احصل على بيانات بريميوم: خصم يصل إلى 50% على InvestingProاحصل على الخصم

«فاينانشيال تايمز»: سلاسل الإمداد تشهد انقساماً كبيراً.. وتطرح واحدة للصين وأخرى للعالم

تم النشر 18/10/2020, 08:10
© Reuters.  «فاينانشيال تايمز»: سلاسل الإمداد تشهد انقساماً كبيراً.. وتطرح واحدة للصين وأخرى للعالم
XAU/USD
-
AAPL
-
GC
-
7010
-

 

عملية نقل الإنتاج خارج الصين معقدة وستحتاج إلى سنوات طويلة

 

بداية عام 2020، تكدس عدد من المحامين والمحاسبين والمصرفيين من كافة أنحاء أمريكا اللاتينية، داخل غرفة اجتماعات فى برج مكتبى على واجهة ميامى المائية، ليستمعوا بذهول إلى محامى نشط جاء من تايوان، يدعى نيكولاس تشين، وهو يحدثهم عن هجرة التصنيع من الصين التى قد تجعلهم أثرياء، واصفا الأمر بأنه مياه طوفان تتدفق إلى الخارج الآن.

وفى إشارة إلى الحرب التجارية الأمريكية مع الصين، قال تشين، إن العديد من الشركات تعيد التفكير فى البقاء داخل الصين.

فثمة أعداد ضخمة من الشركات الموجودة هناك تحول بالفعل طلبات الشراء وقدرات التصنيع والعمليات إلى خارج الصين، مما قد يشكل منجم «إل دورادو»، فى إشارة إلى كنز الذهب الأسطورى الذى دفع أجيالا من المستكشفين إلى أمريكا اللاتينية.

بداية من أوائل التسعينيات، ساعد المحامى الصينى الأمريكى مئات الشركات القادمة من تايوان، وهى مركز لتصنيع الإلكترونيات والصناعات الأخرى، فى فتح فروع لها بمدينة سوتشو الصينية، وهى مدينة تقع خارج شنغهاى فى مقاطعة جيانجسو.

وأوضحت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن تلك التدفقات الداخلة ساهمت فى جعل سوتشو واحدة من أكبر مراكز التصنيع التايوانى فى الصين، مع وجود أكثر من 11 ألف شركة واستثمارات تراكمية تزيد عن 30 مليار دولار، اعتبارا من عام 2018.

وشملت الشركات صانع الشاشات المسطحة «أيه يو أوبترونيكس»، وصانع معدات الاتصالات (SE:7010) «سيركوم»، وما لا يقل عن 10 موردى «آبل».. فقد كانت تلك الشركات جزءا من القوة التى حولت الصين إلى آلة تصدير تزود العالم بأسره حتى الآن.

وذكرت «فاينانشيال تايمز» أن سلاسل الإمداد نفسها الآن تعد فى قلب لعبة شد الحبل ذات الآثار الهائلة على مستقبل الاقتصاد العالمى وعلى الوضع الجيوسياسى.

وأشارت إلى أن العديد من الشركات المصنعة تضطر إلى إعادة التفكير فى وجودها داخل الصين، مدفوعة بمساعى الرئيس دونالد ترامب لفصل الاقتصاد الأمريكى عن الصين، والاضطرابات الناجمة عن تفشى جائحة فيروس كورونا المميت.

ويعتبر تفكيك سلاسل الإمداد التى شيدت على مدار جيل، مهمة معقدة وصعبة.

وستظل الشركات متعددة الجنسيات التى تبيع فى السوق الصينى مستمرة بل وستتوسع أيضا.. لكن الشركات التى استخدمت البر الرئيسى فى السابق لتصنيع سلع للتصدير، إذا قررت المغادرة بأعداد كبيرة، فإن هذا الأمر سيمثل انعكاسا كبيرا لخمسة عقود من التكامل الاقتصادى بين الولايات المتحدة والصين.

وفى الوقت الذى بدأت فيه التوترات بين واشنطن وبكين تشبه بشكل متزايد حربا باردة جديدة، يمكن أن ينتهى الأمر بالمنتجات، التى تتراوح من الخوادم الحاسوبية إلى هواتف آى فون، بوجود سلسلتى إمداد منفصلتين، إحداهما للسوق الصينية والأخرى لمعظم بقية دول العالم.

وفى هذا الصدد، تتوقع شركة «فوكسكون» التايوانية، البالغ قيمتها 178 مليار دولار والتى تصنع هواتف «آى فون» وكل جهاز تكنولوجى آخر تقريبا ولديها قوة عاملة تقترب من المليون شخص فى الصين، انقسام التصنيع إلى سلسلة إمداد فى الصين وعدد من السلاسل الأخرى لبقية العالم.

