Investing.com - يعد الذهب من المعادن التي تتمتع بقيمة استثنائية منذ زمن بعيد، فهو مخزنًا للقيمة وغطاء نقديًا لإصدار العملات، كما يدخل في بعض الصناعات الهامة، اكتشفه القدماء المصريين، واستخدموه في المعابد والأهرامات، وكانوا يقوموا بدفن الذهب مع الملوك والكهنة، بحسب موقع "بي بزنيس".
وكان القدماء المصريون هم أول من أعطوا الذهب قيمة محددة، حيث كانت قطعة الذهب تعادل قطعتين ونصف القطعة من الفضة، وكان هذا أول معيار في التاريخ، وبذلك يكون القدماء قد وضعوا مبدأ لم يتغير من حينها باعتبار الذهب أغلى وأثمن الفضة، بالرغم من عدم وجود أي سبب منطقي لهذا، فالذهب كان متوفرًا بكثرة، والبعض توقع أن يكون السبب هو بريق الذهب وحب النساء له.
منذ عهد الفراعنة مرورًا بعهود الإغريق والرومان وغيرهم، كان الذهب أداة للتعبير عن الثراء، ومعبرًا عن القيمة، حيث كان يستخدم في البيع والشراء من جهة، وأداة للزينة من جهة أخرى، وظل الذهب على هذا الشكل بالرغم من التطور الاقتصادي، حتى جاءت محاولات أوروبا لإصدار النقد في عام 1660، من خلال بنك "استوكهولم" البنك المركزي السويدي حاليًا، وتوالت المحاولات وتفاوتت في درجات النجاح، بسبب درجة القبول بالأوراق النقدية كبديل للذهب كمخزن للقيمة شعبيًا.
في عام 1792، أقر الكونجرس الأمريكي قانونًا غير توصيف الذهب تمامًا، فبحكم هذا القانون يتم بيع وشراء الذهب باستخدام الدولار الأمريكي، ليصبحا سويًا معبرين عن القيمة، وفي الفترة نفسها قام البنك المركزي الفرنسي والبريطاني باتخاذ خطوات مماثلة.
وفي هذه الفترة، تم استخدام عملتين في الولايات المتحدة، الأولى فضية تستخدم في المعاملات الصغيرة مثل شراء الاحتياجات الغذائية، والثانية ذهبية وتستخدم في المعاملات الكبيرة، مثل شراء العقارات، وكانت قيمة العملة الواحدة من الذهب تعادل 15 عملة من الفضة.
بمرور الوقت، زاد القبول الشعبي نسبيًا لقيمة العملات الورقية، مع انسحاب الذهب والفضة من الأسواق تدريجيًا، إلا أن الذهب شهد تقلبات قوية في سعره خلال عقود بعد ذلك، بسبب التردد الاقتصادي والسياسي في اعتماد العملات الورقية كمخزن للقيمة بديلًا للذهب، واستخدامه كغطاء لإصدار النقود الورقية.
استمر الذهب على تذبذبه خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، بسبب اللجوء إليه كمخزن للقيمة في وقت الحرب، والتخوف من القدرة على الاحتفاظ به، نظرًا لغياب الاستقرار الأمني والسياسي، الأمر الذي جعل أسعاره تتذبذب بشكل كبير.
وفي الوقت الراهن، هناك ثلاث عناصر أساسية تتحكم في سعر الذهب، وهي: التطورات السياسية في مختلف أنحاء العالم، والعرض والطلب، وحالة الاقتصاد العالمي خاصة في الدول الكبرى، إلى جانب عوامل أخرى، مثل أسعار الموارد الأولية كالنفط وأسعار الفائدة وأداء أسواق الأسهم والأسواق المالية، وأسعار المعادن النفيسة الأخرى، والاكتشافات الجديدة من الذهب.
وأنهت حرب فيتنام الارتباط القائم بين المعدن النفيس والدولار، حيث تم تثبيت سعر أونصة الذهب مقابل 35 دولارًا منذ عام 1944 وحتى 1971، لتعلن الولايات المتحدة ارتباط الذهب بالدولار بسبب الضغوط الاقتصادية المترتبة عن الحرب، ليتخذ الذهب بعدها اتجاهًا تصاعديًا.
وفي عام 2003، كان احتلال العراق بمثابة المحفز الأساسي لارتفاع الذهب خلال العقدين الأخيرين، حيث تخطى بعدها حاجز 400 دولار للأونصة، إلا أن مستويات الذهب بقيت عند حدود 300 دولار خلال عقدين سابقين دون زيادة كبيرة، بسبب المخاوف من غياب الاستقرار السياسي، بحسب ما ذكر موقع "يو. إس. إيه جولد".
قفز الذهب بعدها ووصل إلى 1900 دولار للأونصة في عام 2011، مسجلًا ارتفاعًا قياسيًا بسبب الأزمة المالية العالمية، قبل أن يتراجع تدريجيًا لمستويات أعلى من 1200 دولار للأونصة هذا العام، بعد مرور 10 سنوات على الأزمة المالية العالمية.
بحلول عام 2000، انتهى غطاء الذهب تمامًا للنقود، حيث كانت سويسرا آخر من تخلى عنه بالاحتفاظ بذهب تقدر قيمته 40% من قيمة ما تصدره من عملات، لتلحق بباقي دول العالم، الذي اتخذت هذه الخطوة في وقت سابق.
وبحسب دراسة لـ "هارفارد"، فإن ندرة الذهب هي ما تجعل سعره مرتفعًا حتى وقتنا الحالي، حيث يتم إنتاج أكثر من ألفي طن من الذهب، أي حوالي مليوني كيلو جرام سنويًا على مستوى العالم، بما يعكس ندرة نسبية شديدة مقارنة بمعادن عديدة.
كما أن الخصائص المادية للذهب تلعب دور كبير في ارتفاع سعره عن أي معدن أخر، حيث أن خلطه بالنحاس بنسب بسيطة جدًا، يساهد في تحسين خصائص النحاس في التوصيل الكهربائي بصورة واضحة، فأونصة واحدة من الذهب المخلوطة بالنحاس تستخدم في صناعة أكثر من 2000 كيلو متر من الموصلات فائقة الجودة.