- Investing.com تراجعت التوقعات الاقتصادية لتركيا بشكل حاد، وبدأ المتداولون والمصرفيون يفكرون في الاحتمال، الذي كان خارج الحسابات، وهو تدخل صندوق النقد الدولي، خاصة بعد النزيف المستمر في قيمة الليرة التركية، التي شهدت هبوط حاد خلال الفترة الماضية، وصل إلى 13% من قيمتها أمام الدولار خلال جلسة الجمعه الماضية.
يرى بعض الخبراء، أن هناك مخاوف من فرض الرئيس التركي "رجب طيب إردوغان" ضوابط جديدة لحركة رأس المال، وذلك لتجنب رفع معدل الفائدة، ووقف نزيف الليرة التركية، مستغلا صلاحياته الجديدة وسيطرته الكاملة على الاقتصاد التركي، التي اكتسبها بعد انتخابات يونيو، وفقًا لوكالة "بلومبرج".
منذ انتهاء الانتخابات وفوز "إردوغان" نمت مخاوف من تبنيه وجهات نظر اقتصادية غير تقليدية قد تدفع البلاد إلى مصير قد لا تحمد عقباه، وفي نفس الوقت شنت أمريكا حملة قوية ضد تركيا، وهددت بفرض مزيد من العقوبات على أنقرة، بسبب حبسها قس أمريكي متهمًا بالجاسوسية.
خلال فترة طويلة من حكم "إردوغان" الذي يمتد منذ نحو ستة عشر عام، نعمت تركيا بمعدلات نمو تشبه الصين، إلا أن تركيا تحظى بعجز في الحساب الجاري يعتبر من بين الأكبر بالعالم، لأن توسعها كان مدعوم بالديون الخارجية.
كان ذلك جيدًا، عندما كانت البنوك المركزية بالعالم تضخ الأموال إلى الأسواق، من أجل إخراج الاقتصادات من أزمتها، لكن مع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وانخفاض جاذبية الأسواق الناشئة في أعين المستثمرين، بدأ سحب الأموال وضخها بالأسواق المتقدمة.
خلال هذه الفترة، أضاعت تركيا فرصتها لتوجيه عشرات المليارات من الدولارات التي حصلت عليها من الخارج، إلى مكاسب إنتاجية طويلة الأجل، ووضعت الكثير منها في مراكز تسوق ومشاريع عقارية.
تجاوز معدل التضخم بتركيا الآن 15%، أي حوالي ثلاثة أضعاف مستهدف البنك المركزي، ووصلت عائدات الديون التي تصدرها الحكومة مستويات قياسية، في ظل التراجع الحاد في قيمة الليرة، وبدلًا من تقليل الدين الحكومي والاعتماد على البنك المركزي في تهدئة الوضع، من خلال رفع أسعار الفائدة، يرغب "إردوغان" في الإبقاء على معدل فائدة منخفض، من أجل تمويل المزيد من عمليات البناء.
التدهور الكبير في الاقتصاد التركي لا يضر المستهلك فقط، بل يضع الكثير من الضغوط على ميزانيات الشركات، التي اقترض الكثير منها عملات أجنبية من الخارج، وتواجه في الوقت الحالي عبء متزايد، نتيجة ارتفاع تكاليف هذه القروض مع تراجع قيمة الليرة التركية.
يرى البعض أن تركيا بحاجة إلى إنقاذ من صندوق النقد الدولي، إلا أنه من الصعب أن يوافق "إردوغان" على هذا الحل، لأنه كان يفتخر من قبل بسداد ديون تركيا من حزم الإنقاذ، ويرى أن بلاده حققت الاستقلال الاقتصادي أخيرًا، ولكن هذا ليس حقيقي، فتركيا لا تزال تعتمد على العالم، كما كانت تفعل من قبل، وربما يزداد هذا الاعتماد في الوقت الحالي.
ففي حال توقف الدائنون الأجانب عن تقديم قروضهم إلى الشركات والبنوك التركية، فإن الاقتصاد التركي سيصاب بالهبوط الحاد، الذي يشير إلى تباطؤ وانهيار قوي، وإذا حدث ذلك، فإذن تركيا ستضطر إلى طرق باب صندوق النقد الدولي، لطلب العون والمساعدة، بحسب آراء الاقتصاديون.