تتسلط جميع الأضواء على الولايات المتحدة الأمريكية التي سوف تبدأ الجلسة بالإعلان عن أعداد الوظائف المضافة للقطاع الخاص و التي من المتوقع ان تظهر تراجعا و هذا ما يعد أشارة سلبية قبيل تقرير الوظائف الأمريكي المرتقب يوم الجمعة، و سنكون اليوم على موعد مع بيانات النمو الأمريكية خلال الربع الرابع و التي من المتوقع أن تظهر تباطؤا ملحوظا في النمو بنسبة 1.2% مقارنة بالقراءة السابقة 3.1%، هذا سوف تطلعنا اللجنة الفدرالية عن قرار اجتماعها و الذي من المتوقع ان يبقي السياسة النقدية الميسرة كما هي دون تعديل.
لا تقتصر الحماسة اليوم على القارة الأمريكية إذ تمتلئ الاجندة الأوروبية بالبيانات الاقتصادية الهامة على رأسها بيانات النمو الأسبانية خلال الربع الرابع من العام الماضي، و التي من المتوقع ان تظهر بأن رابع اقتصاد في منطقة اليورو سيتعمق في دائرة الركود الاقتصادي بنسبة 0.6% مقارنة بالانكماش خلال الربع الثالث بنسبة 0.3%، أما عن القراءة السنوية فمن المتوقع أن تظهر انكماشا بوتيرة أعمق من الربع الماضي بانكماش بنسبة 1.7% مقارنة بالثلاثة أشهر المنتهية في أيلول بانكماش بنسبة 1.6%.
العائق الأساسي الذي يواجه الاقتصاد الأسباني السياسات التقشفية الصارمة التي أقرتها الحكومة خلال الفترة الماضية بهدف السيطرة على الارتفاع في عجز الميزانية العامة، و التي تتضمن بشكل أساسي رفع في الضرائب و تخفيض في تكاليف القطاع العام( أي تخفيضات كبيرة في الانفاق العام)
أن هذا السياسات التقشفية الصارمة كان لها الأثر السلبي على مسيرة نمو الاقتصاد الأسباني فقد سببت انخفاضا ملحوظا في مستويات الإنفاق الاستهلاكي، ناهيك عن الاداء السلبي لجميع القطاعات الاقتصادية خلال الأشهر الماضية التي عانت و لا تزال تعاني من انكماش اقتصادي وسط تفاقم أزمة الديون الأوروبية التي بدأت تلقي بظلالها على الاقتصاد مع الضعف الكبير جدا في أداء القطاع المصرفي لا يزال يعاني من تداعيات الأزمة الائتمانية الماضية في 2008 جراء فقاعة العقارات.
أن أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد الأسباني أيضا الارتفاع الكبير جدا في معدلات البطالة التي ارتفعت لمستويات قياسية جديدة خلال الربع الماضي حول 26%، و هذا ما جعل مهمة حكومة راخوي أصعب إذ لم تستطيع الحكومة الوفاء بعهودها بتخفيض العجز في الميزانية العامة أو حتى انعاش الاقتصاد الأسباني الذي وقع في ركود اقتصادي للربع الخامس على التوالي.
ضمن الحديث عن راخوي، فأنه يستعد لتشكيل حزمة من الإجراءات التحفيزية الصغيرة المتمثلة بإعفاءات ضريبية من شأنها مساعدة الشركات الصغيرة و ذلك من أجل تحفيز الاقتصاد و الحد من الآثار السلبية للسياسات التقشفية التي شلت أداء الاقتصاد، إذ سيقوم بالإعلان عن حزمة من الإجراءات العلاجية ( التحفيزية )في 20 من شهر شباط.
تأتي هذه الحزمة التحفيزية ردا على اللوم الذي يتحمله راخوي من ايقاع الاقتصادي في ركود اقتصادي دون بلوغ المستويات المستهدفة من عجز الميزانية التي من غير المحتمل أن تلتزم أسبانيا بالجدول الزمني الذي وضعه صندوق النقد الدولي لبلوغ الحدود المستهدفة من عجز الميزانية العامة.
هذا ما أكده المفوض الأوروبي لشؤون الاقتصادية أولي رين بالأمس بان أسبانيا سوف تتأخر في تحقيق المستويات المستهدفة من تقليص العجز في ميزانياتها العامة في حال واصل الاقتصاد الانغماس في دائرة الركود الاقتصادي.
عزيزي القارئ، الوضع الأسباني صعب جدا في الوقت الراهن خاصة مع التوقعات باستمرار الركود الاقتصادي في البلاد، التي لا تزال مترددة من طلب قرض إنقاذ مالي من المقرضين الدوليين خوفا من التنازل عن سيادتها على ميزانيتها العامة و تابعيات الحصول على قروض إنقاذ، إلا أن هذا الخيار يبقى موجودا.
أخيرا، أننا على موعد مع بيانات الثقة الاوروبية التي شهدت خلال الشهر الماضي ارتفاعا ملحوظا حسب ما اكده مؤشر ZEW، و اليوم أننا على موعد مع مؤشر مناخ الاعمال في منطقة اليورو و التي من المتوقع ان تشهد انخفاضا في مستويات التشاؤم عند -1.0 من السابق -1.12، و من المتوقع ان ترتفع الثقة بالاقتصاد إلى 88.2 من السابق 87.0، و من المقدر أن يسجل مؤشر ثقة المستهلك ثباتا عند مستويات -23.9.
دعمت مستويات الثقة في منطقة اليورو من تصريحات المسؤولون الاوروبية بان الأسوأ من ازمة الديون الأوروبية قد انتهى، بالإضافة إلى الدعم القادم من قرار الفائدة الأوروبي خلال الشهر الجاري الذي دحض كل التوقعات بتخفيض أسعار الفائدة، و مع مساهمة الانخفاض في العائد على السندات الأسبانية و الايطالية في دعم مستويات الثقة.