صدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم مؤشر أسعار الواردات إلى جانب مؤشر نيويورك الصناعي، حيث أشار التقرير الأول أن أسعار الواردات الأمريكية انخفضت خلال شهر أيار على الصعيد الشهري، في حين أشار الثاني إلى أن قطاع الصناعة يواصل توسعه خلال شهر حزيران.
وبدءا بمؤشر أسعار الواردات الأمريكية والذي يعكس أسعار البضائع المستوردة في الولايات المتحدة، فقد أظهر انخفاضا في الأسعار على الصعيدين الشهري والسنوي، حيث انخفض المؤشر بنسبة 0.6% مقارنة بالقراءة السابقة التي تم تعديلها إلى ارتفاع بنسبة 1.1% ولكن بأفضل من التوقعات التي بلغت -1.3% في حين شهدت الأسعار ارتفاعا على الصعيد السنوي بنسبة 8.6% مقارنة بالقراءة التي تم تعديلها إلى 11.2% وبافضل من التوقعات التي بلغت 7.9%.
مشيرين إلى ان أسعار الوقود المستوردة انخفضت خلال أيار بنسبة 5.0% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 3.7%، وذلك على إثر الانخفاض الذي شهدته أسعار النفط الخام خلال تلك الفترة، ولكن هذا ما يثبت ما جاء به البنك الفدرالي وهو أن مستويات التضخم ستبقى تحت السيطرة خلال العامين المقبلين.
إلا أن مستويات التضخم لا تزال تقغ تحت وطأة العوائق التي تقف أمام تقدم النشاطات الاقتصادية بالشكل المنشود متمثلة بمعدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني واللذان لا يزالا يضغطان مستويات الدخل والإنفاق لدى المستهلكين، مع العلم أن تقرير العمالة الأمريكي السابق أشار إلى أن معدلات البطالة انخفضت خلال أيار إلى 9.7% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 9.9%، في حين تمكن الاقتصاد من إضافة ما يقارب 431 ألف وظيفة خلال الشهر نفسه، ولكن هذه الوظائف كانت مؤقتة، الأمر الذي قد يشير إلى تباين في أداء قطاع العمالة الأمريكي.
ونذكر أيضا أن المؤشرات الفرعية أظهرت بأن أسعار الواردات المستثنى منها المواد النفطية ثبتت خلال أيار عند 0.5%، في حين ارتفعت أسعار الورادات باستبعاد الوقود للشهر نفسه بنسبة 0.5% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 0.6%، أما التوريدات الصناعية فقد انخفضت بنسبة 2.2% مقابل الارتفاع السابق الذي بلغ 2.8%، بينما ارتفعت أسعار البضائع الرأسمالية بنسبة 0.2% مقابل 0.1%، ناهيك عن استقرار أسعار المركبات وقطعها المستوردة عند القراءة الصفرية مقارنة بالارتفاع السابق الذي بلغ 0.1%.
وبالحديث عن الصادرات، فقد ارتفعت بنسبة 0.7% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 1.2% كارتفاع، حيث أن صادرات الأغذية والمشروبات ارتفعت بنسبة 1.4% مقابل انخفاض بنسبة 0.6%، هذا إلى جانب ارتفاع التوريدات الصناعية بنسبة 1.9% مقابل ارتفاع بنسبة 3.1%، كما انخفضت صادرات البضائع الرأسمالية خلال أيار بنسبة 0.2% مقابل 0.3%، في حين استقرت صادرات المركبات وقطعها عند القراءة الصفرية مقابل انخفاض بنسبة -0.1%.
مشيرين إلى أن مستويات الطلب الضعيفة من قبل المستهلكين على البضائع الأجنبية أتت نتيجة معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التضييق الائتماني، حيث أن التراجع في أسعار الصادرات أمر طبيعي جراء الارتفاع الذي مر به الدولار الأمريكي خلال الفترة الماضية، والذي أثقل كاهل الصادرات الأمريكية لباقي مناطق العالم، ناهيك أيضا عن مستويات الطلب التي تأثرت بالسلب من الركود الاقتصادي والذي يقف أمام تقدم الاقتصاد الأمريكي.