وقال رئيس «فوكسكون»، يونج ليو، فى مؤتمر يونيو الماضي: «لن يتواجد النموذج السابق، الذى يتركز فيه التصنيع فى عدد قليل من الدول فقط مثل مصنع عالمى، بعد الآن.. لكننا نعتقد أنه ستكون هناك شبكات إنتاج إقليمية على الأرجح فى المستقبل».

التكاليف مسألة هامة

ثمة أدلة كثيرة على أن العديد من الشركات تخفف من وجودها فى الصين، فقد أشارت استطلاعات أجرتها غرفة التجارة الأمريكية فى الصين خلال العامين الماضيين إلى أن %40 تقريبا من الشركات الأمريكية فى الصين، نقلت منشآت التصنيع خارج البلاد بالفعل أو تفكر فى ذلك.

وفى أحدث استطلاع سنوى للغرفة نُشر الشهر الماضى، أوضحت %28 فقط من الشركات الأعضاء أن استثماراتها فى الصين ستزداد هذا العام، انخفاضا من %48 فى عام 2019، ونحو %60 فى العامين السابقين، و%81 فى 2016.

ولا تشكل أى من هذه الأمور مفاجأة بالنسبة للمديرين التنفيذيين فى الصناعة والخبراء الذين يتابعون سلاسل الإمداد، إذ يقول المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة طريق الحرير الاستشارية، بن سيمبفيندورفر : «أول ديناميكية فى العمل هنا هى التحكم فى التكاليف، فهذا هو العامل لمدة 12 إلى 15 عاما».

وبدأت الشركات التايوانية، التى تأتى ضمن أوائل المستثمرين وأكبرهم فى الصين، تعديل إعدادها التصنيعى منذ 15 عاما، عندما بدأت العمالة فى التحول لتصبح شحيحة فى المناطق الساحلية التى يتركز فيها معظم الاستثمار الأجنبى.

وقد بدأ مصنعو الأحذية والإكسسوارات والألعاب والأثاث ، الانتقال إلى دول جنوب شرق آسيا، مثل فيتنام وكمبوديا، منذ أكثر من عقد.

بالإضافة إلى ذلك، تخشى الشركات الغربية أيضا، إمكانية تسبب صنع المعدات فى الصين، فى تعريض أمن البيانات والخصوصية للخطر.

وفى الوقت الذى كثفت فيه واشنطن رقابتها على صانعى معدات الاتصالات الصينيين «زد.تى.إى» و«هواوى»، وبدأت فى توجيه الاتهام إلى المتسللين الصينيين ومناقشة ما إذا كانت أجهزة الحاسوب قد اخترقت، بدأت الشركات المتعاقدة المصنعة للخوادم، مثل «كوانتا كمبيوتر» ومقرها تايوان فى نقل بعض الإنتاج إلى أرض الوطن، وبعضه إلى الولايات المتحدة أو المكسيك.. فقد كان هذا الأمر يحدث بالفعل قبل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

وكانت تايوان واحدة من أكبر الدول المستفيدة من تخوف الولايات المتحدة المتزايد بشأن ممارسة الأعمال التجارية فى الصين. فقد انتهزت الحكومة التايوانية، التى تشعر بقلق طويل بشأن الاعتماد الاقتصادى المفرط للبلاد على الصين، الفرصة وقدمت إعانات للشركات التايوانية التى تعيد بعض عملياتها إلى الوطن.

وبموجب هذه المبادرة، سجلت تايبيه أكثر من 1.12 تريليون دولار تايوانى «أى 39 مليار دولار أمريكى» فى الالتزامات المتعلقة بالاستثمار خلال العامين الماضيين. وكان مصنعو معدات شبكات الاتصالات والخوادم والدوائر المدمجة ضمن أكبر المشاريع الملتزمة.

ومع اشتداد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بدأت شركات الإلكترونيات الاستهلاكية أيضا ، إعادة التفكير فى وجود عملياتها داخل الصين.

فعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، كانت الشركات التايوانية تبيع الأصول الصناعية فى الصين إلى المنافسين الصينيين بوتيرة متزايدة.

وشملت تلك الصفقات، الاستحواذ الأخير لشركة «لينس» الصينية على مصنع صناعة أغلفة الهواتف الذكية «كاسيتيك» فى الصين مقابل 43.3 مليار دولار تايوانى، بجانب بيع مصنعين فى الصين تابعين لمورد هواتف آى فون التايوانيين «ويسترون» إلى «لوكسشير» الصينية، ونقل الأصول الصينية الخاصة بصانع سماعات آبل (NASDAQ:AAPL) «ميرى» إلى «لوكسشير».

