال الأسبوع المنصرم أشار إلى ان مستويات الطلب ستواجه انخفاضا خلال الفترة القادمة إلى أن تتلاشى آثار العوائق التي تقف أمام الاقتصاد شيئا فشيئا.
أما الحدث الأهم بالنسبة للاقتصاد الأمريكي والصادر اليوم يكمن في – قرار اللجنة الفدرالية المفتوحة بخصوص أسعار الفائدة الأمريكية – إذ على الرغم من أن التوقعات تشير بأن البنك الفدرالي لن يجري أي تغيير على معدلات الفائدة لتبقى بين 0.0 – 0.25%، إلا أن المستثمرين ينتظرون البيان الصادر على هامش القرار، والذي سيغطي نظرة البنك الفدرالي بخصوص الوضع الاقتصادي الأمريكي خلال الفترة الماضية.
حيث أشار البيان السابق إلى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يواصل سيره نحو التعافي وسط التحديات التي لا تزال تقف أمام تعافي الاقتصاد الأمريكي والتي تتمثل في معدلات البطالة وأوضاع التشديد الائتماني التي تثقل كاهل النشاطات الاقتصادية، مشيرا البنك الفدرالي أن قطاع العمالة شهد تحسنا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة، إلا أن أرباب العمل لا يزالون حذرون في توظيف أعداد جديدة.
وبخصوص معدلات التضخم فقد كرر البنك الفدرالي تأكيده في مناسبات عديدة أنها ستبقى تحت السيطرة خلال العامين المقبلين، وستبقى تحت مستويات الهدف والمرغوبة من قبل البنك نفسه، أي تحت نسبة 2.0%، ومن المتوقع أن يكرر تأكيده اليوم أيضا في البيان الصادر.
كما من المؤكد أن يشير البنك الفدرالي سيواصل سيره نحو التعافي من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، ولكن بوتيرة "تدريجية ومعتدلة"، واضعين بعين الاعتبار أن البنك الفدرالي أفصح عن معدلات النمو المتوقعة بالنسبة له خلال العام الحالي مشيرا إلى أن الاقتصاد الأمريكي سيواصل نموه حول مستويات النمو التي سجلها خلال الربع الأول من هذا العام أي حول نسبة 3.0%، وذلك قبل أن يصل الاقتصاد إلى مرحلة النمو على المدى البعيد بحلول العام المقبل.
أما بالنسبة للاقتصاد الأكثر التصاقا بالاقتصاد الأمريكي، ألا وهو الاقتصاد الكندي فقد أظهر هو الآخر الكثير من بوادر التعافي التدريجي، ولكن تبقى التأثيرات التي تسيطر على الاقتصاد الأمريكي تعتبر تأثيرات أيضا على الاقتصاد الكندي، إذ صدر يوم أمس عن الاقتصاد الكندي تقرير أسعار المستهلكين عن شهر أيار، مشيرا إلى أن مستويات التضخم لا تزال تحت السيطرة بالنسبة للاقتصاد الكندي أيضا.
أما اليوم فسيصدر عن الاقتصاد الكندي تقرير مبيعات التجزئة عن شهر نيسان والتي من المتوقع أن تنخفض بنسبة 0.4% مقارنة بالارتفاع السابق الذي بلغ 2.1%، في حين من المتوقع أن تستقر مبيعات التجزئة باستثناء المواصلات عند القراءة الصفرية مقارنة بالارتفاع السابق الذي بلغ 1.7%.