صعدة (اليمن) (رويترز) - وقف حافظ عبد الله الخولاني ينظر إلى والده وهو يضع بعض الزهور الصناعية فوق واحد من عشرات القبور الجديدة التي تصطف في مقبرة ترابية في صعدة بشمال اليمن.
وتلا الصغير ووالده آيات من القرآن ورفعا أيديهم بالدعاء. وبعض القبور لم يميزها إلا بعض الأحجار لكن جميعها حملت صور الأطفال المدفونين فيها بعد أن قتلوا الشهر الماضي عندما تعرضت حافلة مدرستهم لضربة جوية نفذها التحالف الذي تقوده السعودية.
ونجا حافظ البالغ من العمر 11 عاما من الضربة لكن شقيقه الأكبر وليد كان من بين 40 طفلا قتلوا في تلك الحافلة وهي تمر عبر سوق بلدة ضحيان في محافظة صعدة.
وتعد صعدة ذات الطبيعة الجبلية معقلا للحوثيين الذين يسيطرون على أغلب اليمن بما يشمل العاصمة صنعاء والذين تقاتلهم الرياض منذ 2015. وتجعل الطبيعة الجبلية من المنطقة أرضا صعبة لخوض المعارك واستهدفتها العديد من الضربات الجوية من قبل.
واحتشد الآلاف من اليمنيين يوم الأربعاء في مدينة صعدة مطالبين بمحاسبة التحالف العسكري الذي تقوده السعودية على الضربة الجوية على الحافلة التي أثارت إدانات من أنحاء العالم.
وقال حافظ "مشينا رجعنا (من رحلة المدرسة) ورحنا نروح صعدة ومشينا ورجع أخي، كانوا عند الباب، وقالوا كل واحد يمسك أخوه وأنا عند أخي وأخي استشهد في الحافلة".
وقتل كثير من الأطفال مما تطلب إقامة مقبرة جديدة لاستيعاب جثامين الضحايا. ولا تزال بعض القبور خاوية داخل الأسوار التي بنيت على عجل.
وفي البداية قال التحالف إن الضربة مشروعة واتهم الحوثيين باستخدام الأطفال دروعا بشرية لكنه قال يوم السبت إنه يقبل بأن الهجوم لم يكن مبررا وتعهد بمحاسبة كل من ساهم في هذا الخطأ.
وجاء الاعتراف النادر بعد ضغوط دولية متزايدة، بما شمل حلفاء للتحالف، من أجل الحد من الضحايا المدنيين في الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة والتي قتلت أكثر من عشرة آلاف شخص وتسببت في مأساة إنسانية.
ولا تلوح في الأفق أي إشارة على أن الصراع يقترب من نهايته. وبدا أن محادثات السلام التي تتوسط فيها الأمم المتحدة تتعثر يوم الخميس لعدم وصول وفد الحوثيين إلى جنيف في اليوم الأول.
وفي بيت حافظ المتواضع المبني من الطوب اللبن على مشارف مدينة صعدة علق الأهل صورة وليد على الجدار على خلفية خضراء هي لون راية الحوثيين عليها شعارهم "الموت لأمريكا... الموت لإسرائيل".
وكان الصبية في رحلة مدرسية لزيارة قبور مقاتلين حوثيين سقطوا في الحرب عندما تعرضت حافلتهم للقصف.
وقال عبد الله الخولاني والد وليد "آجي أحصل الحافلة ما موجودة... قالوا يا أخي الطائرات ... تضرب. قلت يا أخي معاي اثنين في الحافلة وابن جاري. قالوا توقف مكانك حتى نشوف... حصلت جرحى وقتلى في مكان الضربة والعيال ما حصلتهم".
وأضاف أنه عثر على حافظ بعد ذلك في المستشفى وسأله عن شقيقه وليد فقال حافظ "يا أبه راقد ما هوش مفتح عيونه".
ولا يزال حطام الحافلة المدمرة بالكامل مرئيا على بعد بضعة أبنية حيث أصبح الآن موقعا للعب أبناء الحي.
(إعداد سلمى نجم للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)