عملية تستغرق 20 عاما

لا يمكن إجراء تعديلات فى كل مكان بسهولة.

وتقول الشريكة فى شركة «بيكر أند ماكينزى» فى سيدنى، التى تركز على قضايا سلسلة الإمداد، آن بيترد، إن بعض الشركات تمتنع عن اتخاذ قرارات كبيرة قبل الانتخابات الأمريكية، مشيرة إلى أن الشركات لا تزال تعتقد أن الأمر نفسه سيحدث فى ظل إدارة المرشح الرئاسى جو بايدن.

لكن إذا كان ثمة تغيير فى الحكومة، فقد يكون لديهم قدر أكبر من اليقين والقدرة على التنبؤ.

وتنتظر بعض الشركات لمعرفة ما إذا كانت ستحصل على إعفاءات من التعريفات الجمركية الأمريكية قبل اتخاذ قرارات طويلة الأجل بشأن الإنتاج فى الصين.

لكن الأهم من ذلك هو إمكانية مكافحة العديد من الشركات المصنعة لبناء عمليات جديدة فى دول أخرى غير الصين نظرا لافتقارها إلى موردى المواد والمكونات والخدمات المحيطة بها.

وحذر خبراء التجارة من أن تحول سلاسل الإمداد العالمية بعيدا عن اعتمادها الوحيد على الصين سيستغرق وقتا طويلا.

وفى الوقت الذى انخفضت فيه حصة الصين من الصادرات العالمية بشكل ملحوظ عام 2019 نتيجة للتعديلات المتعلقة بالحرب التجارية، سجلت حصة البلاد من الصادرات العالمية مستوى تاريخى جديد هذا العام.

ويقول مؤسس شركة طريق الحرير، سيمبفيندورفر، إن بيانات التجارة الشهرية ليست مؤشرا جيدا للتحولات طويلة الأجل، خصوصا أن «كوفيد-19» شوه هيكل الطلب. فعلى سبيل المثال تسببت فكرة عمل مئات الملايين من الأشخاص من المنزل، فى ظهور طلب كبير ومفاجئ على أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية، وهى منتجات توجد أكبر طاقة إنتاجية لها فى الصين.

وأشار إلى أن التحولات الجارية فى سلسلة الإمداد الآن يمكن مقارنتها بقيام شركات شمال شرق آسيا من اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، بتحويل الإنتاج إلى الصين فى التسعينيات، فقد استمرت تلك العملية 20 عاما، وستستغرق 20 عاما الآن.

شبكات متعددة

تحاول الحكومات الاستفادة من هذه التحولات التاريخية.

ويقول كو-هيون جونج، الاقتصادى فى جامعة يونسى فى سيول، إن بعض الدول بدأت فى تقديم حوافز للشركات للعودة إلى أرض الوطن، معتقدا أن نطاق إعادة الإنتاج محدود وأنه بدلا من ذلك ستتشكل ثلاثة أنظمة كبيرة لسلسلة الإمداد، أولهما سيكون أكبر نظام فى آسيا، بما فى ذلك الصين ولكنه يصل إلى جنوب شرق آسيا، أما النظامان الأصغر فيتركزان فى الولايات المتحدة وألمانيا.

وعرضت اليابان على شركاتها حوافز لإعادة الإنتاج إلى الوطن. كما أن لديها مجموعة منفصلة من الحوافز للمصنعين الذين ينقلون الإنتاج من الصين إلى جنوب شرق آسيا، فى حين يجرى الاتحاد الأوروبى مراجعة لسياسته التجارية للنظر فى كيفية التعامل مع إعادة هيكلة سلسلة الإمداد.

وفى سبتمبر الماضى، نظم مكتب ممثل الاتحاد الأوروبى فى تايوان، أول مؤتمر له على الإطلاق حول الاستثمار فى أوروبا، أملا فى أن تصبح العديد من الدول خاصة فى وسط وشرق أوروبا مراكز تصنيع جديدة، وفى غضون ذلك تبدأ الولايات المتحدة حوارا اقتصاديا جديدا مع العاصمة التايوانية تايبيه يركز على إعادة تنظيم سلاسل الإمداد العالمية.

وأطلق المصرفى الاستثمارى التايوانى، سى هوانج، مبادرة تسمى Re!Chain تستهدف مساعدة الشركات التايوانية على إعادة اختراع نفسها وسط التغيير السريع، موضحا: «افترض أن تايوان يجب أن تصبح مركز التنسيق فى سلسلة الإمداد العالمية».

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.