يفصلنا عن ختام جلسات الأسبوع يوم واحد عزيزي القارئ والاقتصاد الأمريكي يواصل سيره على خطى التعافي التام من أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم، وهذا ما أشار له البيان الذي صدر على هامش قرار الفائدة الأمريكية من قبل اللجنة الفدرالية المفتوحة يوم امس الأربعاء، حيث اشار الأعضاء إلى أن الأوضاع الاقتصادية شهدت تقدما ملحوظا خلال الفترة الأخيرة، بيد أن البنك الفدرالي وصف مرحلة التعافي ستكون "معتدلة نوعا ما" خلال الفترة القادمة.
ولكن يجب أن لا نغفل مسألة في غاية الأهمية، وهي أن البنك الفدرالي اشار في البيان الصادر يوم أمس إلى التقدم الذي شهده قطاع العمالة الأمريكي خلال المرحلة السابقة، حيث أن الأوضاع تحسنت بعض الشيء، إلا أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في مواجهة ضروس مع التحديات التي تقف أمامه مثل أوضاع التشديد الائتماني ومعدلات البطالة التي لا تزال عند المستوى الأعلى لها منذ حوالي ربع قرن.
وبالحديث على البيانات الصادرة اليوم عن الاقتصاد الأمريكي فهي مقتصرة على قطاع العمالة الأمريكي، فكما عودتنا وزارة العمل الأمريكية بإصدار تقرير طلبات الإعانة أسبوعيا، من المتوقع أن تشير طلبات الإعانة الأمريكية للأسبوع المنتهي في الرابع والعشرين من نيسان إلى انخفاض إلى 445 ألف طلب مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 456 ألف طلب، بينما من المتوقع أن تتراجع طلبات الإعانة المستمرة للأسبوع المنتهي في السابع عشر من نيسان إلى 4618 ألف طلب مقابل 4646 ألف طلب.
واضعين بعبن الاعتبار أن تقرير العمالة الأمريكي السابق والذي صدر في الثاني من نيسان الجاري أشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي تمكن من إضافة حوالي 162 ألف وظيفة خلال آذار، ناهيك عن التوقعات التي تشير إلى أن تقرير العمالة الذي سيصدر في السابع من أيار المقبل، الذي من المحتمل أن يشير إلى ان الاقتصاد الامريكي تمكن من إضافة ما يقارب 175 ألف وظيفة خلال نيسان.
ولكن تبقى المعضلة الكبرى في معدلات البطالة، حيث أنها لا تزال عند المستوى الأعلى لها منذ 26 عام، ولم تنزاح عنه، حيث برغم البوادر المبشرة التي يأتي بها قطاع العمالة سواءا بتقرير العمالة أو طلبات الإعانة الأسبوعية، إلا أن المحور الأساسي الذي يركز عليه كل من البنك الفدرالي والحكومة الأمريكية يتركز في معدل البطالة، وسرعان ما بدءت معدلات البطالة بالهبوط فإن الاقتصاد الأمريكي سيتمكن من إدارة عجلة التعافي بطريقة سلسة وسريعة.
منوّهين عزيزي القارئ إلى أن البنك الفدرالي بيّن يوم أمس في بيانه الصادر أن أرباب العمل سيلتزمون الحذر الشديد لبعض الوقت في سياسة توظيف أعداد جديدة، وبالتالي فإن وتيرة التعافي ستكون كما وصف البنك الفدرالي "معتدلة لبعض الوقت" وسط الحاجة إلى مزيدا من الوقت لتحقيق الاستقرار والارتداد للأعلى خلال الفترة القادمة.
أما بالنسبة لسوق الأسهم الأمريكي فقد شهد تبيانا في أدائه خلال الأيام القليلة الماضية، فتارة يتأثر بالنتائج المبهرة التي تصدر عن الشركات الأمريكية خلال الربع الأول من هذا العام، وتارة أخرى ينقاد للمؤشرات العالمية نحو الهبوط إزاء القلق الذي يجتاح الأسواق العالمية وخاصة الأوروبية منها.
مشيرين إلى ان المنطقة الأوروبية تعيش حالة من الرعب خوفا من تشكل أزمة جديدة، حيث كان الكثير يعتقد أن المرحلة الأسوأ من الأزمة قد انتهت او تلاشت، لتأتي اليونان مثبتة أن الأزمة بدأت بالتفاقم شيئا فشيئا، لتقع اليونان أولى ضحايا أزمة توسع العجز.
واضعين بعين الاعتبار أن الغمامة التي اجتاحت الأسواق اليومين السابقين تشكلت إزاء قيام مؤسسة ستاندرد أند بور بتخفيض التصنيف الائتماني لكل من اليونان والبرتغال واسبانيا، وهذا ما خلق حالة من التشاؤم في نفوس المستثمرين حول عجلة تعافي الاقتصاد العالمي، مما أثر على تداولات المستثمرين الذين اتجهوا نحو الاستثمارات ذات العائد الأدنى، وبالتالي ارتفع الدولار ليصل يوم أمس إلى أعلى مستوى له منذ حوالي عام، وفقا لمؤشر الدولار.