قالت وكالة فرانس برس، إن القطن المصرى كان ينظر إليه على أنه القطن الأفضل في السوق لفترة زمنية طويلة، ولكن السنوات اﻷخيرة لم تكن سهلة بالنسبة للمزارعين.
وأضافت الوكالة أن القطن كان يشكل المصدر الرئيسى للثروة فى مصر فى القرن التاسع عشر، حيث كانت دلتا النيل توفر اﻷراضى الخصبة للمحاصيل المستخدمة فى صناعة المناشف واﻷغطية التى تطمح إليها الطبقة البرجوازية المتزايدة فى أوروبا، ولكن عقود المنافسة الدولية الشرسة خفضت العوائد.
وأوضحت أحدث التقارير الصادرة عن وزارة الزراعة اﻷمريكية، أن الولايات المتحدة والبرازيل يعدان الآن أكبر مصدري القطن فى العالم، تليهما الهند وأستراليا، تاركين مصر فى مرتبة متدنية.
وبالعودة إلى عام 1975، صدرت مصر ما قيمته 540 مليون دولار من القطن، ولكن إيرادات صادرات القطن انخفضت إلى 90.4 مليون دولار فى عام 2016، وذلك بحسب ما ذكره معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وتسببت عملية الإطاحة بالرئيس السابق محمد حسنى مبارك في توجيه ضربة إلى قطاع القطن، حيث أثرت الفوضى السياسية والاقتصادية على الإنتاج وسلاسل التصدير، ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة انخفض إنتاج مصر من ألياف القطن إلى ما يقل عن 94 ألف طن فى عام 2013، بعد أن كان 510 آلاف طن فى عام 1971.
واستطاع المنتجون التقاط أنفاسهم فى العام الماضى، وذلك بفضل ارتفاع اﻷسعار وارتفاع حجم الصادرات، ولكن الحرب التجارية الناشبة بين الولايات المتحدة والصين تسببت فى انخفاض أسعار القطن العالمية القياسية، حيث تخوف التجار من فرض بكين لتعريفات جمركية جديدة.
كان القطن يتداول بسعر ينخفض عن 0.77 دولار للرطل الواحد “أى 0.45 كيلو جرام” في بداية أكتوبر الجارى، بعد أن وصل إلى 0.95 دولار، وهو أعلى مستوى له فى ما يزيد على 6 أعوام، فى بداية يونيو الماضى.
وقال اتحاد القطن المصرى، إن المشترين يعرضون أسعاراً أقل، ولم يدفع ذلك الحكومة للتدخل، وهناك تشخيصات مختلفة لمشاكل القطاع، فقد قال أحمد البساطى، الرئيس التنفيذى لشركة النيل الحديثة للأقطان، وهى واحدة من أكبر الشركات في القطاع، إن انخفاض أسعار القطن ليس أمراً سيئاً فى حد ذاته، ولكن التحدى الرئيسى يتمثل فى تعزيز الإنتاجية.
واوضح البساطى أن زيادة الإنتاجية بدلاً من اﻷسعار سوف تضمن تحقيق دخل أفضل للعمال.
وأقر هشام مسعد، الخبير فى القطن لدى وزارة الزراعة المصرية أن التحديث أمر أساسى، قائلاً إن الإنتاجية ترتفع، ولكن يتعين على شركات القطن الاستثمار فى الميكنة، فالصناعة لاتزال يدوية تماماً.
وهناك تحدى آخر يواجه القطن وهو قلة عدد الشركات المصرية التى تصنع منتجات جاهزة، فقد قال محمد شتا، مدير البحوث في معهد القطن في كفر الشيخ، إن مصر ليس لديها المصانع أو الوسائل التى تسمح بتحويل القطن إلى نسيج.
وحاولت مصر تحفيز النشاط وتعزيز المناطق المزروعة خلال اﻷربعة أعوام الماضية بنحو 50 ألف هكتار، لتصل إلى أكثر من 140 ألف هكتار، كما سمحت الحكومة فى سبتمبر الماضى بزراعة القطن قصير التيلة، ولكن خارج منطقة الدلتا فقط، وذلك فى خطوة تجريبية.
ومع ذلك، ارتفعت الصادرات الرسمية للقطن المصري بنسبة 6.9% من حيث الحجم فى الأشهر الثلاثة بين مارس ومايو بالمقارنة مع الربع ذاته من عام 2017، وكان هناك أيضا انخفاض بنسبة 57.9% فى استهلاك القطن المصرى فى المنازل، نظراً لتحول السوق المحلى إلى المنتجات المستوردة.