دعم نمو الاقتصاد البريطاني بات يعد الهدف الرئيس للبنك البريطاني في الآونة الأخيرة خاصة بعد أن تراجعت مستويات التضخم هذا بالإضافة إلى انسحاب دور الحكومة كداعم مساعد للاقتصاد ضمن خطط التقشف و تقليص عجز الموازنة.
قرار البنك اليوم لم يأتي مفاجئاً للأسواق لاسيما أن البنك أتجه إلى رفع قيمة برنامج شراء الأصول بقيمة 50 مليار جنيه إسترليني على أن يتم استهلاك ذلك المبلغ حتى نوفمبر/تشرين الثاني القادم لتصل القيمة الإجمالية إلى 375 مليار و ذلك من أجل دعم النمو و بعد أن هيمن الركود على الاقتصاد البريطاني لثلاث أرباع متتالية منذ الربع الأخير من العام السابق و حتى الربع الثاني من العام الحالي.
في الربع الثاني من العام الحالي توسع الانكماش بنسبة -0.5% في الربع الثاني من -0.3% في الربع الأول من نفس العام. وعلى حسب التوقعات الأخيرة للبنك فإن ضعف النمو الاقتصادي سوف يستمر في الربع الثالث من العام الجاري.
الاقتصاد البريطاني يواجه معضلة مزدوجة الأوجه، الأولى تتمثل في بعض العوامل الداخلية التي مازلت السب الرئيس وراء هذا الضعف و يأتي على رأسها ضعف عمليات الائتمان و استمرار عدم التعافي الكامل للقطاع المصرفي، هذا جنبا إلى جنب مع قيام الحكومة بخفض الإنفاق العام ضمن خطة لتقليص عجز الموازنة وهو الأمر الذي أصبح السائد في أوروبا الآن.
و من الجهة الأخرى تعرض بريطانيا لأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو و هو الأمر الذي يعد التهديد الأول أمام تعافي الاقتصاد البريطاني في ظل ضعف النمو العالمي بجانب ارتفاع قيمة الجنيه الإسترليني أمام اليورو وهو ما أضر بالصادرات البريطانية للمنطقة. و للعلم فإن بريطانيا ليست بمنأى عن اية مخاطر تواجهها منطقة اليورو في الوقت الراهن حيث تعتبر هي من أحد أكبر المقرضين للدول المتعثرة داخل منطقة اليورو. ومن ثم يرى البنك أن الناتج المحلي لن يتخطى مستويات ما قبل الأزمة حتى عام 2014 .
ووفقا لتقرير التضخم الأخير و الذي أشار فيه إلى تحسن مستويات التوظيف بعد أن ارتفعت في الربع الأول مدعوما من القطاع الخاص و من ثم يرى أن مجرد تحسن نسبي في مستوى دخل القطاع الجانبي بالتوازي مع تطبيق برنامج شراء الأصول و برنامج تمويل البنوك قد يحدث تعافي معتدل للاقتصاد البريطاني.
في الوقت الراهن لم يعد التضخم يمثل عائق كبير أمام البنك تجاه التوسع في السياسة النقدية وذلك بفعل تراجع المخاطر التصاعدية للتضخم على المدى المتوسط في ظل تراجع أسعار السلع عالميا و كذا أسعار الطاقة و يتوقع البنك أن يبقى التضخم دون متوسط مستوى 1.7% خلال العامين الحالي و القادم.
التحرك القادم للبنك تجاه السياسة النقدية سوف يكون بناء مدى نجاح برنامج تمويل البنوك المدعوم من الحكومة أو ما يطلق عليه "التمويل مقابل الإقراض" وهو برنامج تم إنشاؤه بالتعاون بين البنك المركزي و الحكومة البريطانية بقيمة مبدئية 80 مليار جنيه إسترليني، حيث يوفر(تمويل) قروض رخيصة للبنوك بشرط أن تقوم بإقراض القطاع العائلي. ومن ثم قد يحدث مراجعة لبرنامج شراء الأصول وذلك بعد قياس تأثيره على الاقتصاد عند انتهاء البرنامج.