اليوم تتصدر القراءة المتقدمة أو المبدئية للناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد البريطاني عن الربع الأخير من العام السابق اهتمام المستثمرين في الأسواق, خاصة أن الاقتصاد البريطاني ظل منكمشا لستة أرباع متتالية حتى الربع الثالث مسجلا بذلك أسوأ أداء اقتصادي منذ الفترة بعد الحرب العالمية الثانية.
وخلال العام السابق وحده تراجع أداء الاقتصاد البريطاني إلى مستويات تاريخية لم يعهده من قبل, ففي الربع الأول انكمش بمقدار -2.4% وهو أسوأ انكماش ربع سنوي منذ عام 1958, إلا أنه منذ الربع الثاني تراجعت وتيرة الانكماش بفعل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة و البنك المركزي البريطاني.
في الربع الثاني سجل الناتج المحلي انكماش بمقدار -0.6% واستمر التحسن النسبي حتى الربع الثالث لتسجل القراءة النهائية انكماش بمقدار -0.2%, ومع استمرار ظهور بعض من علامات التعافي وفقا لما أظهرته البيانات الأمر الذي شجع على تزايد التوقعات بإمكانية خروج الاقتصاد البريطاني من دائرة الركود في الربع الرابع.
التوقعات الأخيرة التي صدرت عن البنك المركزي البريطاني أشارت إلى إمكانية تحقيق الاقتصاد البريطاني لنمو بمقدار 0.2% إلى 0.4% على أقصى تقدير, هذا و إن كان الاقتصاد البريطاني يعد متأخراً بعض الشيء عن الاقتصاديات العالمية الرئيسية الأخرى التي خرجت من دائرة الركود مثل الولايات المتحدة الأمريكية و الاقتصاد الياباني و الاقتصاد الألماني وبالتبعية منطقة اليورو على سبيل المثال.
عودة مرة أخرى إلى الجهود التي بذلت من شأن الحد من التأثير السلبي للأزمة المالية العالمية على الأوضاع الاقتصادية داخل الأراضي الملكية, بداية بالبنك المركزي البريطاني إذ قام بخفض سعر الفائدة إلى أدنى مستوى تاريخي لها لتسجل 0.50% في مارس/آذار السابق وقام بالإبقاء على ذلك المستوى منذ تلك الفترة وحتى آخر قرار اتخذه البنك أوائل الشهر الجاري, هذا بالإضافة إلى تطبيق البنك لبرنامج شراء الأصول الذي بلغت قيمته 200.00 بليون جنيه إسترليني الذي لعب دوراً هاماً في إحداث تأثير إيجابي على البيانات و الأرقام.
أما من جانب الحكومة فما كان منها إلا أن تتجه نحو التوسع في الإنفاق العام و تقديم بعض الخصومات الضريبية مثل ما شاهدنها طوال عام 2009 حيث قامت الحكومة بخفض الضريبة على المبيعات إلى 15.00% وإن كانت الحكومة قد قامت برفع سعر الضريبة مرة أخرى إلى 17.5% من جديد أوائل عام 2010 كما كان مخططا من قبل,ومع توسع الإنفاق العام و تراجع الإيرادات الحكومية بشكل عام أدى ذلك إلى اتساع العجز إلى أعلى مستوياته على الإطلاق ومع ذلك فإن الحكومة تصر على مواصلة جهودها حتى يتم تحقق التعافي الكامل للبلاد.
بالنسبة لأداء القطاعات الرئيسية فإن قراءة شهر ديسمبر/كانون الأول لأداء القطاع الصناعي الذي يساهم بحوالي 15.00% من الناتج المحلي الإجمالي أظهرت اتساع نمو القطاع إلى 54.1 من 51.8 للقراءة السابقة ومسجلا بذلك أفضل اتساع للنمو على مستوى شهري منذ العامين, وعن أداء القطاع الخدمي فقد واصل تقدمه للشهر السادس على التوالي مسجلا نمو بمقدار 56.8 من 56.6 لقراءة شهر نوفمير/تشرين الثاني.
وعن سوق العمل فإن البيانات التي صدرت مؤخرا أوضحت انخفاض المعدل قليلا إلى 7.8% لثلاثة أشهر المنتهية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام السابق وتراجع عدد العاطلين عن العمل إلى 7000.00 شخص ليصل إجمالي عدد العاطلين عن العمل إلى 2.46 مليون عاطل, على الرغم من ذلك إلا أن السيد كينج أشار إلى أن معدل البطالة سيظل ضعيفا خلال الفترة المقبلة وذلك يتوافق مع توقعات صندوق النقد الدولي بأن معدل البطالة قد يسجل 9.3% بنهاية العام الحالي 2010.