كما وصدر عن الاقتصاد الأمريكي وبالتحديد عن قطاع الصناعة مؤشر نيويورك الصناعي والذي شهد توسعا خلال حزيران إلى 19.57 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 19.11 ولكن فشل في ملاقاة التوقعات التي بلغت 20.0، ولكن يجدر بنا الإشارة إلى أن قطاع الصناعة الأمريكي يسير فعلا على خطى التعافي من الأزمة الأسوأ من الركود منذ الكساد العظيم، مع العلم أن قطاع الصناعة تمكن دعم الاقتصاد ككل ليحقق نمو بنسبة 3.0% خلال الربع الأول منذ هذا العام، ومن المتوقع أن يستمر هذا الدعم خلال الربعين القادمين.
كما أشار التقرير الصادر على هامش المؤشر إلى أن الأسعار المدفوعة انخفضت إلى 27.16 مقابل 44.74، بينما الأسعار المقبوضة فقد انخفضت إلى 4.94 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 5.26، في حين أن الطلبات الصناعية الجديدة ارتفعت إلى 17.53 فقط خلال حزيران مقابل ارتفاعها خلال أيار إلى 14.30، مضيفين أن الشحنات ارتفعت إلى 19.67 مقابل 11.29، واضعين بعين الاعتبار أن الاهتمام الأكبر ينصب حول مستويات المخزونات التي انخفضت خلال شهر حزيران إلى -1.23 مقابل القراءة السابقة التي بلغت 1.32، أما بالنسبة إلى أعداد الموظفين فقد انخفضت لتصل إلى 12.35 خلال حزيران مقابل 22.37.
إضافة إلى ذلك فقد صدر عن الاقتصاد الأمريكي مؤشر صافي التدفقات النقدية عن شهر نيسان والذي أشار إلى فائض بأعلى من التوقعات، وذلك نظرا للتحسن الملحوظ الذي شوهد في النشاطات الاقتصادية إلى جانب ارتفاع الأسهم والتي شهدت قفزة نوعية خلال الأيام الأخيرة من العام المنصرم، حيث ارتفع صافي التفقات النقدية طويلة الأمد بمقدار 83.0 مليار دولار مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 140.5 مليار دولار، وبأفضل من التوقعات التي بلغت 70.0 مليار دولار.
أما بالنسبة لمجمل التفقات النقدية الأمريكية فقد ارتفعت خلال الشهر نفسه لتصل إلى 15.0 مليار دولار أمريكي مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 10.5 مليار دولار والتي تم تعديلها إلى 26.0 مليار دولار، الأمر الذي يزيد من الضغوط التي تقع على عاتق الدولار الأمريكي باعتباره عملة احتياطي العالم، ناهيك عن مسألة الأموال الطائلة التي أسهمت في ارتفاع الدين الأمريكي والذي من المتوقع أن يتوسع خلال هذا العام إلى 1.6 تريليون دولار أمريكي.
واضعين بعين الاعتبار أن الاقتصاد الأمريكي سيلزمه المزيد من الوقت لتحقيق الاستقرار التام من الأزمة المالية الأسوأ منذ عقود، حيث أن معدلات البطالة لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ ما يزيد عن ربع قرن، ومن المتوقع أن تبقى كذلك مع نهاية العام الحالي، لذا يزال الاقتصاد أو قطاع العمالة بحاجة إلى دعم الحكومة لتحقيق الاستقرار وتمكين الاقتصاد من تسجيل معدلات نمو عالية وذلك وسط التحديات التي تقف أمام الاقتصاد الأمريكي، مثل ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري ومعدلات البطالة وأوضاع التشديد الائتماني.