قرر اليوم البنك المركزي الأروبي برفع سعر الفائدة الأساسي بمقدار 0.25% ليصل إلى 1.25% وهي المرة الأولى منذ يوليو/تموز من عام 2008 هذا بعد ان بقى المعدل عند أدنى مستوياته منذ تأسيس البنك عندما وصل إلى 1% في مايو/أيار من عام 2009في الوقت الذي كان يحاول فيه البنك مواجهة الأثار السلبية للأزمة المالية العالمية.
كما قام البنك برفع سعر الفائدة الاقراض لتصل إلى 2% من 1.75%، و على الودائع لتصل إلى 0.5% من 0.25%.
التضخم
عقب الأزمة المالية العالمية التي اندلعت شرارتها في آواخر عام 2008 مع الإعلان عن افلاس بنك ليمان براذرز الأمريكي ومن ثم حدث إنهيار لمستويات الأسعار للسلع و الخدمات على مستوى العالم ومن ثم ظهور مخاطر الإنكماش التضخمي و التي كان البنك يحاول مواجهتها و ذلك من خلال التوسع في السياسة النقدية وخفض سعر الفائدة لدعم النمو و مستويات الأسعار.
وبقي معدل التضخم منخفضا للغاية طوال عام 2009 حتى أنه كان دون المستوى الآمن لاستقرار الأسعار لنسبة 2% إلى أن بدأ في الارتفاع التدريجي منذ بداية عام 2010 مع ظهور بوادر التحسن النسبي للنمو و ارتفاع الانفاق الحكومي في اقتصادات منطقة اليورو.
إلا أنه مع ارتفاع أسعار الطاقة عالميا لا سيما أسعار النفط و الغذاء في نهاية عام 2010 الأمر الذي دفع إلى تسارع معدل التضخم في المنطقة إلى أن أصبح أعلى من المستوى الآمن لاستقرار الأسعار بداية من ديسمبر/كانون الثاني 2010 إلى أن سجل في مارس/آذار مستويات 2.6% وهو الأعلى منذ أكثر من عامين.
و هو الأمر الذي الذي وضع التضخم من ضمن أولويات البنك خلال المرحلة المقبلة، لكن المخاطر تكمن في أن المحرك الرئيس للتضخم ليس تحسن مستويات النمو أو ارتفاع مستويات الاستهلاك إنما تتمثل في صعود أسعار النفط إلى مستويات قياسية حيث وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من العامين و النصف على إثر الاضطرابات السياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط
و التوقعات تشير إلى أن سعر برميل النفط قد يتجاوز 130$ خلال الفترة المقبلة. و جدير بالذكر أن أسعار النفط ارتفعت في الستة أشهر الأخيرة فقط بنحو 30% هذا بخلاف أن أسعار القمح ارتفعت بنسبة 50% أيضا في نفس الفترة.
جدير بالذكر أن تقرير البنك الذي صدر الشهر السابق قام فيه برفع توقعات التضخم للعام الحالي 2011 حيث يتوقع أن يسجل لما بين 2% و 2.6% و بالنسبة لعام 2012 قد يسجل لما بين 1% و 2.4%. و على المدى المتوسط يتوقع البنك أن يبقى معدل التضخم مستقراً.
النمو
شهدت منطقة اليورو تراجع لوتيرة النمو في الربع الرابع من العام السابق حيث أظهرت آخر بيانات الناتج المحلي الإجمالي نمو منطقة اليورو بنسبة 0.3% في الربع الرابع بينما كانت في الربع الثالث محققة نمو بنسبة 1%.
و تعد أزمة الديون السيادية و اتجاه الحكومات نحو خفض الإنفاق العام من أحد مسببات تباطؤ وتيرة النمو في المنطقة.
ويقابل ذلك إختلال التوازن بين اقتصاديات المنطقة فالدول الرائدة للنمو تتمثل في ألمانيا و فرنسا اللذان يدفعا عجلة التنمية من ضمن السبعة عشر اقتصاد الأعضاء في المنطقة، و في الوقت نفسه تشهد الدول ذات التعثر المالي إنكماشا أو ضعف اقتصادي حاد و ارتفاع لمعدل البطالة وهو الأمر الذي يؤثر على عملية التعافي.
الاقتصاد الألماني – أكبر اقتصاديات المنطقة- حقق نمو بنسبة 0.4% في الربع الرابع بينما حقق الاقتصاد الفرنسي نمو بنسبة 0.3%. فيما ارتفعت وتيرة النمو في الاقتصاد الأسباني رابع أكبر اقتصاديات المنطقة بنسبة 0.2% في الربع الرابع بعد أن ثبت في الربع الثالث.
على الجانب الآخر فإن الإنكماش لايزال يلاحق الدول المتعثرة ماليا مثل اليونان و التي كان أول ما أشعل شرارة أزمة الديون السيادية في المنطقة حيث سجلت إنكماش اقتصادي بلغ -1.4% في الربع الرابع الرابع و كذا البرتغال التي بدأت تستعد بالفعل لطلب المساعدة من الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة حيث اتجهت إلى دائرة الانكماش في الربع الأخير من العام السابق بنسبة -0.3% بعد أن كانت محققة لنمو بنسبة 0.2% في الربع الثالث.
على الرغم من ذلك إلا أن تقرير البنك الأخير أشار فيه إلى أن التوقعات الخاصة بالنمو تتسم بالايجابية وإن كانت تلك التوقعات لاتزال في حالة من عدم التأكد.
ووفقا لتوقعات البنك بشأن نمو منطقة اليورو فقد تم رفعها لتصبح لما بين 1.3% و 2.1% في عام 2011 بعد أن كانت التوقعات السابقة التي صدرت في ديسمبر/كانون أول تشير لما بين 0.7% و 2.1%. و بالنسبة لعام 2012 فإن البنك يتوقع أن تسجل نمو لما بين 0.8% و 2.8%.
أزمة الديون السيادية
البرتغال بدأت للتأهب نحو طلب المساعدة بشكل رسمي من الاتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي تحت مسمى ما يعرف بشبكة الأستقرار المالي و التي سوف تحصل منها على قروض يتوقع أن تكون بقيمة 75 مليار يورو من أجل تجنب السقوط في الافلاس و التمكن من تقليص عجز الموازنة.
لتعد بذلك الدولة الثالثة التي تلجأ إلى المساعدة بعد اليونان و أيرلندا، ويأتي ذلك بعد أن رفض البرلمان البرتغالي خطة الحكومة نحو خفض الانفاق العام و هو ما أدى إلى حدوث أزمة سياسية أدت إلى تلويح رئيس الوزراء باستقالته.
وهو الأمر الذي دفع بارتفاع العائد على السندات البرتغالية بجانب قيام مؤسسات التصنيف الإئتماني مثل "موديز" بخفض التصنيف الإئتماني للديون طويلة الأجل بمقدا نقطة واحدة لتصل إلى Baa1 بعد أن كانت عند مستوى A3 هذا بجانب إعلان المؤسسة أنها بصدد اجراء المزيد من التخفيضات مستقبلا.
وذلك على خلفية حالة عدم التأكد بشأن الأوضاع السياسية و الاقتصادية المتعلقة بالبلاد في المستقبل. و قامت أيضا مؤسسة فيتش بخفض التصنيف الإئتماني بمقدار ثلاث نقاط في أوائل الشهر الجاري ليصل التصنيف إلى BBB- وبتوقعات مستقبلية "سلبية".