ساهم ارتفاع أسهم شركة صناعة السيارات الكهربائية “تسلا” في رفع القيمة الإجمالية السوقية لشركة الملياردير إيلون ماسك إلى أكثر من 1.1 تريليون دولار، وهو ما يجعلها واحدة من أكثر الشركات قيمة في العالم.
واكتسبت الشركة خلال العام الحالي وحده قيمة سوقية تبلغ نحو 475 مليار دولار، أي ما يعادل “جي.بي مورجان” أو “بروكتر أند جامبل”.
مع ذلك، فإن الأهمية الحقيقية والبصمة الأوسع لما يمكن تسميته “مجمع تسلا (NASDAQ:TSLA) المالي” تفوق بكثير القيمة السوقية للشركة، والفضل في ذلك يعود إلى شبكة واسعة ومتشابكة من أدوات الاستثمار المعتمدة ومحاكاة الشركات وسوق المشتقات المالية الهائل المصاحب لنشاط لا مثيل له من حيث الاتساع والعمق والقوة.
تدل هذه العوامل مجتمعة على أن تأثير “تسلا” على سوق الأسهم أكبر بكثير مما قد يعنيه حجمها، ويقول بعض المحللين إنه قد يكون لا مثيل له في تأثيره الأوسع نطاقاً على مر التاريخ.
يقول مايكل جرين، كبير الاستراتيجيين في “سيمبليفاي أسيت مانجمنت”: “لم نعد نمتلك اللغة المناسبة لوصف تسلا بعد الآن، فقد أصبح الأمر أشبه بشرح مفهوم خيالي لشخص يعيش في عالم ثنائي الأبعاد.
يعتبر مجمع تسلا المالي ظاهرة لا يملك كثير من المستثمرين- سواء كانوا صناديق المؤشرات المتداولة أو الصناديق المشتركة التقليدية أو صناديق التحوط أو مستثمري التجزئة العاديين- خياراً سوى مواجهتها، نظراً للقوة الفريدة التي تمارسها الآن على سوق الأسهم، حسبما ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
يقول دين كورنوت، الرئيس التنفيذي لشركة “ماكرو ريسك أدفايزورز”، إن “تسلا” أصبحت ملحوظة بشكل مريع، وهو شيء ينبغي إيلاء الكثير من الاهتمام له.
وكان واحدٍ من أغرب انواع الهوس بـ”تسلا” بمثابة الوقود الذي ساعد في تعزيز قيمتها السوقية المتصاعدة. فرغم أن أسهمها تحظى بشعبية كبيرة بين العديد من مستثمري التجزئة العاديين، فإن الحجم المتضخم وفرط نشاط عقود خيارات “تسلا”- مثل عقود المشتقات الشائعة التي تسمح للمستثمرين بالمراهنة على وضد الأسهم وتضخيم أي مكاسب وخسائر- أذهل أيضاً العديد من المخضرمين في السوق.
تشير مؤسسة “جولدمان ساكس” إلى أن متوسط قيمة التداول الإسمي لخيارات تسلا بلغ 241 مليار دولار يومياً في الأسابيع الأخيرة، وهذا يقارن بـ 138 مليار دولار في اليوم لشركة “أمازون”، و 112 مليار دولار يومياً لبقية مؤشر “ستاندرد آند بورز 500”.
هذا الأمر يجعل أسهم “تسلا” أكثر عرضة لتقلبات سوق الأسهم، بسبب “الرافعة المالية” الكامنة ضمن الخيارات المتاحة للتداول.
من سيراهن ضد “تسلا”؟
كان مستثمرو التجزئة العاديون القوة الأساسية وراء طفرة خيارات عقود “تسلا”، لكن البعض منهم لديه مزيد من الموارد للقيام بمراهنات أكبر على شركة ماسك بشكل أكثر من غيرها.
فقد صرح الملياردير ليو كوجوان مؤخراً بأنه تمكن بحلول أوائل نوفمبر من تجميع نحو 7.2 مليون سهم في “تسلا، وهذا من شأنه أن يجعله ثالث أكبر مساهم فردي في “تسلا”، خلفاً لكل من ماسك والمؤسس المشارك لشركة “أوراكل لاري إليسون” بحصة تبلغ قيمتها حوالي 8 مليارات دولار، كما أنه جعله بطلاً في منتديات “ريديت” المخصصة لصناعة السيارات والتداول.
أيضاً فإن شهرة “تسلا” وتقلبات أسهمها أيضاً بدأت في جعلها مكوناً في بعض منتجات الاستثمار المهيكلة، مما زاد من مستوى مشاركة أسهمها في مصير النظام المالي الأوسع نطاقاً.
فقاعة السيارات الكهربائية
تأكيداً على خصوصياتها المالية، تميل أسهم “تسلا” إلى عدم التأثر كثيراً بالاتجاهات السوقية والاقتصادية الأخرى، لكنها ترتبط إلى حد ما بعملة البيتكوين، وفقاً لتحليل “كوانت إنسايت”.
حالياً، يبدو أن أسهم “تسلا” تستفيد من “مجموعة مختلطة” من العوامل، مثل توقعات التضخم المتزايدة وشروط الدولار المشددة وأسواق الائتمان غير المؤكدة، لكن الشركة تقضي كثيرا من الوقت خارج الأنظمة الكلية المعروفة، ومن غير المفاجئ عندما يقول هوو روبرتس، رئيس قسم التحليلات في “كوانت إنسايت”، إن الأمر غالباً ما يكون مدفوعا بعوامل خاصة مثل تغريدات ماسك.
والنظام الكلي هو مصطلح صناعي لكيفية تأثير البيئات الاقتصادية المختلفة على أسهم أو قطاعات معينة أو مساعدتها.
كذلك، ساعد نجاح أسهم تسلا في تضخيم ما يعتقد بعض المحللين ومديري الصناديق أنه فقاعة أوسع في أي شيء يتعلق بالمركبات الكهربائية، إذ تقدر قيمة “Rivian Automotive Inc (NASDAQ:RIVN)” و “لوسيد موتورز (NASDAQ:LCID)”- وهما شركتين محاكيتين لـ “تسلا”- الآن بنحو 110 مليارات دولار و 90 مليار دولار على التوالي، رغم عدم وجود عائدات تذكر وعدم وجود أرباح.
تبلغ القيمة السوقية المجمعة لمؤشر شركات السيارات الكهربائية والبطاريات الكهربائية التي جمعتها “فايانشيال تايمز” حوالي 1.8 تريليون دولار.
وفي المقابل، تبلغ ثروة عمالقة السيارات “تويوتا” و “فولكس فاجن” و “هيونداي”، أكبر مصنعي السيارات بالعالم، حوالي 254 مليار دولار و 135 مليار دولار و 42 مليار دولار على التوالي.
حتى شركة “نيكولا” الناشئة للشاحنات الكهربائية التي خصصت 125 مليون دولار لتسوية اتهامات الاحتيال التي قدمتها هيئة الأوراق المالية والبورصات بشأن مزاعم تضل المستثمرين بشأن تقنيتها، لا تزال تقدر قيمتها السوقية بنحو 5.4 مليار دولار، وهذا كافٍ لتأهيلها للإدراج ضمن مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” إذا حققت أي أرباح على الإطلاق.
ختاماً، إذا استمر صعود “تسلا”، فسيؤدي ذلك إلى إثراء مؤيديها وإيذاء المجموعة المتضائلة من المشككين وسحب قطاعات من سوق الأسهم الأوسع معها، لكن إذا انخفضت بحدة فقد تتسبب في تقلب الأسواق المالية بشكل يتجاوز بكثير ما يقدره الكثيرون.